الغرب و’القاعدة’ اتفقا في موريتانيا على عدم الاعتراف بالنظام الذي يخالف ‘الشرع’ الإلهي و’الشرع’ الديمقراطي.
الغرب و’القاعدة’ اتفقا في موريتانيا على عدم الاعتراف بالنظام الذي يخالف ‘الشرع’ الإلهي و’الشرع’ الديمقراطي.
تختلط أوراق الحكام العسكريين الجدد في موريتانيا بين الأزمة الناشبة عقب الانقلاب الذي اطاح بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في تاريخ موريتانيا الحديث من جهة، وصدمة قطع رؤوس 12 جنديا على يد القاعدة من جهة أخرى.
ووضعت عملية ذبحُ العسكريين، في بلد يحكمه عسكريون، الجنرال محمد عبد العزيز ورجاله في واجهة الاحداث مجددا، وبدا هجوم القاعدة ذو الوقع المروع رسالة بأن انصار ابن لادن لا يزالون قادرين على الضرب وفتح الباب أمام ضغوط دولية جديدة على المجلس العسكري الحاكم.
ويرى مراقبون أن تسجيل نقطة نجاح واحدة في مواجهة القاعدة كافية لتخفيف المطالبات الدولية بتنحي انقلابيي موريتانيا لا سيما وان الضغوط لم ترق بعد إلى درجة التحرك السياسي الجاد ولا تزال في طور “الدرس” و”المشاورات” و”الادانة” المجردة.
عملية تورين تصب الزيت على النار
يبدو أن وعود عبد العزيز باجراء انتخابات رئاسية وعودة الحكم المدني الى دولة عصفت بها الانقلابات تبددت مع مقتل العسكريين الـ12 في تورين بشمال البلاد في هجوم نوعي لم يشهد الموريتانيون مثيلا لهK وأدى الى تبخر آمال العسكر بفسحة من الوقت ليعيدوا ترتيب كراسي الحكم قبل اتخاذ قرارات دولية حاسمة.
فواشنطن التي تضع احلال الديمقراطية سببا لشن العمليات العسكرية على الدول، ستلتفت بحزم ايضا الى موريتانيا من جانب الحرب التي تقودها منذ ثمانية اعوام ضد القاعدة.
واعلنت الولايات المتحدة أوائل سبتمبر/أيلول انها لن تعترف بالحكومة الموريتانية الجديدة التي تشكلت عقب الانقلاب العسكري.
وكانت الجمعية الوطنية الموريتانية صادقت على برنامج حكومة الوزير الأول مولاي ولد محمد الأغظف خلال جلسة علنية خصصت لنقاش هذا البرنامج.
وجاء في بيان اصدرته السفارة الاميركية في العاصمة الموريتانية ان “حكومة الولايات المتحدة لا تعترف بشرعية ما يسمى بالحكومة التي اعلنها المجلس الاعلى للدولة”.
وجاء في البيان ان الولايات المتحدة “تدرس بجدية” فرض عقوبات مالية وقيود على السفر على الاعضاء “المشاركين في الحكومة غير الشرعية وغير الديموقراطية”.
وينتمي معظم وزراء هذه الحكومة الى التيار الذي يدعم الانقلاب، سواء كانوا مستقلين او من احزاب سياسية.
ودان مجلس الامن الدولي في 19 اغسطس/آب الانقلاب في موريتانيا، مطالبا بالافراج الفوري عن الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبدالله وعودة المؤسسات الشرعية، كما اعتبرت فرنسا ان الحكومة الجديدة “غير شرعية”.
القاعدة لا تعترف بعبد العزيز وتشن الهجمة تلو الأخرى
يبدو أن الغرب والقاعدة “اتفقا” هذه المرة في موريتانيا، فقد دعا الخديم ولد السمان الذي يعتقد انه يتزعم فرع تنظيم القاعدة في موريتانيا أواخر أغسطس/آب المسلمين الى عدم الاعتراف بالنظام “الذي يخالف الشرع” والذي يقوده الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وذلك في رسالة كتبها من السجن.
