موريتانبا ببن الرباط وداكار : هندسة جديدة لعلاقات الجوار نحو الساحل الأفريقي

أنباء انفو- لم يكن لقاء طوكيو يوم أمس الثلاثاء ،بين الرئيسين الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني والسنغالي بسيرو ديوماي فايي، على هامش مؤتمر تيكاد 9، مجرد محطة بروتوكولية، بل حلقة جديدة في سلسلة من الخطوات التي تؤكد الأهمية المتزايدة التي توليها نواكشوط لعلاقاتها مع دول الجوار، خاصة السنغال والمغرب.
إذ يظل السنغال والمغرب الشريكان الأكثر التصاقًا بموريتانيا.
تشترك السنغال مع موريتانيا على حدود برية وبحرية تمتد من ضفاف نهر السنغال جنوبًا إلى أعماق الأطلسي غربًا، وهو ما يجعل التعاون بين نواكشوط وداكار مسألة تتجاوز مصالح ثنائية إلى رهانات تخص استقرار غرب إفريقيا والساحل.
اتفاقية الإقامة والتنقل الموقعة في يونيو 2025 جاءت لترسخ هذا التوجه، بتبسيط حركة الأفراد وتحرير التبادلات من قيود معقدة عمرها عقود.
العنصر الأكثر حساسية في هذه المعادلة يظل مشروع الغاز “السلحفاة الكبرى أحميم” (GTA)، الذي بدأ إنتاجه مطلع 2025. المشروع لا يمثل فقط رافعة مالية، بل يضع موريتانيا والسنغال في موقع متقدم كلاعبين في سوق الطاقة العالمية.
ومع إدماج البعد المغربي عبر البنية التحتية والموانئ البحرية، يتشكل محور ثلاثي قادر على لعب دور اقتصادي وسياسي مؤثر في غرب إفريقيا.

المغرب، فيمثل الواجهة الشمالية لعمق الشراكة الموريتانية. فمعبر الكركرات لم يعد مجرد منفذ تجاري، بل صار شريانًا استراتيجيًا يربط موريتانيا بفضاء غرب إفريقيا. ويضاف إلى ذلك الإطلالة المغربية على الأطلسي، ما يمنح الرباط ونواكشوط معًا واجهة بحرية متكاملة على أحد أهم الممرات البحرية الدولية، وبعدا جيوستراتيجيا، يعزز من قيمة الشراكة بين البلدين، ويضعها في صدارة معادلات الأمن والاقتصاد الإقليمي.
من خلال هذا التوجه، يبدو أن نواكشوط تسعى إلى بناء هندسة جديدة لعلاقات الجوار، تجعل من التعاون مع داكار والرباط قاعدة ارتكاز، ليس فقط لتعزيز الاستقرار الثنائي، بل أيضًا لإرساء توازن إقليمي أوسع يمتد نحو فضاء الساحل وغرب إفريقيا.



