الأوهام السبعة المؤسسة لتعنت “البوليساريو”/ إبراهيم الوجاجي
أنباء انفو – يقول نيتشه: “البشر لا يحبون سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون لأوهامهم أن تتحطم”
هذه المقولة العميقة في المعنى والدلالة تنطبق على جبهة البوليساريو التي ضمنت لها العقود الأربعة أن تصير صنما لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر ولا يغني عن الصحراويين شيئا، هذه الوضعية الشاذة في التنظيمات السياسية تقف وراءها مجموعة من الأسس/ الأوهام التي ستتبخر شيئا فشيئا لتعري سوأة المرتزقين بالقضية.
وفيما يلي أستعرض تلك الأوهام السبعة التي يتأسس عليها تعنت قيادة البوليساريو:
الوهم الأول: وهم التمثيلية الحصرية للصحراويين
بسبب الدعاية المكثفة، التي قامت بها الدبلوماسية الجزائرية على مدى العقود الأربعة الماضية، استطاعت أن تسوق في المحافل الدولية أن البوليساريو هو الممثل الشرعي والوحيد للصحراويين، وهي أكذوبة دأبت على تكرارها، حتى أضحت كأنها حقيقة في نظر الكثيرين، لكن هذه الأكذوبة بدأت تتلاشى شيئا فشيئا، بسبب عوامل ومستجدات كثيرة،
فقد بدأت أصوات صحراوية من داخل المغرب، كما في مخيمات تندوف ، تدعو إلى عدم اعتبار بوليساريو الطرف الوحيد، الذي يتعين التفاوض معه، خاصة مع بروز تيارات صحراوية من داخل المخيمات تطالب بمنحها حق التعبير عن رأيها وإبراز موقفها، كما هو الشأن بالنسبة بالنسبة للقيادات والأطر العائدة إلى أرض الوطن وكذا تيار “خط الشهيد”، ومصطفى سلمة، ومنتدى مؤيدي الحكم الذاتي في تندوف، وغيرها من التنظيمات والتيارات، التي دخلت في مواجهة مع قيادة بوليساريو، وأصبحت تطالب باستقلال القرار، والخروج عن دائرة تعليمات النظام الجزائر.
فالوحدويون هم الذين يمثلون الأغلبية الساحقة من الصحراويين، وهذا يتجسد في كل استحقاق انتخابي يعرفه المغرب، إذ تشهد الأقاليم الصحراوية أعلى نسبة للمشاركة، في انتخابات تعرف كل أنواع الصراع والتجاذب، لكنها تبقى انتخابات يطبعها التنافس والشفافية، سواء في الانتخابات الجماعية أو الانتخابات التشريعية،
وقد أبرزت وثائق ويكيلكس أن “عددا كبيرا من المقابلات والمصادر المستقلة تعتبر أن الهدف الرئيسي لغالبية الصحراويين يتمثل في المزيد من الحكم الذاتي بدل تقرير المصير”،مبرزة أن ما يدل على ذلك هو معدل المشاركة “المعتبر” الذي تم تسجيله خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة.
الوهم الثاني: وهم تأسيس الدولة
إن الخطأ الجسيم الذي أجرمت قيادة البوليساريو به في حق الصحراويين هو إعلان الدولة ، فهو خطأ استراتيجي أملته الدول الحاضنة على قيادة الجبهة لتوريطها وضمان صراع مزمن تدبر به أزمتها مع المغرب، فالكل يعلم أن إعلان دولة دون مقومات السيادة هو ضرب من قصور الحنكة السياسية، ذلك أن إعلان الدولة له التزاماته القانونية والأخلاقية وهو الشيء الذي لم تحسب له الجبهة أي حساب كالنظر مثلا إلى مستقبل ومآل الصراع الذي تدعي فيه الجبهة أن الشعب هو من سيقرر المصير بينما تنوب عنه في إعلان الدولة دون الرجوع ولو على الأقل إلى ساكنة المخيمات.
