هل يرضخ ولد الشيخ الغزواني لضغوط الحلفاء ويترشح لولاية ثالثة رغم القيود الدستورية؟

أنباء انفو- بدأ النقاش السياسي مبكرا فى موريتانيا حول مأمورية ثالثة للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني .
نقاش لايطفو علنًا في الخطاب الرسمي، لكنه حاضر بقوة في الكواليس والنقاشات الداخلية، مفاده: هل يتجه ولد الشيخ الغزواني، إلى كسر القاعدة الدستورية والذهاب نحو مأمورية رئاسية ثالثة؟.
في الظاهر، لا تزال النصوص الدستورية تمنع ذلك بوضوح، غير أن التجارب الإقليمية وخصوصيات الواقع المحلي الموريتاني تفتح الباب أمام هذا الاحتمال.
عوامل متعددة قد تجعل من هذا الخيار مبررًا وجيهًا، إذ الأغلبية السياسية التي أوصلت الغزواني إلى الحكم تعيش حالة من التمزق والتشظي، ولم تعد قادرة، حتى الساعة، على إنتاج شخصية جامعة يمكن الاتفاق عليها لخوض الاستحقاق الرئاسي المقبل، مما يزيد من مخاوف فقدان الموقع التنفيذي الأول في حال تمكن خصومه السياسيون من الدفع بمرشح قوي.
أمام هذا العجز، قد تجد قوى الحكم نفسها مضطرة إلى مطالبة ولد الشيخ الغزواني، بتحمل المسؤولية مجددًا، في خطوة تُقدَّم على أنها استجابة لتحديات المرحلة وضمان لاستمرار الاستقرار السياسي والمؤسسي في البلاد.
وعلى المستوى الخارجي، لا تخفي قوى إقليمية ودولية تأثيرها على المشهد الموريتاني، وتحديدًا دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ترتبط بنواكشوط بشراكات استراتيجية واسعة، تنظر إلى ولد الشيخ الغزواني كضامن لاستمرار المشاريع والاستثمارات في منطقة شديدة الهشاشة أمنياً.
كذلك، فإن العواصم الأوروبية، التي تراجعت قبضتها التقليدية على الساحل بعد تمدد النفوذ الروسي، قد ترى في بقاء الرئيس الحالي صمام أمان لضبط التوازنات، خصوصاً في ظل ما يُحكى عن تنسيق وثيق في ملفات الأمن والطاقة والهجرة.
دول الأقليم خصوصا الجارة الشمالية المملكة المغربية وحليفتها جارة موريتانيا الجنوبية (السنغال) ، لا تبدو معترضة على بقاء ولد الشيخ الغزواني في الحكم، بل على العكس، تظهر مواقفها المعلنة وغير المعلنة ميلاً واضحًا للاستمرار في التعامل مع نظامه، نظراً لما أظهره من براغماتية وتوازن في الملفات الإقليمية، ولما يتمتع به من مقبولية شخصية وعلاقات متينة مكنت خلال مأموريته الأولى وبداية المأمورية الثانية الجارية من بناء تعاون استرتيجي بين موريتانيا وبلدانهم.
ومع أن الدستور الموريتاني يمنع بصرامة أي مأمورية ثالثة، إلا أن التجربة الأفريقية مليئة بالنماذج التي تم فيها تجاوز النصوص عبر التعديل أو إعادة الصياغة أو الاستفتاء الشعبي.
وما من شك أن الرئيس ولد الشيخ الغزواني، الذي راكم في السنوات الأخيرة رصيداً سياسياً وتحالفات داخلية، يملك من الأدوات ما يكفي للدفع بهذا الخيار إن قرر خوضه.
وإذا كان ولد الشيخ الغزواني، قد أبدى سابقاً التزامه الصريح بعدم السعي لتعديل الدستور، فإن تعقيدات الواقع السياسي والمخاوف الجدية من وصول شخصية مدفوعة بميول “انتقامية” إلى الحكم قد تدفعه إلى مراجعة هذا الموقف، تحت ضغط الحلفاء ونداء الاستقرار، وربما تحت مطلب داخلي يرفعه من كانوا في وقت سابق أقرب إلى التناوب مما هم اليوم إلى المغامرة بفقدان السلطة.
قد لا يكون ترشح ولد الشيخ الغزواني، لمأمورية ثالثة رغبة شخصية أو طموح سلطوي، بل خيارًا تفرضه الضرورة السياسية، واستحقاقًا تمليه تحديات الداخل ومصالح الخارج، في لحظة إقليمية دقيقة تتطلب من قادة المنطقة ما هو أبعد من الالتزام الحرفي بالنصوص… نحو مقاربة براغماتية للاستقرار الذى يواجه مخاطر كبيرة لاتعد ولاتحصى.



