مقالات

جميل منصور: لا حل للأزمة إلا بعودة ولد الشيخ عبد الله

فى حوار مع صحيفة ايلاف نشر اليوم ، محمد جميل ولد منصور رئيس كتلة التغيير والإصلاح في البرلمان الموريتاني، ورئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” ذي الخلفية الإسلامية، والرئيس الدوري للجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية المناهضة لانقلاب السادس من أغسطس الذي أطاح بالرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ،ولد منصور ، يجيب على أكثر الإسئلة الحاحا على الساحة الموريتانة ونظرا لاهمية المقابلة موقع ‘‘ أنباء ‘‘ ينشر نص هذه المقابلة:

إيلاف التقت ولد منصور في مكتبه بمقر الحزب، وأجرت معه حوارا شاملا حول طبيعة جبهة الدفاع عن الديمقراطية، ومطالبها، وقدراتها،وتعامل العسكريين معها، ونتائج لقاءاتها مع الوسطاء والمبعوثين الدوليين، وعن أقرب حل يمكن أن تقبل به.

كما تناول الحديث مستقبل العلاقة بين الإسلاميين والعسكريين، ونظرة ولد منصور كقائد سياسي لمستقبل موريتانيا في ظل الوضع الحالي:

كيف تقدمون جبهتكم للقراء؟
أولا أشكركم على إتاحة الفرصة، الجبهة تسمى الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، تأسست مساء السادس من أغسطس، يوم وقع الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، ومباشرة بعد هذا الانقلاب، تداعت قوى سياسية حريصة على الشرعية، وتدافع عنها، وأعلنت تأسيس الجبهة.

والجبهة تضم أربعة أحزاب مؤسسة، التحقت بها أحزاب أخرى، قد لا تتفق في البرنامج السياسي التفصيلي، وقد لا تتفق في جملة من المواقف على المستوى الداخلي والخارجي، ولكن هدف إعادة الشرعية وحدها، وجعل كل طرف منها مستعدا للتعامل مع الطرف الآخر، من أجل إعادة الديمقراطية، ويمكن بعد ذلك أن يتفقوا أو يختلفوا.

إذا الجبهة لها هدف واحد وهو إعادة الشرعية والعمل بالمؤسسات الدستورية، وأعتقد أنها نجحت في تحريك جزء هام من الرأي العام الوطني والدولي، من أجل تحقيق هذا الهدف.

ما الذي يجعلكم واثقين إلى هذه الدرجة من قدرتكم على إعادة الرئيس المخلوع رغم أن ذلك لم يسجل قبل في إفريقيا؟
نحن واثقون من عدالة هدفنا وقضيتنا، واثقون أن الشعب ذاق طعم الحرية، ومستعد للوقوف معنا حتى نعيد له هذا الإنجاز وهذا المكسب الكبير. إذا،عدالة الهدف ووضوحه، والصرامة في السير نحو تحقيقه، هي أهم العناصر التي نعتمد عليها، بعد الله سبحانه وتعالى..

إن كتب لنا النجاح، وهو ما نأمله ونرجوه، ويوما بعد يوم تظهر القرائن على إمكانيته، فسنعتبر ذلك نجاحا في البلد والإقليم بل والعالم، لصالح الديمقراطية، وإرادة الشعوب.

وإن لم ننجح لا قدر الله، وهو ما لا نرجوه، فسنعتبر للأسف أن قوى الظلام الحريصة على العودة إلى الماضي، والحريصة على الانقلابات العسكرية وتشريعها، قد انتصرت إلى حين.

بعد مرور ما يقارب الشهر على الانقلاب، كيف تقيمون تعامل السلطات الجديدة معكم كقوة معارضة؟
رغم خروج محدود موجه، قبله وبعده ما ينقضه،لبعض أنشطة الجبهة في بعض وسائل الإعلام الرسمية، ورغم ظهور أحد زملائنا في الجبهة في برنامج حواري تلفزيوني،مقابل ثلاثة أو أربعة ضيوف من الطرف الآخر.

رغم هذه الأمور المحدودة جدا، فإن الطابع العام والأساسي لتعامل الانقلابيين مع الجبهة هو المحاصرة والتضييق والمنع من الحقوق الأساسية، فالنشاطات لا تحصل على الإذن إلا بصعوبة، وتضايق وأحيانا، يعتدى عليها، بمسيلات الدموع، في أحيان أخرى، كما حصل مع النقابات ومع اعتصام البرلمانيين، وفي الداخل، نجد صعوبة في الحصول على الترخيص في اليوم الذي نريد للتظاهرة التي نريد، ووسائل الإعلام رجعت إلى الأحادية المقيتة لا صوت فيها يعلو صوت التبرير والتزلف للانقلاب العسكري، بالتالي نحن بالتأكيد لسنا مرتاحين لتعاملهم، ونعتبر ذلك مظهرا آخر من مظاهر الانقلاب على الشرعية،انقلب على الرئيس، وعلى رئيس الجمعية والوطنية ، وعلى رئيس مجلس الشيوخ، وعلى حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، وأنقلب أيضا على ما تحقق من مكاسب في مجال الحريات على المستوى الإعلامي، وعلى المستوى السياسي بشكل واسع.

