انهيار الدولة و”تواصل” جرائم النظام / سيدي علي بلعمش
انتهت سنة التعليم بإغلاق المحاظر بعد تسريب الباكلوريا و بيع المدارس و قطع منح الطلاب و إغلاق جامعة نواكشوط (جامعة تبعد 30 كم من أكثر مناطق نواكشوط بلا باصات، هي جامعة مغلقة)…
– و قبل سنة التعليم الكارثية ، كانت سنوات محاربة الرشوة و المحسوبية و الفساد الإداري التي انتهت بسيطرة ثلة من أقارب ولد عبد العزيز على كل مداخيل البلد (فتح خمس بنوك لأقاربه و طرد بقية البنوك الموريتانية، ليلجأ ولد انويكظ إلى مالي و ولد تاج الدين إلى السنغال و ولد مكيه إلى السجن و البقية ما زالت تقاوم الإفلاس كل على طريقته الخاصة) ..
أصبح الحديث عن منح صفقات التراضي متجاوزا، و الحديث عن منحها على مقاسات شركات الأقارب عداء للقبيلة و حسدا لها على ما أتاها الله.. حصر أمر الحالة المدنية في يد شخص واحد (معتوه شيد قبر أمه بثلاثين مليون أوقية من حقوق الفقراء ليحوله إلى حفرة من الجحيم) بلا مساعد و لا مستشارين و لا محاسب و لا رقيب على مؤسسة صممت لاستنزاف جيوب الشعب، أصبح دخلها أكبر من دخل كل البنوك مجتمعة…
ـ آخر جرائم ولد عبد العزيز هي سنة “القيم” و هذا يعني بلا شك أننا سنلاقي بعد أشهر فقط، عجائز زوايا الحواضر في البيكيني على شواطئ التعري و أئمة المساجد ينادمون شلة رئيس مجلس الشيوخ في كازينوهات المغرب و داكار على الروليت.. بدأ ولد عبد العزيز سنة “القيم” (كعادته) بإغلاق المحاظر الموريتانية العتيقة ، رمز هوية البلد و أهم روافد قيمه و ثقافته و جبل مجد تاريخه الأشم، في وقت تعيش فيه البلاد انفلاتا أمنيا أخطر من أي إرهاب، في حرب مفتوحة على القيم تغذيها المخدرات و الخمور و ألعاب الغمار و شبيكو و الاغتصاب و انتشار أوكار الفواحش المحمية و تحكم القوادة و المخنثين في دفة توجيه حياة النخب المزورة الحاكمة و توزيع أشرطة التنصير باللهجة الحسانية من دون أن تفتح فيها السلطات أي تحقيق أو توليها أي بال.. ! لقد فشل ولد عبد العزيز في تنظيم حوار يلامس ما تخبئ نفسه من مكر، كان يحاول من خلاله أن يجر الساحة إلى وليمة مسمومة ، يحرق فيها كل معارض و يخدر كل ماجن سياسيا من مثقفي الارتزاق.
و حين اكتشف أن المعارضة تغيرت (من دون أن يدرك كيف و لا بأي بفعل و لا ماذا تنوي)، نفض أياديه من الحوار و اتجه إلى الخطة “ب” في مشروع تمسكه بالحكم. يقول الكثيرون إن ولد عبد العزيز لا يمكن أن يفكر في البقاء في الحكم و يتهكم آخرون، “ما حاجته إليه بعد 10 سنين نهب فيها كل خيرات البلد” ؟ و يتساءل البعض بثقة نفس، ما حاجته إلى البقاء في كرسي يستطيع أن يخلفه لمن يشاء من فريق مقربيه الأوفياء، الكارعين مثله في كل حياض الإجرام و الفساد؟
ـ إن من يبيع مدارس الدولة لأقرب مقربيه لا ينوي الذهاب ..
ـ من يفتح 5 بنوك لأقرب مقربيه من نهب خيرات بلد لا يفكر البتة في الخروج من الحكم..
ـ من يفتح شركات التأمين و يشيد العمارات و الأسواق لا يفكر في مغادرة الحكم ، لا الآن و لا بعد الآن ..
ـ من يضغط على المزارعين و يسد الحلول أمامهم ليبيعوا مزارعهم لمقربيه، لا يفكر في الخروج من الحكم .. لا يمكن لولد عبد العزيز أن يفكر في الخروج من الحكم بعد ما ارتكبه من جرائم في حق هذا الشعب لأن الطريقة الوحيدة لحماية نفسه و ذويه هي أن يبقى فيه.
