إلى العقيد أحمد ولد داداه
عبد الله ولد محمد
m.abad1970@gmail.com
سيدي العقيد المحترم أحمد ولد محمدن ولد داداه بعد ما ترون أنه يليق بكم بعد انقلاب الجنرال من الإكبار والتقدير أبعث إليك بهذه الرسالة.
أبعث إليك أيها العقيد بهذه الرسالة ولأنك قد تجد صعوبة في قراءتها،أوقد لاتقرأها لأسباب لست وإياك في وارد تفصليها،اخترت أن تكون مفتوحة يقرأها من يشاء.
المهمة ياسيدي العقيد أنك قد ” كشحت الحشيشة ” بينك ومن كانوا يعتقدون أنه لاتزال فيك بقية من صمود ومبدئية ولو كانت قليلا كصبابة الإناء يتصابها صاحبها،آلاف المواطنين في دورهم العامرة وفي أكواخهم المحدودبة وفي سيارات الأجرة وأرصفة الشوارع يأسفون لانتحارك على أسوار القصر الرئاسي،ولأنك لم تشأ إلا أن تموت على مرأى ومسمع من العالم كله،حيث أسلمت إلى قناة الجزيرة تولي قبض روحك السياسي وإزهاق أنفاسك ليشاهدك الجميع وأن تسلم الروح إلى باريها في مشهد مقزز ومؤسف.
اسمح لي أن أكون واحد من هؤلاء كما سمحت لنفسك أن تكون واحدا من اولئك الذين لم يعودوا يرعون للديمقراطية عهدا ولاذمة ولايراعون لها حق صحبة ولاجبر خاطر،واسمح لي أن أناديك بهذه الإسم الذي يناسب المرحلة تماما كما يناسب المقام والمقال.
لن أناديك بزعيم المعارضة فقد انتقلت من مرابعها إلى خضراء دمن الموالاة الشاحبة،ولن أناديك بالمناضل فأحمدنا المناضل دفنته على أسوار القصر الرمادي صباح الثالث من أغشت 2005 ثم لم تنقل رفاته على الأقل إلى ” البعلاتية” حيث مدافن الصالحين ومأوى الرعيل الأول من آبائك وإخوانك وحسن أولئك رفيقا” وبالمناسبة دعني وإياك نفق دقيقة صمت ترحما على روح ذلك الأحمد الكريم.
كما أني لن أدعوك باسم السياسي أيضا فقد أثبت فشلا ذريعا في ممارستها،ولم تستطع تهجي الأخلاق التي اقترحها ميكيافيلي على السياسيين ليؤكد لهم استبطانا أنهم في الغالب رجال أغبياء يحتاجون إلى دروس في السياسة،كما لم تستفد على الأقل من تأطير هوبز للطبيعة الإنسانية التي جعل من الإنسان فيها ذئبا لأخيه الإنسان،أما أنت فقد كنت في السياسة ” عبد الرحمن ” الذي أراد أن يشرب كل ماء الأضاة حتى يصل إلى بقرات حاصرهن الماء فيها فلم يصل إلى البقرات ولم يرجع بنفسه بل ابتلعته الأضاة لأن تحليله للوضعية لم يكن سليما تماما كما هو حال تحاليلكم بعد الانقلاب وبعده وأثناءه.
حضرة العقيد دعني أتجاوز الكلمات العادية في تحية العساكر لن أقول لك .. احترام حضرات.. كما ينادي الجنود قادتهم لأني لم أعد أثق أنه بقي شيء يستحق الاحترام، موقفكم سيدي العقيد كان زلزالا كان صاعقا.. سيدي العقيد أنا آسف لم أجد أي كلمة تليق بحجم الكارثة السياسية وحجم الارتكاسة التي ارتكبتموها ذلك الأربعاء الأسود وأنتم تصدرون بيان المساندة للانقلابيين حتى قبل أن تعرفوا هل سيحلون الأحزاب أم لا… هل سيقطعون آذان الجماهير … دعني أعيد سؤال محمد اكريشان.. لو كنت رئيسا هل كنت ستعترف بالانقلاب” ودعني أيضا استبعد إجابتك لأنها غير مقنعة وللإجابة على هذا السؤال يمكن القول وبكل بساطة أن إقدامكم على تلك المساندة في ذلك التوقيت المتعجل لايجد غير تفسير واحد،أنكم كنتم على علم أصلي بالانقلاب وأنكم كنتم شركاء فيه،عندما تعترفون بهذه الوضعية فسوف تسهمون في تجلية حيثيات الانقلاب،أعتقد أنها ستكون المساهمة الوطنية الوحيدة التي يمكن الاعتراف بها لحزبكم الذي تفترضون أن الشرعية تتوجه معه أنى توجه.
