قضية الصحراء : تحولات استراتجية تزامنا مع الذكرى الـ26 لجلوس الملك محمد السادس على العرش

أنباء انفو- مع اقتراب الذكرى السادسة والعشرين لتولي العاهل المغربي محمد السادس العرش، تبرز قضية الصحراء كأحد أبرز الملفات التي شهدت تحولات استراتيجية ملموسة خلال فترة حكمه، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث تعززت المواقف الدولية المؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط كحل سياسي لإنهاء النزاع الإقليمي المستمر منذ أكثر من أربعة عقود.
وخلال عام 2025، سجلت الدبلوماسية المغربية ما تصفه مصادر متطابقة بـ”تقدم نوعي”، تمثل في إعلان عدد من الدول سحب اعترافها بـ”الجمهورية الصحراوية” التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد. وتبقى الجزائر الدولة العربية والإسلامية الوحيدة التي تواصل دعم هذا الكيان، الذي لا يحظى باعتراف من قبل الأمم المتحدة.
وتُظهر المعطيات المتوفرة أن غالبية دول العالم، وخصوصًا من داخل الأمم المتحدة، أصبحت تدعم بشكل علني المقترح المغربي، في وقت تؤكد فيه عواصم غربية وازنة، كواشنطن وباريس، أن مبادرة الحكم الذاتي تشكل أرضية جادة وواقعية لتسوية النزاع، بما يحفظ الاستقرار الإقليمي ويضع حدًا لحالة الجمود الطويلة.
كما برز دعم لافت من قبل دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى عدة بلدان إفريقية وآسيوية وأمريكية لاتينية. وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، عبرت دول مثل إسبانيا والمجر وفرنسا وإستونيا عن مواقف داعمة، فيما انضمت كرواتيا ومولدوفا مؤخرًا إلى قائمة المؤيدين، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على توسع خارطة الدعم داخل الفضاء الأوروبي.
وفي تحرك عملي يعكس هذا الزخم، عززت المجر حضورها الدبلوماسي في الأقاليم الجنوبية، بينما عبرت سلوفينيا، بصفتها عضوًا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، عن دعمها العلني للمبادرة خلال لقاء رسمي جمع وزيري خارجية البلدين.
على أرض الواقع، تتواصل الزيارات الرسمية إلى مدن الصحراء، خاصة العيون والداخلة، من طرف وفود إفريقية، ضمن مسارات تعاون اقتصادي وتنموي، كان آخرها مع كوت ديفوار وليبيريا، وذلك في سياق رؤية مغربية تسعى إلى ربط دول الساحل الأطلسي بشبكة مشاريع إقليمية مهيكلة، أبرزها مشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب.
وتسجل الأقاليم الصحراوية جنوب المغرب، إقبالاً متزايدًا من المستثمرين الأجانب، في دلالة على تنامي الثقة الدولية في فرص التنمية والاستقرار بهذه المنطقة التي تشهد تحولات اقتصادية متسارعة.
وفي ضوء هذه التطورات، تتزايد الدعوات داخل الأوساط السياسية والدبلوماسية إلى أن تلعب الأمم المتحدة دورًا أكثر فعالية، عبر تبني مقاربة واقعية تأخذ بعين الاعتبار المعطيات الجديدة على الأرض، والتطورات الجيوسياسية الإقليمية والدولية المرتبطة بالملف.
ويرى عدد من المتابعين أن الشراكة المتقدمة بين المغرب وموريتانيا، والتي شهدت في السنوات الأخيرة تطورًا لافتًا في مجالات متعددة، قد تساهم في تعزيز مسارات الاستقرار والتعاون الإقليمي، وتوفير أرضية أوسع لبلدان المنطقة للانخراط في جهود البحث عن حل دائم ومقبول من جميع الأطراف.