إن الهاجس الأول لدى جبهة البوليساريو عند تأسيسها لم يكن إنشاء دولة، بل تحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني لكن الأمور تغيرت لما تدخلت قوى أخرى على رأسها الأنظمة العسكرية في ليبيا والجزائر.
فالقناعة باستحالة قيام الدولة أملته ظروف ذاتية للقضية وظروف موضوعية، وهذه الخلاصة توصل إليها جل المشتغلين بموضوع الصحراء،ومنهم السيد بيتر فان فالسيوم الذي قدم تقريره عن الصحراء يوم الاثنين 21 أبريل 2008، وقال في مذكِّـرة إلى مجلس الأمن تتضمّـن ملاحظاته وتقديراته لتسوّية النزاع، “إن استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقعيا”، داعيا “الدول الخمس عشرة، أعضاء المجلس، إلي التوصية بمواصلة المُـفاوضات، مع الأخذ بالاعتبار الواقع السياسي والشرعية الدولية” وأن “الذي يهُـمّ هو التوصّـل إلى توافُـق بين هذين المبدأين”.
وأوضح “لقد أحسَـست بالحاجة إلي إعادة التأكيد علي هذه الخلاصة، المتمثِّـلة في أن استقلال الصحراء الغربية ليس هدفا قابلا للتحقيق، لأنه يبدو أن هذه الخُـلاصة قد تمّ حجْـبها خلال مُـفاوضات مانهاست، مع أن هذه الحقيقة التي تفرِض نفسها اليوم، كانت هي أساس مُـسلسل المفاوضات الجارية حاليا”، مشدِّدا على أنه يرفض “الفكرة التي مؤْداها أن أخذ الواقع السياسي بعيْـن الاعتِـبار يشكِّـل تنازُلا أو استسلاما”.
وتبنَّـى مبعوث الأمم المتحدة المُـقاربة المغربية لتسوية النزاع، المرتكِـزة على منح الصحراويين حُـكما ذاتيا تحت السيادة المغربية. واقترح سحب المغرب لمُـبادرته بمنح الحُـكم الذّاتي للصحراويين وسحب جبهة البوليساريو لطلبها بتقرير المصير مؤقّـتا (لفترة تتراوح بين ستة وتسعة شهور على سبيل المثال) من جدول المفاوضات والتفاوض بشكل حقيقي وبدون شروط مسبقة، ولكن على أساس فرَضِـية مؤقّـتة، مفادها أنه لن يكون هناك استفتاء مؤدّي إلى الاستقلال كخِـيار، وبالتالي، فإن النتيجة ستكون بالضرورة أقلّ من الاستقلال الكامل.
وذهب بيتر فان فالسيوم بعيدا في اقترابِـه من الموقف المغربي من النزاع الذي يقوم على أساس أنه نزاع مغربي جزائري، وليس بين المغرب والصحراويين، حيث قال “إن السبب الرئيسي الذي يجعلني أجِـد أن الوضع القائم أمرٌ لا يُـطاق، كونه وضعا تجِـد فيه راحتها، ليس فقط أطراف غير معنِـية لبلدان بعيدة، ولكن أيضا أطراف مؤيِّـدة بشكل غير مشروط لجبهة البوليساريو، والتي لم تعِـش هي نفسها داخِـل المخيَّـمات، ولكنها مُـقتنعة بأن أولئك الذين يعيشون في هذه المخيمات، ربّـما يفضِّـلون البقاء هناك بصورة دائمة، بدل الاتجاه نحو حلٍّ مُـتفاوض بشأنه أن يكون أقل من الاستقلال الكامل”.
لقد اعتبر السيد بيتر فان فالسوم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، أن البوليساريو والجزائر ليس لهما من هدف سوى إطالة أمد مسلسل المفاوضات حول الصحراء ما أمكن.
ودافع الديبلوماسي الهولندي في حديث ليومية “إن إر سي هونديلسبلاد” الهولندية ، عن حقه في التعبير عن رأيه بمجلس الأمن الدولي، حيث اعتبر أن خيار استقلال الصحراء غير واقعي.