سيدي العقيد لنناقش الحجج الداحضة التي تقدمتم بها في مرافعاتكم التاريخانية في الجزيرة الفضائية والجزيرة نت عندما زعتم أن البلد كان في حالة احتقان سياسي، أيها المسكين عن أي احتقان تتحدث، هل تم اعتقالكم وسجنكم في بومديد التي تقدمون الآن فروض الطاعة لسيدها الغزواني،وهل حبستم في واد الناقة هل اتهمتم في اكراب واحد ” هل حل حزبكم،فاحتاج المناضلون إلى ترخيص حزب وتنصيب قيادة مؤقتة وتنظيم مؤتمر استثنائي يعيدكم على رأس الحزب الجديد،سيدي داداه أن الاحتقان السياسي الذي تحدثت عنه كان واضحا جدا في اللقاء الشهري الثابت لكم مع رئيس الجمهورية سيدي ولد الشيخ عبد الله والذي لم يتأخر عن موعده أي يوم،وهو اللقاء الذي كان متاحا لكم في أي وقت طلبتموه،لتكون أنت يا حضرة العقيد من يعلن عن توقيفه بعد أن حسمت أمر المؤامرة وقدمت نفسك شريكا في انقلاب يمكن القول بكل صراحة أنه عار شديد وشنار وأن المشاركين فيه هم مجموعة من الخونة للأرض والعرض والعهود والمواثيق وأنت ياحضرة العقيد ضمن هؤلاء المشاركين قطعا.
لاتتوقع أن تظل الأكف في دوامة تصفيق حاد لكل ما تنطق به من كلمات ومن خطب لاتساوي في الغالب الحبر الذي كتبت به، كماأنها تمثل في الغالب إساءة بالغة للورقات التي تحملها، كما لاتتوقع أن نردد لك أهازيج المعلومة فنحن للأسف لم نعد نحتاج بطلا مثلك ” ياحمد ” فتجربتكم المتواضعة أثبت أنها مجهرية جدا وغير صالحة للمنافسة.
قطعة غيار سياسي
سأعيد عليك مقطعا كنت قد كتبته عنك بداية هذه الأزمة ، أعتقد أنه لايزال يعبر عنك أيها العقيد
“ولد داداه زعيم المعارضة الرجل الصالح الذي يحفظ القرآن كاملا ويجيد أداء الصلوات والشعائر الفردية للإسلام والذي تخرج من أول مدرسة لصناعة القادة في البلد وهي مدرسة أخيه غير الشقيق المختار ولد داداه،يعود اليوم إلى ذات المربع الذي خيب آماله ويمارس ذات اللعبة التي أثبت فشله فيها في السابق عندما قبل أن يكون بيدق اختبار لاستعداد الموريتانيين لتقبل إطالة الحكم العسكري، قبل أن يكتشف العقداء في سيدي ولد الشيخ عبد الله الميزات التي ستغينهم عن ولد داداه وتعيده إلى مربع المعارضة بعد أن أصبح في نظر العسكر قطعة غيار سياسي يمكن الاستعانة بها عند الاقتضاء.
ولد داداه الذي يتربص به خصومه السياسيون وربما أتباعه من داخل الحزب ريب المنون حتى تخلو الساحة من عملاق لا يريد أن يبرح مكانه في الزعامة والسيطرة يجدد اليوم ذات الطريق ويعود القهقرى بذات الخطوات المتباعدة والأنفاس المتلاحقة ليدخل في حلف غير مقدس مع العساكر سعيا إلى ترويض العجوز الثائر سيدي ولد الشيخ عبد الله، مستعدا في سبيل ذلك لإسقاط الجمهورية وبناء كيان مسخ مشوه أنتجه زواج قد لايكون كنسيا للأسف بين العسكريين الغاضبين وبين مستودع البيادق الذي يمثله مستقلو لمرابط سيد محمود ويكون ولد داداه فيه الضرة الثالثة الراضية من القسم والمبيت بما سال من بين أًصابع الجنرالين المحكمة على عنق الرئيس ولد الشيخ عبد الله.
