مجلس “العلماء الأفارقة” خطوة علي مكافحة التطرف الديني
أنباء انفو – اعتبر باحثون مغاربة، تأسيس بلادهم مؤسسة “محمد السادس للعلماء الأفارقة”، التي تضم العشرات من علماء الدين الإسلامي من 31 دولة أفريقية، خطوة هامة في طريق محاربة “التطرّف ” و”الإرهاب”، خصوصًا في ظل ارتفاع مخاطرهما بالقارة.
وطالب الباحثون في تصريحات منفصلة للأناضول، بضرورة إشراك باحثين وخبراء من تخصصات أخرى بهذه المؤسسة، لأن محاربة “الإرهاب” تقتضي إيجاد أجوبة للعديد مِن التساؤلات المرتبطة بهذه الظاهرة، لأنها معقده وأساسها اجتماعي واقتصادي وفكري، أما الدين لفهو مجرد غلاف.
الباحثون دعوا إلى الجرأة الفكرية في النقد، ومراجعة الخطاب الديني، ليكون مواكبًا لتحولات الواقع، وتحديات التدين الشبابي، ومتغيرات المحيط.وفي جامع “القرويين” التاريخي، بمدينة “فاس”، ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس، في 14 يونيو/ حزيران الماضي حفل تنصيب أعضاء المجلس الأعلى لـ”مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة”، التي تهدف إلى “صد التيارات الفكرية والعقدية المتطرفة” في أفريقيا.
ويضم المجلس الأعلى للمؤسسة، العشرات من علماء الدين الإسلامي من 31 دولة أفريقية، بينها السنغال، وإثيوبيا، وأفريقيا الوسطى، وتشاد، والصومال، والسودان، وتوجو، والكاميرون، وكوت ديفوار، والنيجر، ودول أفريقية أخرى إضافة إلى علماء مغاربة.
وقال الإعلامي المغربي والباحث في الشأن الديني إدريس الكنبوري، للأناضول، إن تأسيس بلاده للمؤسسة الجديدة، “تأتي في سياق ارتفاع مخاطر التطرّف والارهاب بهذه القارة، وهو ما يتطلب مؤسسة تعنى بمحاربة هذه الظاهرة”.
وأضاف، أن أفريقيا “باتت وجهة مفضلة للمتطرفين، حيث يتخوف العديد من المراقبين أن تشكل ليبيا بديلًا لداعش مستقبلًا، عِوَضًا عن العراق وسوريا”.
وأبرز الكنبوري “أهمية هذه المؤسسة، خصوصًا أن أفريقيا باتت مشتلًا للتطرف، والمشاكل الناتجة عن غياب خطاب ديني موحد”، مضيفًا أنها “ستعنى بمحاربة التطرّف، والفكر المتشدد، وإصدار خطاب ديني موحد”.
ودعا الكنبوري إلى “ضرورة الاعتماد على استراتيجيات الدعوة، والاجتهاد، والفكر المجدد، وذلك في تنسيق مع مؤسسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، من أجل الرفع من مستوى نتائج محاربة الإرهاب”.
واعتبر الكنبوري، أن هذه المؤسسة “ليست بديلًا لمؤسسات أخرى، بل ستشتغل إلى جانبها”، موضحًا أن هذه المؤسسة تعتمد خطابًا وسطيًا معتدلًا، وهو ما سيكون له دور في محاربة التطرّف”.وتابع قائلا: “بإمكان هذه المؤسسة أن تطلق حوارًا بين السنة والشيعة مستقبلًا، أو بين السلفيين، من أجل إيجاد نقاط اشتراك، والحد من الخلافات”.
الكنبوري، دعا المؤسسة أيضًا إلى “فتح حوار مع المعتقلين السابقين بخصوص قضايا الإرهاب، لمحاولة التعرف على طريقة تفكيرهم، وإقناعهم بالتخلي عن الأفكار المتطرفة، إضافة إلى توجيه رسائل للشباب لقطع الطريق عن الجماعات المتطرفة التي تعمل على استقطابهم”.
من جهته، اعتبر عبد الحكيم أبو اللوز الباحث المغربي في الشأن الديني، أن هذه المؤسسة تضاف إلى مؤسسات تحاول إبراز نموذج التدين المغربي القائم على الوسطية والاعتدال، مثل معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات (حكومي يعنى بتخريج الأئمة المغاربة والأجانب).
وأضاف قائلًا للأناضول: “المثير أن هذه المرة لم تشر وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية بالمغرب إلى ثوابت البلاد (المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني)، بل أشارت إلى التعاون ومحاربة الفكر المتطرف”.
