مقالات

على هامش خطبة الجمعة .. من مأمنه يؤتى الحذر/آمنة بنت أعل/رئيسة رابطة النساء

سيدي الإمام أحمدو ولد لمرابط،
لقد صدمت عندما سمعت خطبتك الماضية، التي كرست لانتقاد تولى المرأة تسيير الشأن العام، في رسالة واضحة فهمت من طرف العوام وحتى بعض الخواص أنه تشكيك لا لبس فيه حول القدرة العقلية للمرأة، عكس ما أثبتت الدراسات العلمية الحديثة، والتجارب المتتالية لتسيير المرأة، و التي انطلقت منذ أن أعطى الدين الإسلامي الحنيف للمرأة مكانتها اللائقة، وكرست التشريعات والقوانين الوضعية هذه المكانة ودعمتها بحقوق بات مسلما بها من لدن مختلف شعوب الأرض.
سيدي الإمام المحترم،
رغم أني مازلت تحت تأثير الصدمة، إلا أنني لم أصل درجة التشكيك في قدراتكم المعرفية المتميزة، لكن تجربتى المتواضعة بصفتى مدافعة عن حقوق المرأة، و من خلال اللقاءات المتعددة مع رجال العلم، أجدني مدفوعة لأن أجادلكم فيما ذهبتم إليه متمنيتا أن يتسع صدركم لذلك، تأسيا بالسلف الصالح الذي منح المرأة حق المجادلة وقبل تصويبها للخطأ الذي وقع فيه ، وفي هذا الإطار أورد الملاحظات التالية:
أولاـ أاكد هنا أنه من مأمنه يؤتى الحذر فالبرغم أن الدين الإسلامي هو أول من أعطى للمرأة حقوقها، فإن إمامنا الأكبر هو أول من تجرأ علنا وعلى أمواج الأثير ـ حسب علمي ـ للمطالبة بالحد من هذه العطايا التي من الله علينا بها، في خطبة مثيرة للجدل اعتمد فيها فهما للآيات والأحاديث النبوية مثار شك وريبة لدى غالبية علماء العصر المتنورين الذين اعتبروا هذه النصوص نزعت من سياقها الموضوعي لتلوى أعناقها دعما لتوجه سياسي معين معروف بعدائه التقليدي للمرأة والذي يحصر حياتها ما بين قعر بيتها و قعر قبرها.
ثانيا: إن هذا النوع من التفسير للآيات والأحاديث يشكل خطرا كبيرا على دور رجال الدين في المجتمع ويعطى مصداقية كبيرة للدعوات التي تنادى بإبعاد رجال الدين والدعوة عن الشأن السياسي وحصر دورهم في الدعوة إلى الله وحض المواطنين على التمسك بالأخلاق الحميدة.
ثالثا: إن هذه الخطبة تضمنت دعوة خطيرة تساوي التحريض العنصري والعرقي لأنها مبنية على أساس التمييز ضد المرأة التي تمتلك حق المواطنة ويكفل لها الدستور حقوقها بما في ذلك حق المساواة الذي يخولها تولى المناصب السامية.
رابعا: إن الحديث عن المرأة بصفتها وعاءا لإشباع رغبات الزوج و والوظيفة الأساسية لها كونها سكناً للزوج يرتاح إليها ـ بالمناسبة ما هو دور المرأة العانس ـ، ومخلوق دوني ضعيف أو قاصر لا يحق لها السفر وما إلى ذلك.. صور أصبحت بالية، فالمرأة التي جاهدت مثل نسيبة بنت كعب وعلمت الرجال مثل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقادة في بعض الأقطار الإسلامية مثل شجرة الدر خلال القرون الماضية لا يمكن النظر إليها بعد أربعة عشر قرنا من كسر أصفادها ومنع وأدها وتوريثها مثل سقط المتاع بنفس النظرة التقليدية الموروثة من إرث البداوة.
خامسا: إن النظر إلى المرأة بصفتها شيطانا يغوى كل من يقف معه أو يخلوبه هي الاخرى فكرة من إرث الفترة القروسطية أصبحت متجاوزة تماما، لأنها فكرة تجرم الضحية بدل المجرم الذي هو الرجل الذي يكون المعتدى، فمن يدعو المرأة للانزواء بحجة الدفاع عنها، كمن يدعو المجتمع لتوقف عن العمل خوفا عليهم من اللصوص والمجرمين، أضف الى ذلك أن من يقصر دور المرأة على خدمة الزوج يعطل أكثر من نصف المجتمع عن المشاركة في التنمية.
سابعا: باسم رابطة النساء المعيلات للاسر أدعو إلى وقف هذا الخطاب التميزي ضد المرأة و الذي يروج للحط من شأنها والمنافي للعدالة التي هي المبدأ الذي يقوم عليه الدين الإسلامي، الذي يتجنى على المرأة ويروج للحط من شأنها.

إن هذا الملاحظات العابرة تجعلني أتساءل كيف لعالم جليل بمستوى ولد لمرابط أن يهاجم السلطات بهذا العنف بسبب أنها أرادت أن ترفع من شأن المرأة رغم أنه يدرك القدرات الكبيرة التي تمتلك المرأة الموريتانية ودرها التاريخي في نشر العلم والمعرفة والامثلة على ذلك عديدة يضيق عنها الحصر فمن منكم من لم يسمع بـ خديجة بنت احمد العاقل، وعائشة بنت محمد اليدالي وغيرهن.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button