بنى ولد داداه للأسف جسرا من الأحلام على فقاعة الغضب التافه وعلى هوة الهواء التي تفصل الآن بين العسكر وولد الشيخ عبد الله،وهو الآن يطل من سماء الأحلام على القصر الرئاسي وربما يكون قد وضع معالم الدور الذي ستقوم به برجيت بدلا من السيدة خت بنت البخاري، ربما لإيمانه بأنه لن يكون أفضل حالا من الرئيس الذي يسود ولا يحكم.
بإمكان ولد داداه أن يواصل اللعبة إلى النهاية وأن يقنع المقربين منه بأن ” عزيز لم يكذب علي أبدا وإنه عندما كان ضدي كان قد أعلن ذلك صراحة، لقد كذب علي العقيد اعل ولد محمد فال فقط أما عزيز فلم آخذ عليه الكذب قط” لكن الخاسر الأكبر وحتى لو نجح في تحقيق أحلامه سيكون أحمد ولد داداه أولا ثم تكتل القوى الديمقراطية ثانيا ثم موريتانيا التي يبدو أنها لم تعد تحتل مساحة ذات بال من طموح ولد داداه الذي طالما ملأ الشوارع من صوره وشعاراته التي تؤكد أن ” طموحنا لموريتانيا
عزيز سيكذب عليك كما كذبت عليك نفسك وكذبت على موريتانيا وسترحل أنت وإياه إلى مزبلة التاريخ جراء مؤامرتكما السيئة وجراء بحثك أنت عن الشوط الثالث الذي بعد أن كذبت نفسك وخادعتها عندما قلت إن الانتخابات كانت مزورة، أنها لمهزلة لاتستحق التعليق
عن أي فساد تتحدث
حضرة العقيد أؤكد لك أنه لو جرب الناس تسييرك للأمور لاطلعوا منك على بوائق تشيب لها الولدان، ويكفي أيها العقيد أن نعلم جميعا أن من لم يحسن تسيير مؤسسة المعارضة لاتتجاوز ميزانيتها بضع ملايين من الأوقية لايمكن أن يتحدث عن الفساد، ودعني أيها العقيد أضرب لك مثالا وأتحداك في نفيه، هل تستطيع الإنكار أنك استوليت على راتب موظف بسيط من موظفي مؤسسة المعارضة خلال أشهر أكتوبر فبراير مارس،رغم أن الراتب زهيد جدا ولايتجاوز 130 ألف أوقية شهريا وتعويضات السكن،لست في حاجة بالطبع إلى تذكيرك باسم الموظف فأنت تعرفه حق المعرفة وهو أيضا يعرفك.
سيدي أحمد ولد داداه أنت تعلم والناس تعلم أنك لم تنتفض من أجل الفساد، خصوصا أن من يضم إلى جانبه عبد الله السالم ولد أحمدوا والداه ولد عبدي ومحمد عبد الرحمن ولد أمين، ومحمد ولد ابيليل يفترض أن لا يكون أول من يتحدث عن الفساد، خصوصا إذا كان حزبكم أيها الكريم قد حصل قبل أقل من شهر على شهادتي أسوأ تسيير بلدي في نواكشوط، زفتا إلى عمدتيكم في تيارت ولكصر.
لنتحدث يا ولد داداه بصراحة فائقة .. قل إنك لا تزال تتشوف إلى كرسي في القصر الرئاسي، وأن السنوات الخمس التي كان يفترض أن يكملها ولد الشيخ عبد الله على كرسي الحكم كانت ستباعد بينك وبين ذلك الكرسي، بحكم عامل السن الذي تخب بك نجائبه إلى السبعين فما فوق وتباعد بينك وبين الرئاسية كما بوعد بين المشرق والمغرب، كل هذا جعلك تكفر بهذه الديمقراطية التي تحدد أعمار الرؤساء وألوانهم، لتجد في العسكر الغاضبين فرصة لتحقيق نصف الحلم باعتبار أن ما لايدرك كله لايترك جله.
