أخبارأخبار عاجلةعربيمقالات

ملك المغرب يخاطب الجزائر بلغة الشجاعة السياسية..الاتحاد لا يُبنى بالجدران *

أنباء انفو- اختار عاهل المملكة المغربية  الملك محمد السادس ، هذا العام (2025) أن يوجّه ومن خلال خطاب العرش،  رسالة سياسية بليغة إلى  الجزائر.

رسالة تجاوزت الإطار البروتوكولي المعتاد، وعكست رؤية استراتيجية عميقة لمستقبل العلاقات الثنائية، ولأفق التكامل الإقليمي في شمال إفريقيا.

لقد أعاد العاهل المغربي الملك محمد السادس،  تأكيد موقفه الثابت من الجزائر، واصفًا شعبها بـ”الشقيق”، ومبرزًا ما يجمع البلدين من روابط اللغة والدين والتاريخ المشترك، في تعبير واضح عن تمسّكه بخيار التهدئة والانفتاح.

 لم يكتف الملك محمد السادس،  فى خطاب الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش، بلغة التمنيات، بل عبّر عن استعداد المغرب لحوار “صريح ومسؤول، أخوي وصادق”، يشمل مختلف القضايا العالقة بين البلدين، في دعوة تبدو وكأنها تعرض على الجزائر فرصة مراجعة تموضعها الإقليمي، والانتقال من منطق المواجهة إلى منطق الشراكة.

اللافت أيضا فى هذا الخطاب الإشارة ،  إلى أن الاتحاد المغاربي لا يمكن أن يتحقق دون انخراط المغرب والجزائر، وكأن العاهل المغربي يحمّل الجزائر ضمنًا مسؤولية تعثّر مشروع الوحدة المغاربية، الذي ظل حبيس الخلافات الثنائية لعقود.

إلى ذلك ،يُقرأ خطاب عيد العرش هذا العام  في سياق إقليمي ودولي بالغ التعقيد، التحديات الأمنية في الساحل بالغة الذروة،  و التنافس بين القوى الدولية على النفوذ في شمال إفريقيا قائم على أشده. ، وفق هذا المنظور، قدّم الملك محمد السادس،  المغرب كطرف مسؤول، لا يرى في استمرار القطيعة خيارًا استراتيجيًا، بل عقبة أمام الاستقرار والتنمية في المنطقة.

بلغة هادئة لكنها حاسمة وجّه العاهل المغربي رسائل مزدوجة، الأولى للداخل تؤكد ثبات المغرب على نهج الحكمة، والثانية للخارج تفيد بأن الرباط لم تكن يومًا عائقًا أمام بناء المغرب الكبير، بل ظلت على الدوام منفتحة على كل مبادرة حوار جاد.

كما إن دلالة توقيت الخطاب لا تقل أهمية عن مضمونه، ففي وقت تتزايد فيه الأصوات الدولية والإفريقية المطالبة بتعزيز التعاون الإقليمي، يأتي هذا النداء الملكي ليذكّر بأن المستقبل لن يُبنى على أسس التجاذب العقيم، بل على شجاعة الجلوس إلى طاولة الحوار.

بهذا المعنى، لا يبدو الخطاب مجرد مناسبة سنوية للاحتفاء، بل إعلان نية سياسية متجددة، وإعادة تموقع مغربي ضمن مشهد إقليمي يحتاج إلى التبصّر أكثر من التشنج، وإلى بناء الجسور أكثر من تعلية الجدران.

* الشيخ أحمد أمين

مواضيع مشابهة

Back to top button