أراجيف ” الانقلابيين” / سيدي محمد ولد ابه
يعيش بعض الساسة والإعلاميين في موريتانيا من الجرائم والأزمات، ومنها يعتاشون، فهي البضاعة الأكثر رواجا لدى الصحافة الصفراء، والمجال الأنسب لـ”المتاجرة” في سوق النخاسة السياسية..
خلال الأسابيع الماضية أرعدت الأحزاب وأبرقت ودقت
ناقوس الخطر محملة الأمن الوطني مسؤولية نفوق الوحوش الكاسرة في غاباتها، والنظام السياسي جريرة انتشار الحمى “الخريفية” متحدثة عن انفلات أمني وصحي غير مسبوق مسهبة في الحديث عن نوع الحمى وطريقة العدوى وغيرها من الأمور التفصيلية التي لا يفقهون عنها القليل.
ومع انحسار الحمى بفعل شجاعة ومؤهلات الطواقم الطبية جاء الدور هذه المرة على الجرائم التي لايسلم منها أي تجمع حضري أو بدوي على وجه البسيطة، الجديد هذه المرة هو اختلاق أنواع من الجرائم “البشعة” التي لا وجود لها إلا في بيانات الأحزاب ومواقع الصحافة الصفراء التي تتسابق لاجتذاب القارئ بالفضائح الجنسية وجرائم “القتل البشعة”.
لسنا هنا في وارد نفي أو تأكيد هذه الوقائع بقدر نسعى لكشف ما يجرى انطلاقا من صياغة الأخبار التي يتم تداولها عن هذه الجريمة أو تلك، ذالك أن 99% من المنشورات عن الجريمة لا تمثل خبرا بالمعايير المهنية، فلا تحديد لزمان ومكان الحدث، ولا لاسم الضحية أو الجاني، وهو ما يعني غياب أهم عناصر الخبر، إذ من السهل على أي تلميذ في الابتدائية أن يصوغ خبرا على شاكلة هذا دون الاستعانة بأي مصدر كأن يقول “إن شاهد عيان رأى رجلا يقتل آخر على شاطئ البحر” في هذه لم نفد القارئ ولم نقدم أي معلومة له أو لرجل الأمن..
أسهبت الصحافة الصفراء في الحديث مؤخرا عن الجريمة وتناسلت أخبار القتل والاغتصاب والسرقة تناسل المواقع نفسها، مما شكل مصدر قلق للمواطن وهو يقرأ يوميا عن “قتل” هنا و”اغتصاب” هناك.
وتلجأ بعض المواقع للاستنساخ جريمة في الهند واستبدال مدينة “انيودلهي” بحي الترحيل مثلا. وقس على ذالك باقي القصص الدراماتيكية التي تستجلب من مصر والارجنتين وجزر الباهاماس، ويتم التصرف فيها بنفس الطريقة..
ومما يؤسف له أن يتعاطى الساسة مع هذا النوع من الأخبار ويصدرون البيانات تباعا للتنديد بهذه الجريمة أو تلك محملين النظام مسؤولية “تدهور” الأمن، دون أن يكلفوا أنفسهم الاتصال بمصالح الشرطة لنفي أو تأكيد وقوع الجريمة.
لا أحد يستطيع أن ينفي حدوث عدد من الجرائم هنا أو هناك منها السرقة وتمثل 90% من الدافع للجريمة، والباقي تتقاسمه حوادث الاغتصاب والاختطاف فيما لا تمثل جريمة القتل 1% من كل الجرائم سنويا حسب الشرطة الوطنية، التي أكدت على لسان كبار قادتها أنه قياسا إلى العالم الآخر فإن موريتانيا من أكثر الدول أمانا ولا تسجل فيها جريمة قتل واحدة ضد مجهول حتى الآن.
وتمتلك أجهزة الأمن العام عناصر على احترافية عالية وخبرة طويلة في التعامل مع المجرمين واعتقال أشدهم خطورة خلال ساعات من ارتكابه الجريمة.
ختاما هذه نماذج من العناوين الصادرة على الصحف الرقمية، والتي تحدثت عن جرائم قتل واغتصاب بصيغ مختلفة لكنها جميعا لا تتوفر على الحدث الأدنى من معايير الخبر المتعارف عليها دوليا..
جريمة جديدة تهز نواكشوط .. شاب يغتصب خطيبته ويضرب أمها
عصابة تقتل عريسا وتتناوب على اغتصاب عروسه
جريمة إغتصاب جديدة في نواكشوط
جريمة قتل جديدة بالعاصمة نواكشوط
جريمة قتل جديدة فى نواكشوط
جريمة قتل بشعة تهز نواكشوط الجنوبية
نواكشوط : جريمة قتل بشعة (صور صادمة)
جريمة قتل بشعة تهز العاصمة انواكشوط
تُجمع المدارس الصحفية على أن الخبر المكتمل الذي يصلح للنشر هو الذي يجيب على الأسئلة الستة: من؟ ماذا؟
كيف؟ متى؟ أين؟ لماذا؟ ولا تشترط الإجابة على السؤال التعليلي الأخير “لماذا؟
تلك من أبجديات الإعلام وتعتبر أول درس في مدارس ومعاهد الصحافة، وأي خلل في الرد على واحد من الأسئلة يلغي الخبر برمته.
فرجاء أريحوا أعصاب المواطنين أيها “الإعلاميون” وكفوا عن المتاجرة بهمومه ومشاغله أيها المنتفعون بالسياسة.!؟