الرفض الدولي تزايد بعد الانقلاب، وصل إلى حد قطع مساعدات دولية كان يعيش عليها الشعب الموريتاني، ما هو موقف الجبهة من هذا الإجراء.. إجراء قطع المساعدات الدولية؟
نحن نحب الخير لأهلنا وشعبنا، ونحب أن تظل المشاريع التنموية مستمرة، وتجد تلك التمويلات والقروض والمساعدات،ونحن نحرص على ذلك، لكن نتفهم تماما المواقف الرافضة والمنددة بالانقلاب من الخارج، باعتباره خروجا على العقد السياسي الديمقراطي، الذي وقعه الموريتانيون بينهم، ووقعه الموريتانيون مع العالم.

إن ترتب على هذا الرفض قطع إعانات، أو منع مساعدات ، فالمسؤولية في ذلك بالدرجة الأساسية تقع على من سببه أي الانقلاب العسكري، الذي أطاح بالرئيس المنتخب في السادس من أغسطس، وبالتالي نحن نأسف له ونرفضه،ونحمل مسؤولية ما ينجر عنه للانقلابيين.

الواقع أن الانقلاب العسكري، حظي بمساندة أغلب أعضاء البرلمان بغرفتيه، وأغلب عمد البلديات، وهم ممثلوا الشعب، لماذا لا ترضون بخيار الأغلبية ما دمتم تدافعون عن الديمقراطية، والشعب ممثلا في منتخبيه ساند الانقلاب؟
أنا اعتقد أن لكل مؤسسة في الديمقراطية دورها؛ البرلمان محترم وله دوره، ورئيس الجمهورية محترم وله دوره،لا يقر الدستور أن أغلبية البرلمان يمكن أن تنقلب على رئيس الجمهورية، وتنقلب عليه بواسطة العسكر،وبالتالي لا معنى للأغلبية هنا، لأن الأغلبية إذا خرقت الدستور، وخرقت الديمقراطية، لا يكون ذلك مقبولا.

فكأنك مثلا- إذا حصلت سبعين نائبا يقولون بإلغاء الديمقراطية، وإلغاء الدستور، وتعطيل حقوق الآخرين، وملء السجون من الناس، وإغلاق الصحف، إلى غير ذلك من الحقوق الأساسية، تقول إن ذلك شرعي لأنه قامت به أغلبية..النواب لهم صلاحيات محددة، في إطار هذه الصلاحيات يتصرفون.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أتساءل هل هذه الأغلبية ثابتة ومستمرة، أم أنه إذا حدث تصحيح آخر أو تصويب من طرف عسكريين آخرين، سنجد كثيرا من هذه الأغلبية يسير في الاتجاه الجديد، فهذه الأغلبية، في قطاع مقدر منها تسير مع الغالب، مع السلطة، مع من يملك زمام الأمور، وبالتالي فهي لا تملك هذا المعنى الجماهيري والرمزي للأغلبية في الفكر السياسي، والفكر الديمقراطي التعددي.

خلال الأيام الأخيرة زار موريتانيا عدد من المبعوثين الدوليين، من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والجامعة العربية، هل قدم لكم أي من هؤلاء المبعوثين مقترحا لتجاوز الأزمة.

رئيس المفوضية الإفريقية الذي زار البلاد قبل أيام جاء بخطاب واضح، قال إنه ترك خلفه مجموعة دولية مصرة على عدم الاعتراف بالانقلاب، وقد تقدم على عقوبات قاسية لموريتانيا، وبالتالي على شعبها، وأنه جاء من الاتحاد الإفريقي لأجل التوصل إلى حل يجنب موريتانيا هذا المصير، وان هذا الحل يجب أن ينبع من الدستور الموريتاني، وعودة المؤسسات الدستورية، وفي هذا الإطار نحن نتفق مع مفوض الاتحاد الإفريقي، وأوضحنا له بشكل كامل من خلال لقائنا معه، سواء على مستوى الجبهة أو النقابات أو البرلمانيين والوزراء، أنه لا حل لهذه الأزمة إلا بعودة الشرعية، ولا شرعية إلا بعودة رئيس الجمهورية المنتخب، لكن في إطار هذا الهدف نحن مستعدون لكل حوار يجنب موريتانيا أي أزمات وهزات لا تتحملها.

