مقالات

الظاهرة الإرهابية الجديدة… “هجوم الأقارب”/ سيداحمد اطفيل

المهاجمون مدربون جيداً لدرجة أنهم يجيدون إستخدام الأسلحة الآلية بشكل ملفت للإنتباه، فمن خلال آثار الطلقات على زجاج إحدى السيارات المستهدفة من قبل عناصر الهجوم الإراهبي على مقر صحيفة شارلوت في باريس، يمكن ملاحظة أن الطلقات كانت متقاربة و دقيقة من ما يوحي أن العناصر تلقوا تدريباً نوعياً داخل فرنسا، أو خارجها في إحدى ساحات الجهاد التابعة للجماعات الإرهابية المتناثرة حول العالم.
كما أن من المحتمل أن يكون الإرهابيون عائدون لتوهم من الأراضي الشاسعة التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية (داعش) في العراق و سورية، أو قادمون من اليمن حيث تنشط القاعدة في جزيرة العرب، و التي تعهدت في ما مضى بمعاقبة كل من يسيئ أو يستهزء بالإسلام أو نبي الإسلام بحجة حرية التعبير، بل و قدمت قائمة طويلة لأسماء المهدور دمهم من قبل التنظيم كانت تشمل بعض ضحايا الهجوم على صحيفة شارلوت.
و يبدي المسلمون إستياءهم في كل مرة تقدم صحيفة غربية علىالسخرية من نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، و هو يعطي “تنظيم القاعدة” دفعة قوية لإرسال رسائل تهديدً واضحة، عند ما قال الشيخ أسامة بن لادن : “إذا كانت حرية أقوالكم لا ضابط لها فالتتسع صدوركم لحرية أفعالنا” كان هذا تهديداً كما كان إشارة خضراء لكل أنصار تنظيم القاعدة في العالم بالبدئ في العمل المسلح ضد كل من يعبر عن طريق أي وسليلة إعلامية بأسلوب لا يلتزم بالضرابط التي من شأنها أن تحترم مقدسات المسلمين.
-لماذا فرنسا؟
فرنسا من أكثر الدول الأروبية التي سجل إلتحاق مواطنوها بالجماعات المسلحة و بالتحديد بالدولة الإسلامية (داعش)، و قد ظهر شباب في تسجيلات عديد نسبت لعناصر من داعش فرنسيوا الجنسية، و هم يوجهون رسائل و تهديدات من خلال هذه التسجيلات إلى الدولة الفرنسية، بسب تضييقها على النساء المسلمات المنقبات في فرنسا، كتمييز يستهدف المسلمين دون غيرهم من أتباع الديانات الأخرى في فرنسا العلمانية، حسب تعبيرهم،
بالإضافة إلى الحرب التي أعلنتها فرنسها على الجماعات الجهادية في شمال مالي (آزاواد) و التي كانت السبب في القضاء عليهم و إسقاط دولتهم الأصولية حينها، كما أنها قتلت منهم الحشد الكثير.
هذا بالإضافة إلى مشاركة الدولة الفرنسية بقواتها في الحرب في العراق و سوريا من خلال تقديم الإستشارة العسكرية، و القصف الجوي، و الإمداد بالسلاح المستمر لجيوش الأنظمة في سورية و العراق المحاربة لداعش.
هذه الأسباب مجتمعت كانت تكفي لدفع هذه التنظيمات المتطرفة إلى إعلان العداء و التخطيط لهجمات ضد الدولة الفرنسية في عقر دارها، و هو ما حدث بالفعل.
-الذئب المنفرد
من المعلوم أن الإرهاب أخذ منعرجات و أشكال عددة بعد الفشل الذي لحق بالعديد من المخططات و العمليات الإرهابية التي أحبطتها الأجهزة الأمنية في العالم، و التي دفعت الإرهابيين إلى إختراع فكرة العمل الفردي لأنصارها، و ذلك بعد أن يشحن الفرد المؤدلج ضد هدف معين، ثم ينطلق بعد ذلك من تلقاء نفسه لينفذ عملية إرهابية دون أن تكون له أي علاقة تنظيمية أو تنسيق مسبق مع جماعة بعينها، و يطلق على هذا النوع من الأفراد ذوي المبادرات الإرهابية الذاتية: ب “الذئب المنفرد” و هو من أخطر أشكال الإرهاب التي تهدد الأمن في البلدان الأكثر عرضة للعمليات الإرهابية، و ذلك لصعوبة أكتشافه قبل أن ينفذ إعتداءاته.
-“هجوم الأقارب”
لكن الظاهرة الجديدة و السابقة من نوعها في عالم الإرهاب و التي يمكن تسميتها ب “هجوم الأقارب” هي شكل جديد من أشكال العمل الإرهابي المنظم داخل العائلة الواحدة، من ما يضمن لها السرية و الحفاظ على المخطط الأرهابي بعيدا عن أعين الأجهزة الأمنية، أو من يمكنهم أن يخترقوا جدار الدائرة الضيقة للمنفذين، أو يشي بهم إلى أجهزة الأمن لتلك الدول المستهدف من قبل الإرهابيين،
و هذا النوع من الهجوم يمكن التأريخ له بشكل دقيق منذ يوم 15 أبريل 2013 في مدينة بوسطن الأمريكية، بعد تفجير عبوتين عند خط النهاية لماراثون بوسطن من قبل شقيقان من أصل شيشاني، و هما جوهر تسارنايف (19 عاما) وتامرلان تسارنايف (26 عاما) و منذ تلك العملية تأكدت لدى هذه التنظيمات نجاعة ما يمكن تسميته “هجوم الأقارب”، بعد تنفيذ العملية الإرهابية بعيداً عن أعين الإستخبارت و الأجهزة الأمنية في أكثر الدول أمناً في العالم، و بتحديد هذا ما نشهده الآن في حادثة الهجوم على صحيفة شارلوت الفرنسية في باريس، حيث من المحتمل أن يكون المنفذان شابان ينتميان لنفس العائل إن لم يكوناشقيقان، ولحد الآن تتهم السلطات الأمنية في باريس شابان هما كل من سعيد قوراشي و شريف قراشي.

تكرار هذه الحالة من العمليات النوعية و التي يقوم بها أشقاء أو أفراد من نفس العائلة يجعلنا أمام ظاهرة جديدة و مختلفت عن سابقاتها التي تقوم بها “الخلايا العنقودية” و “الخلايا النائمة” و “الذئب المنفرد”، إنها ظاهرة “هجوم الأقارب” و التي ستضيف تحدياً أمنيا جديد إلى التحديات السابقة التي لم يتم التغلب عليها بعد.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button