وجاء في هذه الرسالة الخطية لولد السمان زعيم تنظيم “انصار الله في بلاد المرابطين” “لقد حكم هذه البلاد احد افراد القبيلة التي انتمي اليها وقد طبل له المطبلون وصفق لهه المصفقون”.
واوضح “لكن ولانني صاحب عقيدة تفرض عليه البراءة من اي كافر اصليا كان او مرتدا ولو كان اقرب الناس الي فانني اعلن براءتي من هذا النظام الذي يخالف الشرع واحذر من عبادة الطواغيت”.
واضاف في الرسالة المكتوبة بالعربية في صفحتين “يجب على كل مسلم في هذه البلاد ان لا يعترف بهذا الحكم الجديد وان يبتعد عنه ويواجهه لانه ليس على الحق”.
واكد ان “واجب هذا الشعب المغلوب على امره ان يوقف المطبلين وان يوقف الرافضين للنظام وان يتبع فقط ما انزل الله ويبحث عن سلطة تطبق الشريعة الاسلامية”.
والخديم ولد السمان هو المتهم الرئيسي في الاعتداء الذي استهدف في اول شباط/فبراير الماضي سفارة اسرائيل في نواكشوط وتبنته القاعدة.
وأعلن تنظيم القاعدة ايضا مسؤوليته عن هجوم وقع في ديسمبر/كانون الاول واستهدف الجيش الموريتاني وقتل فيه أربعة جنود. وفي عام 2005 قتل مسلحون من التنظيم الذي كان يطلق عليه انذاك الجماعة السلفية للدعوة والقتال 15 جنديا في هجوم على موقع عسكري في شمال شرق البلاد.
أوروبا المنفذ السياسي الأسهل لنواكشوط العسكرية
تنظر اوروبا الى حكام المستعمرة الفرنسية السابقة بعين أقل حنقا ولا تريد ان تنتهج نفس الموقف الأميركي وتخسر كل اوراقها الاستراتيجية في هذا البلد الفرنكوفوني، خصوصا مع ترؤس فرنسا حاليا الاتحاد الأوروبي.
فقد تلقى المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا أخيرا دعوة من الاتحاد الاوروبي لاجراء مشاورات في بروكسل حول الوضع الذي افرزه انقلاب السادس من اغسطس/آب.
واستقبل الجنرال ولد عبد العزيز سفراء الاتحاد الاوروبي في نواكشوط (فرنسا والمانيا واسبانيا والاتحاد الاوروبي) الذين سلموه رسالة من الاتحاد الاوروبي وافق عليها الاعضاء الـ27، تتعلق بهذه المشاورات.
وقال السفير الفرنسي ميشال فاندبورتر لدى خروجه من الاجتماع، ان “هذه الرسالة تدعو موريتانيا الى اجراء مشاورات حول الوضع الذي افرزه انقلاب السادس من اغسطس/آب الماضي في اطار ما يسمى المادة 96 من اتفاقات كوتونو”.
واضاف السفير الفرنسي ان موعد هذه المشاورات لم يتحدد. وقال “ان الرسالة تتوجه الى الجنرال وتطلب من موريتانيا ارسال وفد. وهذا اجراء طبيعي يطبق مرارا في السنة وطبق على موريتانيا بعد انقلاب 2005”.
واوضح السفير الفرنسي ان “اتفاقات كوتونو هي اتفاقات اتخذ بموجبها جميع الموقعين ومنهم موريتانيا عددا من الالتزامات حول الشكل الديموقراطي للحكومة”.
وذكر ان “هذا الوضع قد تغير منذ السادس من اغسطس/آب 2008، لذلك يدعو الاتحاد الاوروبي موريتانيا الى ان تأتي لمناقشة وبدء حوار حول عودة النظام الدستوري الذي ننتظره جميعا”.
* عن : ميدل ايست اونلاين