وقال “اعتبرت أنه إذا لم أعبر عن رأيي الآن ، سأشعر ، بعد عام، بأني قد أصبح متجاوزا بشكل كبير” و”مهددا بفقدان مصداقيتي، وكأنني كلفت بهذه القضية فقط لأجعلها تدوم إلى ما لا نهاية”، معتبرا أنه رغم غياب الأفق، فقد حظيت مهمته، رغم كل ذلك، بتشجيع ، خاصة من طرف الجزائر التي تساند البوليساريو. وأن قناعته كانت مخالفة لذلك وأن الأمور، في نظره، لم تكن تسير بشكل جيد.
وتساءل السيد فان فالسوم “هل من المقبول أخلاقيا أن نترك جيلا من أطفال البوليساريو يترعرعون داخل مخيمات ؟”، مذكرا بقراره القاضي بدعوة البوليساريو إلى “الدخول في مفاوضات شاقة بهدف الوصول إلى صيغة حكم ذاتي مضمونة تحت السيادة المغربية”.
وقبل فالسوم كان السيد إيريك يانسن الممثل الخاص الأسبق للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء, قد صرح أمام اللجنة الرابعة للأمم المتحدة, أن الحكم الذاتي يشكل الحل الوحيد لقضية الصحراء, مشيرا إلى أنه” يتعين على البوليساريو التخلي عن بعض طموحاته”..
وفي هذا السياق, ذكر السيد يانسين الذي كانت شهادته محط اهتمام كبير, بأنه ألف كتابا بين فيه فشل مسلسل تحديد الهوية في إطار مخطط التسوية ودعا إلى حل سياسي متفاوض بشأنه. وقال إنه بعد انتهاء مهمته في الصحراء التي دامت خمس سنوات (1993 -1998 ):” ألفت كتابا أبرزت فيه الأسباب التي تبين أن مسلسل تحديد الهوية لا يمكن أن يفضي إلى أية نتيجة”.
وأضاف أن السيد بيتر فان فالسوم” الذي خلفني سار على نفس قناعاتي من خلال تأكيده أن فكرة الاستقلال خيار غير واقعي”, مبرزا أن سكان الصحراء يستحقون” مستقبلا لائقا ومضمونا في منطقة هامة استراتيجيا”.وأكد أن” أعضاء اللجنة الرابعة يدركون جيدا أن مبدأ تقرير المصير يمكن أن يطبق بأشكال مختلفة, هناك خيارات أخرى غير الاستقلال”.
أما المبعوث الأممي للأمين العام للأمم المتحدة الحالي السيد كريستوفر روس، وحسب مصادر صحفية فقد أطلع قيادة الجبهة، خلال زيارته الأخيرة (مارس 2015) للمخيمات، بأن إمكانية إقامة دولة صحراوية “أصبح أمرا مستحيلا وغير قابل للتطبيق”.وعلل ذلك بمجموعة من القرائن خاصة منها الوضع داخل المخيمات التي تشهد احتجاجات متواصلة ضد قيادة البوليساريو، وهو ما يعني أن الإجماع والتوحد حول مشروع الدولة الذي تقوده جبهة البوليساريو يبعث على الشك والريبة” يورد القيادي في البوليساريو.
الوهم الثالث: وهم الحضن الجزائري
ظل النظام الجزائري الفاعل الوحيد والمؤثر في جبهة بوليساريو، منذ ما يزيد عن 40 سنة، فهو من أوى الجبهة فوق أراضيه، وساعدها على تكوين المخيمات في تندوف، بترحيل الصحراويين البدو الرحل قهرا من الصحراء إلى هذه المخيمات، وهو من سخر المال لاستقطاب المرتزقة من الجزائر ودول الجوار، وهو، أيضا، من فتح في وجهها مؤسساته للتكوين الحربي، وهو من مدها بالسلاح والذخيرة الحية، وهو من سخر كل طاقاته الدبلوماسية للدعاية لفائدة بوليساريو، وبذلك، يعد الآمر الناهي، وما البوليساريو سوى أداة يستعملها هذا النظام لمعاكسة استكمال المغرب لوحدته الترابية
فالجبهة تعتبرها الجزائر ورقةً أساسيَّة في مناصبة العداء للمغرب، إلى درجة أنه يمكنها تقليص الاستثمارات في الداخل، مع رفع قيمة دعم الخارج، لأنَّها تدرِي أن وزنها في عددٍ من الدول الفقيرة مثل الموزمبيق وإثيبوبيا مرتهن بما تبعثهُ منْ أموال، أوْ ما ترسلُ بهِ من مساعداتٍ عينيَّة منْ بترُول وغازٍ.