و بيع المحرمات لأقاربه (بلوكات و المدارس و تراخيص البنوك و شركات الاتصال و التأمين) هو نوع من التوريط ، لكي لا يحولوا أموالهم إلى الخارج و يهربوا و يتركوه وحيدا كما فعلوا بعد إطلاق النار عليه في شقة “أطويله”..
ـ ما يجهله الكثيرون هو أن ما يخفى من جرائم ولد عبد العزيز و عصابته يشابه تماما ما ظهر من جرائم القذافي بعد قتله و مصيره سيكون مشابها حد التماهي لمصيره ..
ـ لقد أصبح ولد عبد العزيز يدرك الآن أنه لا يستطيع بأي معجزة أن يضمن فوز أي شخص يرشحه و من تخفى عليه هذه الحقيقة لا يفهم أي شيء من ما يحدث في البلد اليوم . و صحيح أن المنافقين كثر في هذا البلد مع الأسف، لكن أيا منهم لم يجد غايته عند ولد عبد العزيز ليتحولوا إلى أكثر الناس بغضا له: ـ لا يستطيع ولد عبد العزيز اليوم (و هو مدرك لذلك تماما) أن ينجح في انتخابات لا بأصوات منافقين و لا بتزوير عابثين و لا بعربدة “بازيب”..
ـ لن يستطيع أي أحد تزوير الانتخابات القادمة و لا الانقلاب على نتائجها و من لا يفهم أن الزمن تغير و أن مثل هذه الممارسات أصبحت جزء من الماضي البشري السحيق، سيكون الخاسر الأكبر فيها.
ـ لا يملك ولد عبد العزيز اليوم أي وجه يستطيع أن يدعو به الناس للتصويت له بعد ما عرفته من ظلم و جور و فساد و محسوبية و فوضى و انحراف في عهده المشؤوم و الدولة الآن في حالة إفلاس كامل و على جميع المستويات المادية و الأخلاقية و الأمنية و الاجتماعية. لم يبق أمام ولد عبد العزيز اليوم إلا التنحي عن الحكم و هو أمر لا يستطيع الإقدام عليه بسبب ما ارتكبه من جرائم في حق هذا البلد الذي تم تدميره بالكامل على أيادي عصابة أقاربه المجرمة أو فرض نفسه بالقوة عن طريق إعلان حالة الطواري على الطريقة المصرية و هو أمر لن يكون مقبولا عند العالم إلا إذا كان مبررا بحرب على الإسلام تحت تسمية غير مباشرة مثل “الحرب على الإرهاب” كما يحاول الآن:
ـ لقد تم استهداف المحاظر و إغلاقها لاستفزاز “الحركة الإسلامية” (تواصل) المستهدفة من قبل النظام لتبرير حالة الطواري، من دون أن يدرك ولد عبد العزيز و زبانيته أن هذا الأمر يستفز مشاعر كل الموريتانيين و يمس أهم مقدساتهم .
و صحيح أن محاضرة الشيخ الددو في “منبر الخميس”، التي دعا فيها إلى فتح عشر محاظر مقابل إغلاق كل محظرة ، كان إعلان حرب، لكن الأصح أن ما قدم فيها من مبررات دامغة كان رسالة واضحة إلى كل مسلم و إلى كل موريتاني على وجه الخصوص.. و صحيح أكثر أنها كانت رسالة خالية من أي لمسة سياسية، كان التحريض فيها بما وعد الله المعادين لما جاء في كتابه و المدافعين عنه، لا ندري هل كان بيان “رابطة علماء موريتانيا” يحتج على كلام الله فيها أو يتهم الشيخ الددو بتحريفه؟ على “رابطة علماء موريتانيا” التي مررت مدونة الأحوال الخاصة أن تفهم أنها فضلت رواتب أصحابها على أن تكون مرجعية للشعب الموريتاني .. عليها أن تتذكر أن الشعب الموريتاني لا يتذكر حالة واحدة وقفت فيها “رابطة علماء موريتانيا” ضد أي قرار صادر عن أي نظام جائر في هذا البلد.. على “رابطة علماء موريتانيا” أن تفهم أن الشعب الموريتاني بكل أطيافه، يعتبرها جهازا لتبرير جرائم النظام، تماما مثل المجلس الدستوري و البرلمان بغرفتيه و المكتب التنفيذي للاتحاد من اجل نهب الجمهورية … إذا كان الدين عندكم لا يتجاوز “لا ترموا بأيديكم إلى التهلكة و لا تخالفوا الحكام” فماذا تركتم لرسالة لم يفرط الله فيها من شيء؟ إن بيان “رابطة علماء موريتانيا” يصب الزيت على النار و يزين لهذا المعتوه أعماله الشيطانية . أنتم بمثل هذ البيان تفتحون باب الفتنة بذريعة سده و أكبر فتنة نخشاها اليوم أن يضيع الشعب الموريتاني بين تضارب فتاوى علمائه . لو كان بيانكم لوجه لله لسعيتم إلى إقناع خصمكم لتثنوه عن رأيه أو يثنيكم عن آرائكم بدل هذه المواجهة المفتعلة .. و إذا تحدثنا بموضوعية عن المحاظر الموريتانية التي ما زال طلابها يراجعون بالليل على أضواء الحطب، بسبب إهمال الدولة لها، فبأي وجه تخاطبون أصحابها اليوم؟
ـ المحاظر الموريتانية ليست مفوضيات شرطة إن مهمتها الوحيدة هي تعليم القرآن و علومه لمن يأتيها و لا تعنيها خلفيته و لا تاريخه و لا طبيعة مهمته ، تلك مهمة الدولة : المفتي يرد على استشكالات الناس و لا يهمه إن كانت أسئلتهم واقعية أو افتراضية و القاضي يدينهم أو يبرئهم ..