في أحد لقاءاتكم مع رئيس المجلس الأعلى للدولة الجنرال محمد ولد عبد العزيز، طالبكم بالتفكير في حل جدي للأزمة يتجاوز عودة الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.. ما هو الحد الأدنى الذي ترضون به لحل الأزمة دون عودة ولد الشيخ عبد الله، وفي نفس الوقت يجنب موريتانيا مزيدا من الضغوط؟
الحد الذي يجنب موريتانيا أزمتها، ويجنب موريتانيا العقوبات التي تتهددها، ويجنبها تشويه صورتها وسمعتها، ويجنبها أزمة داخلية خانقة، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، هو أن يتراجع الانقلابيون عن انقلابهم، ويعاد الرئيس المنتخب إلى منصبه كرئيس للجمهورية، هذا ما يجنب موريتانيا كل ما ذكرنا.

وبالتالي فإن من قبل خرقا للدستور وخرقا للديمقراطية في جانب، فإنه سيقبله في جانب آخر، فنحن إذا قبلنا أن سيدي لن يعود، وسيدي هو الرئيس الذي صوت له الموريتانيون، فإنه يمكن أن نقبل غدا بخرق الدستور، لأنه هو الآخر صوت عليه الموريتانيون،ومن ثم نقبل بصفقات في إطار فلسفة المصالح الضيقة، بعيدا عن أي اعتبار قانوني وسياسي.

نحن هدفنا واضح، ولكن مع ذلك مستعدون للحوار من أجل الوصول إلى مخارج – ما أمكن- تشرف الجميع.

دائما نسمع عبارة ” مخرج يشرف الجميع” ما هو المخرج الذي يشرف الجميع برأيكم؟
أنا أعتقد أن المخرج الذي يشرف الجميع، هو أن نعيد الرئيس المنتخب إلى منصبه ويتراجع الانقلابيون عن انقلابهم…

هذا يعني خسارة العسكريين؟
لا، لن يخسروا، لأن من ارتكب خطأ وأعترف به وتراجع عنه، سيزيده ذلك احتراما في شعبه ومكانة..إذا تراجعوا عن الخطإ فستكون مكانتهم محفوظة ودورهم محفوظ إن شاء الله.

سؤال خاص بحزب ” تواصل” .. الجنرال محمد ولد عبد العزيز، أبدى في أحد حواراته الصحفية انزعاجا من تحالف الرئيس المخلوع معكم بوصفكم حزبا إسلاميا، كيف سيؤثر ذلك على علاقتكم المستقبلية معه؟
نحن لا ننظر إلى الوضعية الحالية باعتبارها وضعية عادية، نتحدث فيها عن علاقة هذا التيار أو هذا الحزب مع حكومة قائمة، أو سلطة قائمة، وبالتالي لن ننشغل بأمور جانبية وثانوية، مقبولة في أي وضع سياسي صحي، مقبول فيه أن يكون هناك موقف رافض أو قابل لهذا الطرف أو ذالك، ولا تهمنا هذه التصريحات، ونعتبر شرعيتنا ووجودنا مكسبا تحقق بفضل الله تعالي، ثم بجهود ونضال أصحاب هذا التيار وهذا الحزب،ونعتبر المعركة الرئيسية الآن هي معركة استعادة الشرعية، واستعادة الديمقراطية، وحين يتحقق ذلك يكون لكل حادث حديث، ولك مقام مقال.

أي مستقبل ينتظر موريتانيا؟
موريتانيا مستقبلها بين احتمالين؛ الاحتمال الأول،أن يفهم الإخوة العسكريون الذين انقلبوا على السلطة، وأخطأوا في حق شعبهم،وفي حق ديمقراطيته، صعوبة المأزق والورطة التي وضعوا الموريتانيين فيها، وأن يتراجعوا ويعيدوا الأمور إلى نصابها، وحينها كما انفتح باب لسد الطريق أمام الديكتاتورية في المنطقة، وأصبحت الديمقراطية الموريتانية نموذجا يحتذى ويشاد به، سيصبح هناك استثناء موريتاني آخر، وهو أن عسكريين استولوا على السلطة وتنازلوا عنها حرصا على الشعب وحرصا على الديمقراطية، وهذا احتمال نرجوه وندعوا إليه.

الخيار الثاني للأسف هو أن سيتمر العسكريون في انقلابهم، وحينها يمكن أن تتصور أي نتيجة سلبية لهذا الخيار، على مستوى التأزيم السياسي الداخلي، على مستوى الاضطراب الأمني والعسكري، وعلى مستوى الضغط الدولي والمحاصرة الاقتصادية العالمية، وبالتالي كل الاحتمالات في إطار هذا الخيار هي احتمالات سيئة للأسف، نرجو الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا إياها.

حاوره من نواكشوط- أحمد ولد إسلم

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button