واعتبر أبو اللوز، أن “تأسيس هذه المؤسسة يحتمل قراءتين، الأولى كونها خطوة دبلوماسية لتعزيز الأمن الروحي بالقارة، حيث أن التجارب السابقة لبلاده تبين أنه يبذل جهدًا كبيرًا في أعمال دبلوماسية دينية تتجه أحيانًا إلى الدول، مثل تكوين (تدريب) أئمة دول أخرى، وتارة تكون إلى موجهة إلى الأشخاص”.
أما القراءة الثانية، تقول بأن “المؤسسة الجديدة منافسة لمؤسسات دينية أخرى مشابهة، كمنظمة المؤتمر الإسلامي (مقرها جدة)، ورابطة العالم الإسلامي (مقرها مكة المكرمة)”.وقلل أبو اللوز من قدرة المؤسسة على محاربة “الإرهاب”، قائلًا: “لا أظن أنه سيكون بمقدورها محاربة التطرف بشكل كبير، خصوصًا في ظل عولمة الإرهاب، وتعدد المذاهب وأنماط التدين”.
وانتقد أبو اللوز، “عدم وجود كفاءات وباحثين من تخصصات أخرى في المؤسسة، لأن محاربة الإرهاب تقتضي إيجاد أجوبة للعديد مِن التساؤلات المرتبطة بالظاهرة، لأنها معقدة وأساسها اجتماعي واقتصاي وفكري، أما الدين فهو مجلاد غلاف”.
ودعا أبو اللوز، إلى أن “تضم المؤسسة باحثين وخبراء من شتى المجالات، خصوصًا أن الشعوب الأفريقية مختلفة وتشهد العديد من المشاكل، التي لا يمكن فهمها إلا من طرف مختصين يفهمون الواقع”.
وقال رئيس مركز معارف للدراسات والأبحاث (غير حكومي) سلمان بونعمان، للأناضول “لا يمكن أن ننكر أن أمام المؤسسة تحديات صعبة وفرص كبيرة في الوقت نفسه، يبرز ذلك من خلال أهدافها ومقاصدها التي ترتكز أساسًا في مواجهة معضلة الغلو والتطرف والإرهاب باسم الدين”.
وأضاف بو نعمان: “التحديات مرتبطة بالتحول القائم في استراتيجية داعش للعمل خارج سوريا والعراق، ومحاولة تأسيس مجموعات محلية بأفريقيا تابعة لها فكريًا، أو تنظيميًا، أو استثمار البيئة الأفريقية لتجنيد فاعلين جدد، فضلًا عن نشاط القاعدة ومجموعة بوكو حرام في المنطقة”.
التحدي الآخر، بحسب بونعمان، “يتمثل في الرهان على بناء خطاب إسلامي معتدل، ذو مصداقية، وقادر على دحض الأطروحات المتشددة، وتفنيد أسسها الشرعية والفكرية، التي تستثمر في أوضاع القارة وظروفها”.
وأوضح بونعمان أن نجاح هذه التجربة يتطلب “جرأة فكرية في النقد، ومراجعة للخطاب الديني، ليكون مواكبًا لتحولات الواقع، وتحديات التدين الشبابي، ومتغيرات المحيط، كما يقتضي ذلك وضع آليات جديدة، ومواكبة لإنجاح النموذج الجديد في التأطير والترشيد والتوجيه”.
وأشاد المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، باستحداث “مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة” بالمغرب، معتبرا أنها “تكتسب أهمية بالغة، في مواجهة تنامي التهديدات الإرهابية للجماعات المتطرفة في المنطقة، والمخاطر المحدقة بأمنها الروحي”، على حد تعبيره.
وأعرب عبد العزيز التويجري، عن استعداد “إيسيسكو” لتقديم خبرتها ودعمها للمؤسسة في المجالات ذات الصلة”، مشيرا أنها “تنسجم مع ميثاق إيسيسكو، الذي يدعو إلى التعريف بالصورة الصحيحة للإسلام والثقافة الإسلامية، وتشجيع الحوار بين الحضارات، والثقافات، والأديان، والعمل على نشر قيم ثقافة العدل، والسلام، ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان، وفقاً للمنظور الحضاري الإسلامي”.
وفي يونيو/ حزيران 2015، قرر العاهل المغربي، استحداث مؤسسة للعلماء الأفارقة أطلق عليها اسم “مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة” لـ “صد التيارات الفكرية والعقدية المتطرفة، وحرصًا على حماية الوحدة الروحية للشعوب الأفريقية من النزعات والتيارات والأفكار التضليل.
– الأناضول