ـ لماذا حين يقبض الأمن على مخالف للقانون في البنك المركزي يقال هذا مجرم و حين يقبض عليه في محظرة يقال المحاظر أصبحت أوكارا للإجرام؟ هذا هو أسوأ و أقدم أنواع الاستهانة ؛ فحين يرتكب الرجل خطيئة تقول الناس ما أشد حماقته و حين ترتكبها امرأة يقولون ما أشد حماقة النساء. ـ الدولة الموريتانية منذ نشأتها حتى اليوم لم تكرم المحاظر و لم تقدر جهودها و لم تحترم من خريجيها إلا من يسخرون معارفهم الدينية لتبرير أجرامها. و إذا ما ذهبنا أبعد من ذلك، سنجد أن الدولة و “رابطة علماء موريتانيا” و رابطة الأئمة و الشخصيات الدينية ذات الأبهة ، استفادوا جميعا من سمسرة و استغلال ملف المحاظر من دون علم الأخيرة و حصلوا على أموال جمة في الداخل و الخارج كانت المحاظر آخر من يسمع عنها. إن استسهال عصابة ولد عبد العزيز لبيع المدارس و إغلاق المحاظر و استعداد نخبه المزورة للدفاع عن جرائمه ، احتقار لهذا الشعب و تحد سافر لإرادته لا ينبغي أن يواجه بأي درجة من التفهم أو القبول و هذا بطبيعة الحال هو ما يسمى بالعصيان المدني و على من اختاره و فرضه على الناس أن يتحمل مسؤوليته. من يغلق المحاظر بسبب عدم تراخيصها قد يهدم غدا مسجد شنقيط أو مسجد وادان أو تيشيت بسبب عدم توفره على سجل عقاري و المحاظر مثل هذه المساجد ليست ملكا لأحد…
ـ لو قالت “رابطة علماء موريتانيا” إنها تدين إغلاق المحاظر و ترفضه لما استطاع ولد عبد العزيز الإقدام عليه و لتحاشوا بذلك الفتنة التي يرهبون لناس بها اليوم ، لكن و لأنهم يعرفون أنهم إذا أقدموا على ذلك سيستبدلهم عزيز بغيرهم فهم لا يستطيعون الإقدام عليه. و إذا كانوا يرون أن موقف الشرع يجعل مصالحهم الخاصة فوق الفتنة التي حولوها إلى وسيلة ترهيب لإخضاع الناس للظلم و الجور، فهذا مبحث آخر.. لقد فقد الناس في هذ البلد الثقة في السلطة ، فقدوها في النخبة السياسية و فقدوها في المثقفين و لم يبق لهم إلا أن يفقدوها في عماء البلد لتتحول الحياة فيه إلى جحيم كما بدأ يحدث بالضبط . و على علمائنا أن يفهموا أنهم هم السبب في هذا الوضع: لقد أصبحوا متسيسين أكثر من الأحزاب و براغماتيين أكثر من النخب و متمصلحين أكثر من الصحافة.. ـ لقد حذرت “تواصل” منذ عدة أشهر و في مقالات متعددة، مما يبيته ولد عبد العزيز لهم و لم يبق أمامهم اليوم لقطع الحبال في أياديه إلا أن يسحبوا منتخبيهم في البرلمان و البلديات بدعوى انحراف عصابته و الاعتذار للشعب الموريتاني عن المساهمة في تشريع نظامه و ديمقراطيته الكاذبة المكذوبة. و لأن ولد عبد العزيز يستهدفكم لتبرير بقائه سيكون سواء عنده حملتم السلاح في وجهه أو رفعتم رايات الاستسلام أو حتى أعلنتم الانضمام للاتحاد من أجل نهب الجمهورية. و لا شك أن أصحاب تواصل أدركوا ذلك اليوم لكنهم لن يفعلوا، لأن عبقرية الحزب في التنظيم الناتجة عن تاريخهم الطويل في العمل السري جعلتهم يهملون كل الجوانب الأخرى : لقد أصبح سلوك “تواصل” موضع تندر الجميع : فقدوا ثقة المعارضة و لم يكسبوا ود النظام .. آووا كل الحركات المتطرفة المدعومة من الغرب فلم يرض الغرب عنهم و خسروا تعاطف المجتمع الذي