إن الحضن الجزائري أعتبره وهما لأنه مستند إلى الجنرالات وليس خيارا شعبيا، فقد تأثر 1988 بالمظاهرات الشعبية والهجوم على قنصلية البوليساريو وتأثر بالتخوف من صعود الإسلاميين والعشرية السوداء كما تأثر بتغير موقف الشاذلي بنجديد ومحمد بوضياف….
فمنْ الأجدى والأنفع أن يكون رهاننا على الشعب الجزائري عوض انتظار حصول تغير رسمي في سياسة البلاد، على اعتبار أنَّما يؤُول من الثروات النفطيَّة إلى الانفصاليِّين وشراء ذمم أخرى في إفريقيا، تستحقه شرائح واسعة من الشعب الجزائري.
يقول السيد نورالدين بلالي في أحد حواراته :عندما نقارن بين علاقات البوليساريو بكل من ليبيا والجزائر، فهي في الحالة الليبية علاقات مستقلة، فالقذافي لم يكن يريد التحكم في البوليساريو أو تسييرها، فكان يغدق الملايير عليها وينفق بسخاء مقابل الاستمرار في حربها ضد المغرب، لكن في الحالة الجزائرية اكتشفنا في مرحلة لاحقة أن أجهزة الاستخبارات العسكرية الجزائرية هي المتحكمة في كل شيء، وأن الجزائريين لم يكونوا يريدون للجبهة الخروج عن سيطرتهم، ولهذا كانوا يتدخلون في كل شيء ويملون على الجبهة ماذا تفعل وماذا لا تفعل، حتى إنهم على المستوى العسكري كانوا يتضايقون من تزويد القذافي لنا بالصواريخ، وكانوا يقولون لنا على سبيل النكتة “نحن الجزائريين حررنا بلادنا بالمكحلة وعليكم أن تفعلوا كذلك مثلنا”.
وأضاف أن الرئيس الشاذلي بنجديد وجه الجبهة إلى خيار التفاوض مع المغرب، واستدعي محمد عبد العزيز وقال له “عليكم أن تختاروا حل التفاوض مع الرباط، لأن خيار الاستقلال أصبح صعبا”، لكن عبد العزيز وجد نفسه في ورطة وعوض أن يجيب الرئيس بنجديد طلب مهلة للتفكير، وفي المرة اللاحقة رجع إلى قصر المرادية مصحوبا بوفد من مستشاريه وحاول أن يدفع الرئيس الجزائري إلى التحدث عن خيار الانضمام إلى المغرب أمام باقي أعضاء الوفد الصحراوي، وهو ما فعله بنجديد دون أي تردد، وقال أمام الوفد الصحراوي “لن تقوم دولة مستقلة جنوب المغرب”.
أما وزير الدفاع الجزائري السابق سيد خالد نزار فقد شرح أمام ملايين المشاهدين في برنامج زيارة خاصة لسامي كليب على الجزيرة أنه اختلف في مرحلة معينة مع وفد البوليساريو وطلب منه الخروج من المكتب وقال لهم لا يمكن أن تقاتلوا إلى الأبد من على التراب الجزائري في مرحلة معينة.
الوهم الرابع: وهم المساندة الدولية
أعتبر هذ المساندة وهما لأنها تقوم على مبدإ معاكسة المغرب فكلما تقدم المغرب في تعزيز علاقاته مع الدول الداعمة والمعترفة بالانفصاليين إلا ووفرت البوليساريو والجزائر تكاليف السفارة وسفيرها في تلك البلدان.
فالجبهة التي كانت في سنوات خلت تتبجح باعتراف أغلب دول إفريقيا وأمريكا بها، لم تعد بذلك الحجم بسبب تساقط أوراق خريفها الدبلوماسي سنة بسنة، حيث سحبت العديد من الدول اعترافها بالجبهة التي تأسست سنة 1973، فيما جمدت بلدان أخرى الاعتراف بها.
ويبلغ حاليا عدد الدول التي لازالت تعترف بجبهة البوليساريو، وتربط معها علاقات دبلوماسية علنية، 34 بلدا فقط، أغلبها يوجد في القارتين الإفريقية والأمريكية، ومنها أنغولا وناميبيا وجنوب إفريقيا، ونيجيريا، ومالي، وموريتانيا، والجزائر، وبوليفيا والمكسيك..
وأما البلدان التي سحبت أو جمدت أو علقت اعترافها بجبهة البوليساريو الانفصالية، فيبدو أنها في تزايد مستمر، ويبلغ عددها 46 بلدا، منها الهند، وسوازيلاند، ومدغشقر، والهند، وكولومبيا، وتشاد، والباراغواي، وزامبيا، وبوركينا فاصو، وغيرها من دول العالم.
ويُسَجل أن معظم الدول التي اعترفت بجبهة البوليساريو كانت خصوصا في سنوات السبعينات، وهي الفترة الزمنية التي كانت تتسم بتوهج مطالب الانفصال وتقرير المصير، وارتفاع أسهم تيارات الاشتراكية واليسارية بالعالم، بينما انطلقت شرارة التراجعات عن الاعتراف بالجبهة منذ التسعينات، وارتفعت وتيرتها بحلول الألفية الثالثة.
ويبلغ عدد الدول، أعضاء منظمة الأمم المتحدة، التي لم يسبق لها أن اعترفت بالجبهة الانفصالية، 113 بلدا، منها الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، واسبانيا، والصين، والبرازيل، والأرجنتين، وتركيا، وبلغاريا، والنرويج، وإيطاليا، والعراق، ومصر، وتونس، والسودان، واليمن، وغيرها من البلدان.
إن الوهم الذي تعيشه الجبهة قائم على أساس أن المساندة الدولية لها غير مشروطة بينما الواقع يؤكد عكس ذلك لا سيما مع التقرير الأوربي الأخير حول اختلاس الدعم الوجه لساكنة المخيمات. وقبل ذلك أعرب الحزب الشعبي الإسباني ذات مرة عن أسفه إزاء الموقف المتشدد للبوليساريو، محذرا إياه من أن نزاع الصحراء قد يتسبب في ملل المنتظم الدولي. وأكد المتحدث باسم لجنة الشؤون الخارجية للحزب الشعبي بالبرلمان السيد غوستافو دو أرستيغي، في تصريح لوكالة الأنباء الاسبانية “سيربميديا” يوم الجمعة، أن” مفهوم الحكم الذاتي لا يتعارض مع مفهوم تقرير المصير”، واستحضر السيد ارستيغي في هذا السياق تصريحات المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء السيد بيتر فان فالسوم الذي كان قد استبعد فيها خيار استقلال هذه المنطقة.
الوهم الخامس: وهم التخوف والتوجس من الديكتاتورية في المغرب
كشفت برقيات ديبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس، أن غالبية سكان الصحراء يؤيدون المخطط المغربي للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية مبرزة الفرق بين “تنافس سياسي حقيقي” يسود جنوب المغرب, و”النظام (الذي تقيمه بوليساريو) على الطريقة الكوبية”.
فالجبهة تروج إشاعة مغرضة وسط الصحراويين حول القمع وانتهاك حقوق الإنسان لكن الزيارات المتبادلة كسرت كثيرا من هذا الجليد ناهيكم عن الضمانات الملكية المتجددة إزاء الخيار الديمقراطي، فضمن خطاب وجّهه للأمّة بمناسبة الذكرى ال 36 للمسيرة الخضراء، قال الملك محمد السادس إن الصحراء المغربية ستكون “نموذجا للجهوية الموسعة بما تنطوي عليه من انتخاب ديمقراطي لهيآتها ومن تحويل واسع للسلطات والإمكانات من المركز إلى الجهات، وكذا من آليات التضامن الجهوي والوطني والتأهيل الاجتماعي والتنمية البشرية”.
