– قبل أن تحدث !!
بقلم :محمد الأمين بن الفاظل
المفاوضات الناجحة هي التي تضمن لكل الأطراف أن تخرج رابحة وهي تستوجب أن يقدم كل طرف بعض التنازلات مقابل بعض المكاسب التي تزيد عادة أو تغطي ـ علي الأقل ـ الخسائر الناتجة عن تلك التنازلات .
في موريتانيا تحاول كل الأطراف المتصارعة الآن أن تتفاوض دون أن تقدم تنازلات في الوقت الذي تريد فيه من ” الخصم ” أن يتنازل عن كل شيء ودون أن يحصل علي مقابل عن تنازلاته .
هذه هي حقيقة أطراف الصراع ولا أقصد هنا فقط “الجبهة ” و”أنصار المجلس العسكري” بل أقصد كذلك ما يدور في هذه الأيام بين “الجبهة ” و”التكتل ” من محاولات للتقارب لا تؤدي في المحصلة النهائية إلا لمزيد من التباعد والتنافر .
وأنا هنا لن أحمل أي طرف دون الآخر مسؤولية هذا الفشل ، كما أني لست هنا من أجل المساهمة في حرب البيانات الدائرة في هذه الأيام بين ” التكتل ” و”الجبهة” والتي لا تخدم ـ قطعا ـ مصلحة هذا البلد ولا تخدم ديمقراطيته الموؤودة قبل فطامها .
فمن المؤسف حقا أن تسحب راية النضال والإصلاح من داداه ومسعود وجميل ومولود والبقية لتحملها أطراف كان يعرف عنها وإلي وقت قريب أنها كانت تشكل العائق الأكبر أمام الإصلاح والديمقراطية.
أسباب عديدة أدت إلي ذلك لعل من أهمها الخلافات الشخصية بين مناضلي الأمس وهي خلافات قد تضيع الفرصة الفريدة المتاحة أمام هؤلاء القادة لاستعادة ألقهم الضائع .
فمن مصلحة موريتانيا وديمقراطيتها الموؤودة أن يفشل الانقلاب ومن مصلحتها كذلك أن يترأس عليها رئيس لا تدعمه السلطة الحاكمة حتى تزداد قناعة الناس بأن السلطة لا يمكن أن تفرض رئيسا علي الشعب وحتى يقتنع “رموز الترحال” أن فوز مرشح السلطة ليس بالأمر الحتمي .
من حق “الجبهة ” علي “التكتل ” وعلي زعيمه أن يندد بالانقلاب وأن يكون طرفا ثالثا بالعمل الميداني لا بالأقوال فقط ، أتمني أن يعارض “التكتل ” عزل رئيس الجمعية الوطنية لأن ذلك هو الرد الأخلاقي والسياسي المناسب الذي سيبعد “التكتل ” عن شبهة المصالح الشخصية التي طغت علي العمل السياسي في هذا البلد ، ثم أن هذا الموقف سيكون بادرة طيبة تستحق أن تقابلها ” الجبهة ” بعشر من أمثالها .
ومن حق ” التكتل ” علي كل أحزاب “الجبهة “الدعم في أي انتخابات رئاسية قادمة بدلا من دعم مرشح آخر يحسب علي السلطة وهذا لا يعني أن تتنازل الجبهة عن مطالبتها بعودة الرئيس المنتخب وإنما يعني أن تكون هناك معاهدة من الآن بدعم مرشح “التكتل” في أول انتخابات رئاسية قادمة (معجلة كانت أو طبيعية ) وذلك من أجل أن يطمئن ” التكتل” بأنه لن يتم التخلي عنه في الأوقات الحرجة جدا كما حدث سابقا وهو ما كان سببا في أزمتنا الحالية .
إن الانتخابات الرئاسية القادمة والتي أصبح لا بد منها مهما كانت طبيعة الحل الذي سيتم الاتفاق عليه لن يستطيع أن يحسمها “التكتل” لوحده ولن تستطيع كذلك أن تحسمها أحزاب “الجبهة ” لوحدها مما سيعني نجاح المرشح الذي ستلتف حوله الغالبية التي تدعم دوما من ترغب السلطة في نجاحه حتى ولو لم تصرح السلطة بتلك الرغبة وهو ما سيشكل خطرا كبيرا علي البلد وعلي ديمقراطيته الناشئة.
لم يعد من الممكن أن نردد مع “خطيب الجبهة ” عبارة : “دعها حتى تحدث ” ،
لأن الأمر هنا يتعلق بمصير بلد وعلي من يهمه مصير هذا البلد أن يفكر من الآن في الانتخابات الرئاسية القادمة .
الطريقة الأروع لإفشال انقلاب السادس من أغسطس هي بفرض نجاح مرشح لا يرغب فيه قادة السادس من أغسطس .
محمد الأمين بن الفاظل
رئيس مركز ” الخطوة الأولي ” للتنمية الذاتية .
www.autodev.org