أصبح يصفهم بما لا يليق .. لا أحد يثق اليوم في التزامات “تواصل” .. لا أحد يراهن على صداقتهم .. لا أحد يطمئن للعمل معهم … هذه الشحنة السلبية هي ما تجعل “تواصل” اليوم في مأزق حقيقي؛ فلا أحد يستطيع الآن دعوة المعارضة للتعاطف معها أو رفض استهدافها.. لا أحد يستطيع الدفاع عنها أمام هجمة الدوائر الغربية التي تقول شيئا و تفكر في شيء آخر و تفعل شيئا ثالثا، التي رفض “تواصل” تحذيرات كل ناصح في طريقة التعامل معها و فشل في فهم حتى بديهيات مبتغاها.. لقد كانت المقابلة الأخيرة التي أجرتها قناة أو مفوضية “الوطنية” على الأصح، مع جميل منصور”كلام في السياسة” ، واضحة الأهداف و المغازي لمن يملك أبسط قدرة على التحليل أو الاستقراء: ـ لم توجه له و لو سؤالا واحدا عن المنتدى و مشاكله ..
ـ لم توجه له سؤالا واحدا عن الوضع الراهن في البلد.. ـ لم توجه له سؤالا عن أسباب فشل الحوار.. كانت كل أسئلة “القناة” (المخفر) عن خلفية تواصل و خطورة الإسلام السياسي و ما “يقال” عنه في الإعلام . و كان من الواضح أن مرونة جميل منصور و حنكته السياسية و قدرته الفائقة على الإقناع و خبرته الكبيرة في جر الحديث إلى ما يريد الكلام عنه و غياب مثل هذه المهارات لدى محاوره، حولت البرنامج إلى وقت ضائع من حياة كل من تابعه. لكن الواضح من أغراض لحلقة التي خرجت كليا عن نسق البرنامج المعروف، لا يخفى على أغبى الناس، حتى لو لم تتوفق في الوصول إليه.. و يعتقد الكثير أن ما يقوله الغرب هو ما يفكر فيه أو ما يعنيه : الغرب يعتمد على الدراسات و تقارير الأجهزة المتخصصة و ما تعلنه الدوائر الغربية هو ما يمكن أن يوصلها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لما يصب في بعض مصالحها من دون التأثير على بقيتها، في عمليات حسابية دقيقة لا تفهم غير الممكن و المتاح بعيدا عن أي أخلاق أو أي عواطف.. الغربيون يعرفون من هو ولد عبد العزيز و يعرفون كل الاتفاقيات التي أبرمها مع المنظمات الإرهابية في المنطقة منذ 2008 و يعرفون جيدا من قتل الفرنسيين في ألاك و من أخرج ولد السمان و رفاقه من السجن يوم زيارة أمير قطر و مواجهتهم المسلحة مع الأمن في تفرغ زينه لإظهار ضعف نظام الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله و التلويح بعدم قدرته على مواجهة الإرهاب و يعرفون من قتل الأمريكي في لكصر لنفس الأسباب و يعرفون تفاصيل صفقة عمر الصحراوي و علاقته الوطيدة بولد عبد العزيز و علاقاته مع ولد بو عمامة المتواجد الآن في باسكنو و علاقاته مع إيريك والتير و ولد بشراي و غيرهم من مجرمي المنطقة، لكن الغربيين يكيلون بألف مكيال و يعرفون جيدا متى يصطادون كل واحد و أين يصطادونه. إن إرهاب الشارع الموريتاني اليوم بخطورة شاب من مواليد 84، لا نعرف كيف تم تهريبه من السجن و لا لماذا تم تهريبه في هذا الوقت بالذات الذي يستهدف فيه ولد عبد العزيز الإسلاميين إرضاء لفرنسا، أمر يحتاج إلى وقفة تأمل و قراءة متأنية!؟ فأين بارون المخدرات الفنزويلي الذي تم القبض عليه قبل أسابيع في موريتانيا و الأخطر ألف مرة من الشيخ ولد السالك؟ أين ثعلب الصحراء عمر الصحراوي الذي كان يقود العملية التي يتهم ولد السالك بالمشاركة فيها؟ أين بارون المخدرات المطلوب من أكثر من جهة دولية الذي تم إخلاء سبيله قبل أسابيع في نواذيبو و أين ساعته المقدر ثمنها بمليون دولار؟ إذا كان المدافعون عن ولد عبد لعزيز يدركون ما يحدث في موريتانيا فليردوا على هذه الأسئلة و إذا كنوا لا يدركونه فليصمتوا.. إن هذه المسرحية الرديئة و هذه الصورة المرعبة لشاب يافع سقط في أول فخ و تبرير خطورته من قبل مواقع المخابرات بأنه كان يريد قتل ولد عبد العزيز كأن هذا هو كل هم شعبنا و كل مشاكله، كل هذا يدعو إلى الشفقة و الحيرة.. يدعو إلى الشفقة لأن شعبنا البريء يزهق المجرمون أرواح أبنائه يوميا بدم بارد و يرفض النظام حتى أن يعترف بما تعيشه بلادنا من انفلات أمني في حين يضع الجيش والأمن في حالة طواري قصوى لأن شابا يافعا كان ينوي قتل ولد عبد العزيز هرب من السجن .. و يدعو إلى الحيرة لأن نصف جيشنا يحرس ولد عبد العزيز و نصفه بين من يؤجرهم لكوت ديفوار و إفريقيا الوسطى و بين من يضعهم في المزاد للإيجار و البيع و نحن
ـ إمعانا في احتقار أنفسنا و إذلالها ـ نتأسى على هروب من كان ينبغي أن نعد له تمثالا من ذهب.. كل الأبرياء الذين يموتون اليوم في شوارعنا على أيادي اللصوص أعز و أطهر و أنقى و أجدر بالحياة من ولد عبد العزيز و هم من يجب أن نهب اليوم لحمايتهم، فلماذا يتم حشرنا في صراعات مافيا دولية ينصب بعضها على البعض و يغدر بعضها بالبعض و يورط بعضها البعض لا نعرف أيها أكثر إجراما؟ : لا فرق بين ولد عبد العزيز و عمر الصحراوي، لا فرق بينه و بين الشيخ ولد لسالك، لا فرق بينه و بين إريك والتير الذي أطلقه بالأمس بعفو رئاسي و يطلبه اليوم بمذكرة توقيف دولية.. فلماذا تجرنا مواقع و قنوات المخابرات إلى هبة شعبية للبحث عن من كان يريد قتل ولد عبد العزيز من دون أن نعرف لماذا كان يريد قتله و لا حتى هل صحيح أنه كان يريده؟ لا يمكن لمن يعرف ولد عبد لعزيز، أن يستغرب أن تكون هذه إحدى مسرحياته الماكرة. و سواء كان هذه السجين قد هرب أو تم تهريبه من قبل ولد عبد العزيز أو من قبل غيره لأن بلادنا اليوم تحكمها مافيات متصارعة و متضاربة المصالح ، تبقى النتيجة واحدة و هي أن هذا الأمر لا يعني شعبنا في شيء. إن بلدنا يسبح في بحر من دماء أبنائه الأبرياء على أيادي عصابات إجرام زمن ولد عبد العزيز التي أغرقت البلد بالمخدرات و مصانع الخمور و محميات الرذائل بشتى أنواعها : كل انحرافات المجتمع سببها المخدرات و “شبيكو” و لكي يتم لفت أنظارنا عن هذه الحقيقة، تنصب لنا شماعة الإرهاب ليتحول شعبنا إلى جدار حماية لهذه التجارة القذرة. على الشعب الموريتاني أن يدرك خطورة هذا الوضع و أن يقف بكل قواه ضد بقاء عصابة ولد عبد العزيز المكونة من “بازيب” و الاتحاد من أجل نهب الجمهورية و رابطة علماء موريتانيا و اتحاد الأدباء و صحافة الارتزاق … كل الأمور أصبحت مكشوفة .. لا يوجد اليوم في موريتانيا مغرر به : من يريد المساهمة في إنقاذ موريتانيا طريقه واضح و من يريد المساهمة في تخريبها طريقه واضح، فليتحمل كل مسؤولية قراره.