ثم إن المغرب منخرط في موجة جديدة من الإصلاحات تتمثل أساسا في الحكامة الدستورية وإحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتكريس دور مجلس منافسة وغيرها، في سياق الرقي بتجربته في مجال حقوق الإنسان أحدث العديد من المؤسسات من بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط ناهيكم عن اللجن الجهوية لحقوق الإنسان المكلفة بمهام تتبع ومراقبة وضعية حقوق الإنسان بالجهة، وتلقي الشكايات المتعلقة بادعاءات انتهاك حقوق الإنسان، كما تعمل على تنفيذ برامج المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومشاريعه المتعلقة بمجال النهوض بحقوق الإنسان، بتعاون مع كافة الفاعلين المعنيين على صعيد الجهة.
الوهم السادس: وهم القدرة على العودة إلى الحرب
في كل مرة بمناسبة أو غير مناسبة تررد الجبهة استعدادها للعودة إلى الحرب، لكن انتكاستها هذه المرة وخيبتها من سنة الحسم دفعتها إلى إجراء مناورات استخدمت فيها دفاعات جوية وراجمات للصواريخ وعشرات الآليات المدرعة إضافة إلى المئات من مقاتليها.ولم يتردد أحد القادة العسكريين للبوليساريو في إطلاق تهديدات صريحة تجاه المغرب، حيث قال إن “خيار الحرب يظل مطروحا باستمرار ما لم يحدث تقدم ملموس في عملية السلام”.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات لا تخرج من دائرة الاستفزاز والضغط على الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى المنطقة كريستوفر روس الذي بدأ يُمهد لطرح تصور جديد على قيادة البوليساريو ، يقوم على أساس أن مشروع إنشاء دولة قائمة الأركان بالصحراء وفق ما تنادي به البوليساريو “أصبح مستحيلا بحكم التحولات العميقة التي حدثت بالمنطقة”.
ويرى البعض أن مثل هذه المناورات المتزامنة مع شهر أبريل موجهة بالأساس للاستهلاك الداخلي بالمخيمات.
الوهم السابع: وهم تمديد الصراع لاستنزاف المغرب
تسعى البوليساريو وحاضنتها الجزائر إلى العزف على وتر الزمن ذلك أن طول أمد الصراع يستنزف المغرب على المستوى المالي وعلى المستوى الديبلوماسي وعلى المستو الحقوقي،
فقضية الصحراء للمغرب تشكل في الحقيقة عبئا لما تكلفه اقتصاديا وسياسيا من خزينة الدولة، وأشارت أسبوعية “الأيام” إلى أن الكلفة المالية لاستمرار نزاع الصحراء المغربية على مدى 38 سنة تقدر بحوالي 2700 مليار درهم باعتبار القيمة الآنية للدرهم. وأكد الملك في خطابه أن كل درهم تستفيد منه خزينة الدولة من مداخيل تلك المنطقة تصرف عنه الدولة 7 دراهم أخرى، وهو ما يشكل استنزافا حقيقيا للموارد المالية للدولة. ناهيكم عن التكاليف الأخرى الموازية المادية والبشرية , خاصة بالعتاد العسكري واللوجيستيكي الدائم.
كل هذه التكاليف وغيرها يتحملها المغرب حكومة وشعبا لأنها تتعلق بوجوده ومصيره ولا مجال للمساومة عليها، فكل رهان على التنصل منها فهو رهان خاسر، ثم إن الذي تغفل عنه الجبهة أن ساكنة المخيمات التي أنجبت الجيل الثالث الآن ربما تسطيع التحمل والتكيف مع الوضع بخلاف الجيل الصاعد الذي سيفتح آفاقا للتخلص من جحيم المخيمات وجبروت زبانية الطغمة الحاكمة.
فبيننا وبينكم الزمان لنرى إذا انجلى الغبار أووهام تلك أم حقائق ؟؟؟؟