أخبارأخبار عاجلةمقالات

لوحة الأديب التقي الشيخ البديعه ” ما هذه مسرحيهْ”*

أنباء انفو- وكأن الشاعر يخاطب المترسب الثقافي السلبي في العقل الجمعي الشعبوي الذي يوظف (المسرحية) كمصطلح للتعبير عن عدم جدية المشهد ؛ فيقولون هذه مسرحية تعبيرا عن عدم الثقة أو سخرية ؛ خاصة إذا تعلق الأمر بالأداء الحكومي ؛ بيد أن المسرح مجال فني ثقافي مهم ومؤثر ؛تجسد عبره النصوص الأدبية إلى مشاهد تمثيلية تحمل رسالة مهمة ؛غير ما يترسب في ذهن اغلب الموريتانيين .

 

 

وقد استخدم الأديب التقي (ما النافية ) واسم الإشارة (هذه) ليصنع بشبه جملة قصيرة صورة ناصعة ترد على كل ما يتبادر للأذهان الشعبوية من مشهد إنقاذ شبو من سد بومديد الهادر.
فأداء الحكومة والجيش أداء حقيقي لا مجازي أو مخادع

هذي مشاهدُ حيّهْ

ثم يؤكد الشطر الثاني ذلك بمبنى لغوي مكتنز يحيل إلى مدلول المشاهد الحية التي ألفها الجمهور والتي ترتبط بمدلول النقل المباشر للمشاهد.

شكراً لمن قد تدلّى

ثم يختصر السياق _وتلك لمحة بلاغية سياقية _بالتعبير عن شكر المنقذين للطفل شبو ؛ محيلا إلى معاني عميقة تبرز في ظلال الشكر ؛ تعبر عن مدى التأثر بحال شبو وعمق التعاطف الشعبي معه ؛ ويعمم الشكر على فريق الإنقاذ بذكر المتدلي ؛ بتعبير الجزء عن الكل ؛ فهو تدلى من مروحية لها طاقم قياده ؛ وخلفه دعم لوجستي ونسق أوامر يصل إلى رئيس الجمهورية؛ فهو باسمنا جميعا يعبر عنا ويشكر الدولة جميعا على الاستجابة لدموع ومشاعر الجميع ؛ والشكر مدعاة الاستزاده ؛ فهو بذلك يستحث الدولة والنظام لتقديم مايلزم لكل شعبنا خاصة في حالات الطوارئ لتجد شعبها شاكرا .

من هذه المروحيهْ

وتستمر أدوات القرب التي تجسد تصوير المشهد الحي ؛ وتربط أجزاء الصورة ؛ فتلك مروحية وذاك المتدلي منها ؛ والتدخل الجوي كان حاسما

ليُنقذ الروح لما :: كادت تموت ضحِيهْ

ثم يبرز الهدف الذي أنجز ؛ وهو إنقاذ روح طفل مواطن ؛ روح تختزل أهمية أرواحنا جميعا ؛ وكأن الشاعر يحيلنا للأية 32 من سورة المائدة
مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفْسًۢا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلْبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِى ٱلْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ))
والآية الكريمة فيها ربط للقتل والفساد في الأرض والإسراف .

وقد عرف الروح ولم ينكرها ؛ فقال لينقذ الروح ؛ فالتعريف هنا استغراقي وجنسي ؛ فما تم إنقاذه ليس روح شبو وحده؛ ونكر الضحية ؛ (كادت تموت ضحية) والتنكير أعم من التعريف ؛ فكل ضحية قد تموت نتيجة الكوارث في بلدنا نتأثر بها جميعا ونتعاطف معها وكل إنقاذ لضحية من شعبنا هو إنقاذ لنا جميعا.

نص قصير مباشر لأنه يرسم لوحة لحدث مباشر
لغته مناسبة للشعر الخطابي الموجه لأوسع قاعدة من المتلقين .
ظلال مبناه تناسب الغرض وظلال معانيه لها معنى ؛ ومعنى معنى لابد أن يجده أهل الاختصاص في روابط المبنى والمعنى.

شكرا للأديب التقي فقد تعددت خبراته وملكاته ؛ فهو هنا فنان يرسم لوحة ببحر له إكراهات جمله الشاعرة.

 

* عبد الله ولدبونا

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button