مقالات

مقال لوزير الصحة الموريتاني يهدد بتوتر في العلاقات بين نواكشوط والجزائر/’القدس العربي’

أُثير جدل هذه الأيام داخل الصحافة الموريتانية وفي صالونات السياسة وصنع القرار في نواكشوط بسبب فقرة تعرض فيها الدكتور الشيخ ولد حرمة وزير الصحة الموريتاني لطريقة تناول الإعلام الجزائري لمعارك الجيش الموريتاني مع القاعدة، وذلك في مقال نشره بتوقيع ‘مواطن’ في عدة صحف ومواقع موريتانية تحت عنوان ‘لماذا يتأرنب الأسد؟’.

وكاد المقال أن يمر مرا عاديا لكونه يتناول وجهة نظر أحد أركان النظام الحاكم في موريتانيا من قضية سياسية وعسكرية مطروحة على الساحة، لولا أن تدخلت صحيفة ‘الشروق’ الجزائرية لتهاجم الوزير بشدة.

وهنا خرج الأمر عن نطاقه ليمس بحماة العلاقات الموريتانية الجزائرية التي لا تحتاج في الفترة الحالية لما يمسها لكونها أصلا مهتزة لعدم انسجام المقاربات الحكومية إزاء مواجهة تنظيم القاعدة التي تريدها الجزائر تحت إمرتها وتريدها موريتانيا منسقة مع فرنسا، حسبما يراه المحللون.

ومما قاله الوزير الموريتاني في مقاله انه ‘من المؤسف أن تردد هذه المعارضة (الموريتانية)، مقولات بعض من الإعلام الجزائري الذي يتحول، وبقدرة قادر، إلى إعلام ناطق باسم الإرهابيين ساعة تقوم القوات الموريتانية بأي هجوم عليهم’.

ومن ذلك ، يضيف الوزير ولد حرمة، ‘محاولة سرقة انتصاراتنا ضد الإرهابيين عبر حرب إعلامية غريبة تروج لتضخيم الخسائر الموريتانية وحتى التشكيك والسخرية من قدرات الجيش الموريتاني، ومن ثم اتهامه باحتلال أراضي دولة أجنبية ودولة مجاورة’.

وكانت الفقرة الأكثر إزعاجا هي قوله ‘كما أن الاحتلال غير موجود إلا في أذهان أولئك الذين يسعون لقنبلة المنطقة ومساعدة المجموعات الإرهابية لأهداف غامضة الله أعلم بخلفيتها، وإلا لماذا منع الزعيم معمر القذافي من حفر آبار وبناء مستشفيات لسكان الصحراء في أزواد؟’.

وانبرت صحيفة ‘الشروق’ الجزائرية الواسعة الانتشار لترد على ولد حرمة يوم الثاني من الشهر الجاري على موقعها الألكتروني مؤكدة أن وزير الصحة الموريتاني ‘خرج عن كل حدود اللباقة السياسية وحسن الجوار’ عندما اتهم الجزائر ‘بسرقة انتصاراتنا ضد الإرهابيين عبر حرب إعلامية غريبة تروج لتضخيم الخسائر الموريتانية وحتى التشكيك والسخرية من قدرات الجيش الموريتاني’، متهما (الوزير) الإعلام الجزائري بالسعي ‘لقنبلة المنطقة ومساعدة المجموعات الإرهابية لأهداف غامضة الله أعلم بخلفيتها’.

وتابعت ‘الشروق’ تقول ‘في الوقت الذي كان يجدر فيه بممثل الحكومة الموريتانية الرد على الاتهامات الفرنسية الصريحة لنواكشوط بالتعاون مع المجموعات الإرهابية حين قالت باريس إن الأسلحة التي ظهر بها خاطفو الفرنسيين في شريط الفيديو كذلك لباسهم يبين أنهم موريتانيون، تجرأ ولد حرمة الذي ينتمي إلى الحزب الحاكم على الجزائر محاولا تحريك فتنة طائفية في المنطقة، حيث تساءل ‘لماذا منع الزعيم معمر القذافي من حفر آبار وبناء مستشفيات لسكان الصحراء في أزواد’.

ومضت ‘الشروق’ تقول: ‘وتعد هجومات المسؤولين الموريتانيين الخطيرة وغير المسؤولة على الجزائر خلال اليومين الأخيرين دليلا ً على الابتزاز الذي اعتمدته الحكومة الموريتانية باتجاه الجزائر، ومحاولة منها لتحويل نظر الرأي العام المحلي والدولي على الاتهامات الخطيرة التي حملتها إياها فرنسا في قضية الرهائن السبعة المختطفين’.
وقد أثارت هذه الردود تعليقات واسعة داخل المواقع وداخل الصالونات الموريتانية قبل أن يدخل حزب ‘الرفاه’ الموريتاني على الخط ليرد عن الجزائر مؤكدا في بيان وزعه أمس الثلاثاء أن ‘الاقلام المصابة بهستيريا التملق والنفاق تشن حملة لا هوادة فيها على الشقيقة الجزائر، وتتفنن هذه المجموعة في كل ما يعمق الصدع وينكأ الجراح ويثير الفتنة والفرقة بين الاشقاء’.

وأضاف البيان ‘إننا اول من سيقف في وجه الجزائر او غيرها وبدون تردد إذا مست سيادتنا او مصالحنا الوطنية ولكننا سنقف في نفس الوقت وبنفس الحزم في وجه اللاهثين خلف مصالحهم الضيقة واغراضهم الخبيثة دون أي مراعاة للمصالح الحقيقية للوطن ومصالح الامة’.

وتابع ‘إن الجزائر يا هؤلاء أثبت التاريخ أنها حليف استراتجي كلما كانت موريتانيا بحاجة الى حليف استراتجي، فقد كانت من اول من دعمنا ماديا ومعنويا بأموالها وأساتذتها وخبرائها وهي لما تخرج من حرب الاستقلال وشهد بذلك في مذكراته مؤسس الدولة الموريتانية المرحوم المختار بن داداه (…) وكانت ايضا حليفا استراتجيا وأخا شقيقا وصديقا حميما عندما حدث ما حدث مع السنغال والفاصل الزمني بين تلك الفترة وهذه أعتقد أنه ليس كافيا لننسى أو نتناسى الإنذار الذي وجهته الجزائر عبر وزير دفاعها آنذاك إلى السنغال’.

ومن المتعارف عليه أن التوتر في العلاقات بين الدول المغاربية، باستثناء الجزائر والمغرب، يظل حبيس دوائر صنع القرار وصالونات السياسة ونادرا ما يخرج الى العلن.

وترجح مصادر في نواكشوط وقوع أزمة صامتة بين البلدين تعكف دوائر صنع القرار على لملمة اثارها ومنع اتساع رقعتها.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button