دعني أتوجه إلى الجمهور : أيها السادة إن زعيم المعارضة في غاية الاستعداد لتولي منصب وزير أول في ظل نظام يقوده الجنرال عزيز ولاداعي حينها للانتخابات، لكن للأسف العسكر لايريدون ذلك،والرجل المسكين يريد أن يسلك ذات الطريق التي سلكها بعد الثالث من أغشت عندما أراد أن يتحالف مع اعل ولد محمد فال من أجل تطويل المرحلة الانتقالية مقابل منصب الوزير الأول.
حضرة العقيد أحمد ولد داداه التاريخ لايرحم وتاريخ أنت بالذات لايستحق الرحمة لأنه بالجملة تاريخ الغدر والتلون الشديد، والاستبداد والسعي وراء المصلحة الذاتية فقط هي ذات المصلحة التي فرقت بها جبهة أحزاب المعارضة بعد أن جاء بك موسى افال وببها ولد أحمد يوره من جمهورية أفريقيا الوسطى، لتكون نذير شؤم على المعارضة التي كرستها للاستبداد وأشعلت بينها فتيل الفرقة عندما توهمت أن الأحزاب والأطر السياسية هي ملك لرؤسائها، دون أن تتذكر أن تاريخك النضالي والوطني يبدأ من الأسابيع القليلة التي سبقت انتخابات 1992
حضرة العقيد ولد داداه، لقد ثقب الجنرال جنحرتك فطفقت ترقص كما يرقص الدراويش وتسبح بحمد حاكم لايستحق الصفع،وتتمسك بخيوط عنكبوت الأوهام الرئاسية، وتبني على الماء جسرا من الثرى وترفع حصنا من الفقاعات وتواري سوءة فعلك بفهم مستغرب على من هو في سنك وتجربتك.
عزائي وعزاء الشعب الموريتاني كله أنك لن تصل إلى الرئاسة قطعا فما كان الله ليجمع علينا الأزمات الاقتصادية والسياسية وحكم أحمد ولد داداه، وثقتنا في الله تعالى عظيمة جدا أنه سيستجيب لدعوات أمك الصالحة الطيبة حفصة بنت العلامة المجدد باب ولد الشيخ سيديا،والتي كانت تتوخى السحر ومظان الإجابة لتدعو الله بحرقة أن لايجعل لك في الرئاسة نصيبا ولاييسر لك إليها طريقا،تلك دعوات من أم حنون هي أعلم بك ” وال احن من الأم كهان” وأملنا في الله أن يستجيب لها ويحول بينا وبينك رئيسا على البلاد ويباعد بينك وبين الرئاسة كما باعد بين المشرق والمغرب.
سيدي ولد داداه لو قدمناك إلى محكمة الضمير والتاريخ لما وجدا حكما أقسى مما حكت به أنت على نفسك من أن تحرق ماضيك وتذري رماده في العيون من أجل أن تصنع مركب البخار الذي ينقلب بك كل مرة على حافة الهدف ويعيدك القهقرى في سيزيفية مقيتة، وأن تتحول إلى كرة تتقاذفها الأقدام الخشنة للعسكر، أنت ياسيدي لم تعد تصلح لذلك فأنت شيخ مسن كان الأولى أن تأوب إلى رشدك وأن تبحث عن نهاية حميدة مثل تلك التي اختارها الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
أختم لك وللجنرال بكلمة قديمة لعبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب لما جيئ إليه برأس ابنه محمد النفس الزكية فقال لمن حمله إليك ” قل لصاحبك الأيام دول .. وما مضى يوم من بؤسنا إلا مضى من نعميك يوم مثله وعند الله الملتقى ” ومضى المنصور ومضى النفس الزكية وبقي التاريخ يروى قصص الخائنين والشهداء،فرحم الله أحمد ولد داداه المتوفي يوم الثالث من أغشت 2005وغفر لولد داداه الذي أكمل ثلاث سنين يوم السادس من أغشت، غير أن بين الفطام وسياسة أمر الناس بون شاسع،فابحث لك عن ظئر جديد فقد فطمتك السياسة وحرمت عليك مراضعها، فابحث لنفسك عن وطن جديد، بعد أن بعت الوطن بدراهم مغشوشة، وإلى أن نلتقي وإياك في انقلاب جديد ودعم جديد وموقف جديد مناقض لسابق مواقفك، أودعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته/