رؤية استشرافية لمشروع الساحل المغاربي”G10″.. الحلقة الاولى : التكامل الإستراتيجي بين موريتانيا والمغرب

أنباء انفو- في سياق الرؤية التي طرحها اليوم الإثنين 11 أغشت2025، “معهد الآفاق الجيوسياسية” (IGH) حول إنشاء اتحاد ساحلي–مغاربي يضم عشر دول من المغرب العربي ومنطقة الساحل , تحت مسمى “G10” الساحلي–المغاربي، ليجمع: موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، مالي، بوركينا فاسو، النيجر، تشاد، والسنغال. ويهدف المقترح إلى كسر الجمود المزمن الذي يطبع اتحاد المغرب العربي ومعالجة هشاشة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا
تبرز موريتانيا فى هذا التكتل الجديد، كلاعب محوري بحكم موقعها الجغرافي الفريد وعمقها السياسي الذي يربط بين شمال القارة وغربها.
فالموقع الحدودي لموريتانيا يجعلها البوابة الطبيعية بين المحيط الأطلسي والفضاء الساحلي، كما يمنحها قدرة على لعب دور الجسر الرابط بين فضاءين اقتصاديين وأمنيين مختلفين، وهو ما يضعها في قلب أي بنية تكاملية مستقبلية.
أهمية الدور الموريتاني لا تنحصر في الجغرافيا فحسب، بل تمتد إلى البنية السياسية والعلاقات الخارجية التي حافظت عليها نواكشوط بمرونة وواقعية.
وفي هذا الإطار، تظل الشراكة الاستراتيجية الثنائية مع المغرب إحدى ركائز السياسة الموريتانية التي لا يمكن التفريط فيها، خاصة في ظل تنامي المبادرات المشتركة في مجالات البنية التحتية، والنقل البحري، والطاقة، والأمن، وآخرها التعاون ضمن المبادرة الأطلسية التي تمنح دول الساحل منفذًا استراتيجيًا إلى المحيط.
هذه الشراكة تمنح موريتانيا ليس فقط عمقًا اقتصاديًا، بل أيضًا سندًا دبلوماسيًا يمكن استثماره في صياغة التوازنات داخل أي تكتل إقليمي جديد.
كما أن الموارد البحرية الهائلة التي تمتلكها موريتانيا – والمقدّرة بمئات آلاف الأطنان سنويًا – تجعلها طرفًا رئيسيًا في الركيزة البحرية والاقتصاد الأزرق للاتحاد المقترح، في تكامل مع القدرات المغربية والسنغالية.
وإلى جانب ذلك، تملك موريتانيا إمكانات زراعية ومعدنية غير مستغلة بالكامل، يمكن أن تتحول إلى عنصر جذب للاستثمارات الإقليمية إذا ما تم ربطها بشبكات النقل والطاقة العابرة للصحراء.
على الصعيد الأمني، يمكن لموريتانيا أن تقدم قيمة مضافة مهمة، فهي واحدة من الدول القليلة في الساحل التي نجحت في احتواء التهديدات الإرهابية داخليًا خلال العقد الماضي، ما يجعل تجربتها في بناء مقاربة أمنية وقائية محل اهتمام الشركاء.
وفي إطار الاتحاد المقترح، يمكن أن تلعب دورًا في تنسيق العمليات عبر الساحل، خاصة مع دول مجموعة لبتاكو–غورما التي تواجه تحديات أمنية معقدة.
إلا أن استفادة موريتانيا القصوى من هذا المشروع تتطلب إدارة دقيقة لتوازناتها الإقليمية، بحيث تظل شراكتها الاستراتيجية مع المغرب حجر الزاوية في علاقاتها شمال–جنوب، مع الحفاظ على انفتاحها على باقي الدول الأطراف، بما يضمن لها موقعًا متقدمًا في رسم أجندة الاتحاد الجديد بدل الاكتفاء بدور الممر أو الحلقة الرابطة.



