بعد الإعتراف بمغربية الصحراء .. رئيس وزراء إسبانيا فى موريتانيا للمرة الثالثة خلال عام و نصف

أنباء انفو-يبدأ رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيث، الأربعاء16 يوليو 2025 زيارة رسمية إلى نواكشوط على رأس وفد حكومي رفيع المستوى يضم عدة وزراء، زيارة هي الثالة لرئيس حكومة إسبانيا إلى موريتانيا خلال عام و نصف .
الزيارة، تأتي في ظرف إقليمي دقيق، تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية وأمنية، وتعكس توجها واضحا من الحكومة الإسبانية نحو تعميق شراكاتها الثنائية مع موريتانيا والمغرب، في إطار استراتيجي جديد بدأ يتبلور منذ إعلان مدريد دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء.
مصادر إسبانية مطلعة أكدت أن اللقاء الذي سيجمع سانشيث بالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني سيكون مناسبة لبحث ملفات حساسة، أبرزها ملف الهجرة غير النظامية الذي يشكّل أولوية لدى مدريد في ضوء تزايد تدفق المهاجرين انطلاقًا من السواحل الموريتانية نحو جزر الكناري. وبحسب ذات المصادر، فإن الطرفين سيوقعان على مجموعة من الاتفاقيات التي تشمل ميادين الرقابة البحرية، والهجرة الدائرية، والتعليم العالي، والتنمية الاقتصادية، وهي ملفات تندرج ضمن رؤية شاملة تتبناها إسبانيا لتأمين حدودها الجنوبية من خلال تعزيز التعاون المباشر مع بلدان المصدر والعبور.
ولا تنفصل زيارة سانشيث إلى نواكشوط عن الدينامية الجديدة التي تنتهجها إسبانيا في علاقاتها مع الرباط ونواكشوط، بعد أن أبدت مدريد دعمها العلني للمغرب في قضية الصحراء في مارس 2022. إذ ترى دوائر القرار في مدريد أن التقارب مع المغرب وموريتانيا يمثل حجر الزاوية في أي مقاربة واقعية وفعالة لمعالجة التحديات المتداخلة التي تعرفها منطقة الساحل وشمال إفريقيا، بما في ذلك الهجرة والأمن والطاقة. وتراهن الحكومة الإسبانية على جعل موريتانيا شريكا موثوقا في هذا التوجه الجديد، مستفيدة من موقعها الجغرافي، واستقرارها السياسي، ودورها المتنامي في الملفات الإقليمية، خاصة في ما يتعلق بالوساطات والنقل البحري والطاقة.
وتأتي هذه الزيارة بعد أشهر فقط من إطلاق مدريد والرباط لآلية التعاون الدائم في مجال الهجرة، ومن زيارة سابقة أجراها سانشيث إلى داكار، ما يؤكد أن السياسة الخارجية الإسبانية بصدد التحول من مقاربة رد الفعل إلى استراتيجية استباقية، تراهن فيها على الشراكات الثنائية المباشرة لتأمين مصالحها جنوب المتوسط، والتقليل من اعتمادها على الهياكل الأوروبية البيروقراطية. كما يُرتقب أن يشهد منتدى الأعمال الإسباني-الموريتاني، الذي سينظم على هامش الزيارة، مشاركة واسعة من رجال الأعمال، وتوقيع اتفاقيات في مجالات البنية التحتية، والتكوين المهني، والتبادل التجاري، ما يعكس بعدًا اقتصاديًا متصاعدًا في علاقات البلدين.
ورغم أن موريتانيا لم تتخذ موقفًا معلنًا بخصوص الموقف الإسباني من قضية الصحراء، إلا أن مراقبين يرون في التقارب الإسباني معها محاولة متوازنة من مدريد لتوسيع قاعدة شركائها المغاربيين دون إثارة حساسية الرباط، وتأكيدًا على أن دعم المغرب لا يعني تجاهل موريتانيا، بل العكس، هو جزء من سياسة مزدوجة تسعى من خلالها إسبانيا إلى حفظ التوازن في منطقة تموج بالتحولات.



