مقالات

الفساد ..اكبر عقبة أمام تنمية البلاد بقلم جدو ولد عبد الرحمن

مثل الفساد ولا زال ، إحدى أهم العقبات التي تقف في وجه الجهود التي يبذلها العالم لبلوغ الأهداف التنموية ويتجسد ذلك جليا في ابرز واعم مثال له من خلال سرقة الأموال العامة لتحقيق مكاسب خاصة الأمرالذى يؤثر سلبا على مختلف المجالات التنموية في البلد ويؤخر قاطرة التقدم فيه.

ولم تكن بلادنا بمنأى عن هذه الظاهرة التي لم يسلم منها أي مجتمع حيث شهدت العقود الماضية انتشارا للفساد في صفوف القائمين على الشأن العام في البلد على اختلاف مستوياتهم إلا من رحم ربك مما أدى إلى انهيار القيم الأخلاقية وبروز ثقافة جديدة قلبت القيم رأسا على عقب، مجدت مختلسي المال العام وجعلت منهم شخصيات مثالية وصنفت الأمناء كمتخلفين عن الركب ومن لا مستقبل لهم .

ونتيجة لذلك يتم تحويل المساعدات الخارجية إلى الحسابات المصرفية الخاصة وصرفها في تشيد القصور الفاخرة واقتناء القطعان التي تجوب الصحاري بدل توجيهها إلى إقامة البنى التحتية وغيرها من المشاريع الانمائية ويتم التصرف في المال العام كما لو كان ملكا شخصيا و تجاهله كأمانة مخصصة لتامين الإنفاق على الخدمات العامة كالتعليم والصحة والأمن لاسعاد المواطنين .

وعندما تصبح الادارة عاجزة عن تقديم الخدمات الضرورية للمواطن ويصبح لزاما عليه اللجوء إلى أساليب مقيتة كالرشوة والمحسوبية والزبونية للحصول على حقه في خدمات مرفق يعتبر السبب الرئيس لوجوده، وعندما تتجاهل تبعا لكل ذلك حقوق المواطن ويضحى كالغريب في وطنه نكون قد وصلنا إلى اعلى درجات سلم الفساد.

و مع تعدد الأمثلة الصارخة على اكثر من ميدان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واداريا…منذرة بخطورة المرحلة التى وصلنا اليها في مجال الفساد حتى اصبحنا قاب قوسين أو ادنى من التفكك والاندثار، ألسنا بحاجة الى جهود حثيثة وعلى اكثر من صعيد لتدارك مافات وتصحيح التوجه نحو إنقاذ بلدنا من هذه الآفة؟

من هنا شكلت محاربة الفساد واختلاس المال العام جوهر البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية الذي نال ثقة الشعب الموريتاني في استحقاقات الثامن عشر من يوليو الماضي.

وما كاد رئيس الجمهورية يتسلم مهامه كرئيس منتخب للبلاد حتى بادر بشن معركة ضروس حامية الوطيس ضد عدو الأمم والشعوب ،عدو الإنسان أينما كان والتنمية بشتى صورها وابعادها ألا وهو الفساد ، يستوى في ذلك العرضي منه أو الممنهج الذي شكل ثقافة دخيلة على بلادنا تعرضت بفعلها هياكل الدولة والمجتمع الى انتكاسة تنموية كبيرة رغم عديد الثروات التى تزخر بها موريتانيا وما توفره علاقاتها مع الشركاء في التنمية.

من هنا حز رئيس الجمهورية في المفصل واختار الطريق الأصعب لمواجهة ظاهرة الفساد بكل ما أوتى من قوة يدفعه الإصرار وحب الوطن والوفاء لمن انتخبوه والوفاء لأجيال الوطن القادمة من بعدهم دون أن يفكرـ وحق له ذلكـ ـ في أن مثل هذه الإرادة الصادقة قد لا تصادف هوى في نفوس من شكل الفساد ثقافتهم والمال العام موردهم الخاص ومن تناسوا ان التاريخ لا يرحم وان الوطن لا يغفر لمن خانوه.

ليت هؤلاء توقفوا عند هذا الحد، الم يمارسوا التضليل في حق ابناء الشعب الذين اختاروا التصحيح ونافحوا عنه ودافعوا عن مراميه وأهدافه ، حاولوا أن يسوقوا للرأي العام أن محاربة الفساد التى انتهجها رئيس الجمهورية وجعل منها جوهر الحديث في كل اجتماع عام أو خاص هي نوع من تصفية الحسابات الضيقة ليوهموا السذج بان ثمة نية أخرى غير تلك المعلنة قاصدين زرع الشكوك والأوهام.

اعتقد جازما ومن منطلق تتبعي لما يجرى ومعرفتي بطرق معالجة العديد من الملفات الشائكة والخطيرة خلال الفترات الماضية أن المقاربة التى تم تبنيها من طرف رئيس الجمهورية بخصوص ملف بحجم ملف الفساد واختلاس المال العام تعد الأنجع والأجدر قياسا مع التجارب السابقة في مكافحة أمراض اجتماعية عانى منها الوطن ولما يتعافى.

ألم يصدر رئيس الجمهورية تعليماته الى الحكومة في اكثر من مناسبة لاتخاذ كافة الإجراءات التى من شانها الإسهام في محاربة الفساد واختلاس المال العام بدءا بتحسين وضعية القائمين على تسيير المال العام حتى لا يجدوا أنفسهم مدفوعين بفعل الحاجة الى المساس بأمانتهم ؟

ألم يتح سيادته الفرصة لولئك الذين اختلسوا المال العام لاعادة ما اختلسوه والتوبة مما اقترفوه بحق الشعب من مظالم؟

الم يعلن رئيس الجمهورية للعموم أن عهد اختلاس المال العام قد ولى الى غير رجعة وان مبدأ المكافاة والعقوبة سيجد تطبيقه دون محاباة ولاتمييز؟

أليس من حق قائد الحرب على الفساد ورافع لواءها في معركة “التغييرالبناء” أن يصمم ساحة المعركة انطلاقا من رؤيته لخطورة العدو وخطته المعتمدة ضمانا لكسب الرهان وعملا على استئصال هذا العدو واجتثاثه الى غير رجعة؟

هل يكون رئيس الجمهورية منصفا كما عبر عن ذلك بنفسه في روصو عندما يتابع بتهمة الفساد من اختلس هاتفا أو مبلغ بسيطا من المال ويهمل من نهب المليارات من المال العام ومن قوت المواطن؟

الم ينبه رئيس الجمهورية لدى استقباله للمسيرة الحاشدة المنظمة بمناسبة تخليد بلادنا لليوم العالمي لمحاربة الفساد والرشوة ان من واجب المواطنين والحكومة والوزير الأول ورئيس الجمهورية ان يحاربوا الفساد بجميع الوسائل المتاحة طيا لصفحة ماضية من تاريخ البلد شوهت سمعته وجعلته في مؤخرة الدول ؟

الم يؤكد تمسكه والحكومة بمحاربة الفساد” دون انقطاع ولا كلل ولا ملل وبدون حدود مادام هناك أشخاص من ذوى النوايا السيئة على استعداد لسرقة المال العام ” وان من يتخيلون عكس ذلك واهمون و عليهم مراجعة رهانهم الخاسر؟

انطلاقا من التساؤلات السابقة التى تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان رئيس الجمهورية لبس لامة حربه في المعركة على الفساد والمفسدين واكلة المال العام ومن يدور في فلكهم بإرادة وعزيمة يعززها صدقه مع المواطن واحترامه لتعهداته، تصل الكرة الآن الى مرمي المواطنين بمثقفيهم ونخبهم الفكرية والسياسية وأطياف مجتمعهم المدني و علمائهم وأئمتهم وقادرة رأيهم ، ليؤدوا الدور الريادي المنوط بهم في هذه المعركة المقدسة لبناء موريتانيا الجديدة كما أرادها رئيس الجمهورية وبشر بها.

وفى هذا الإطار يبرز الدور الكبير الذى يمكن أن يلعبه العلماء والائمة من خلال الخطب والدروس والمحاضرات، بوصفهم الموجه والمرشد للمجتمع سندهم في ذلك مرجعيتنا الإسلامية التي تنبذ كافة اشكال الفساد وتحدد ضوابطها اوجه التعامل مع المال والشأن العام بما يحفظ للمجتمع ديمومته وكيانه.

كما يضطلع المثقفون والمفكرون وقادة الرأي وممثلو الأحزاب السياسية والفاعلون في المجتمع المدني وغيرهم من نشطاء المجتمع باداور توجيهية وتعليمية وتثقيفية سبيلا إلي تغيير المسلكيات والعقليات التي طبعت مجتمعنا على مدى العقود الماضية من اجل إعادة مجتمعنا إلى ثقافته الأصلية التي تنبذ المفسد وتنظر إلى الفساد كداء ينبغى القضاء عليه والحيلولة دون تفشيه أو انتشار عدواه.

ولا يقل دور الصحفيين والإعلاميين أهمية عن دور الشرائح السابقة نظرا لما تمثله السلطة الرابعة من أهمية في مجال خلق وعي داخل المجتمع يمجد الممارسات المفيدة ويدعو إلى اتخاذها منهجا ويرفض الممارسات المشينة والدخيلة على عادات المجتمع ويدعو إلى محاربتها.

ومع ذلك يظل تكامل الأدوار بين مختلف شرائح المجتمع ومكوناته ورجال دينه وقادة رأيه ومفكريه ومثقفيه… مطلبا لا غنى عنه لإسناد رئيس الجمهورية في معركته على الفساد حتى يتم الانتصار على هذا العدو وتتحقق التنمية المنشودة خدمة للوطن والمواطن في كنف العدالة والاستقرار والشعور بالمساواة أمام القانون، وعندها وعندها فقط تتحقق المواطنة في أسمي صورها ويحمد القوم السرى.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button