مقالات

خمسون عاما من الفضائح.. */ istklall60@gmail.com

يقتضي تقديم كشف موضوعي لهذا الوطن الذي شكل ملاذا،لشذاذ أفاق لفظتهم قسوة طبيعة جيرانهم خلال القرون الماضية،وجمعهم القدر هنا،الإقرار بأن الوجود الفرنسي بهذه البلاد هو الذي سمح بإنشاء كيان دولة هنا، وان نتذكر أن خطابات الفشل الرسمي كثيرا ما عمدت إلى (التذرع) للعالم الخارجي بحداثة عمر الدولة بهذا البلد،وأن نعجب هنا من الكيفية التي يحاول بها بعض (رؤساء) موريتانيا التهرب من فضائحهم بحجج تراكم المشكلات الحديثة للبلد (البطالة والأوساخ والرشوة..). الأمر يعني ببساطة أن هذه البلاد(الدولة) قد( انتقلت) ،حسب هذا المنطق،من طفولة طويلة الأمد إلى شيخوخة مبكرة.ولمقوم حصيلة خمسين عاما،التي تفصلنا عن تاريخ الاستقلال،أن يقول أننا مازلنا نحمل رائحة القرن 19،أو أننا أشباحا تجفل منها العين حين تراها،وينفطر العقل من عقاله حين يصبو إلى تعقلها.

من حيث المسار السياسي مايزال بعض الناس يتذكر كيف انتقلنا من التعددية الحزبية،في نهاية عهد الاحتلال،إلى الحزب الواحد في عهد الاستقلال،وكيف انهزمنا شمالا ،أمام قبيلة الركيبات،وأزهقت منا في الجنوب،أمام الأعين10000 روح،قبل أن نذبح في ديارنا – من قبل رجال القاعدة- دون طلقة نار ودون إصابة المهاجمين بأي جروح.وستبقى هزيمة الشرق هي الأسوأ دائما.

في الواقع يبرز الوجه السياسي للبلد من خلال تواصل سلط الدولة/ القبيلة الماضية في طريق إعادة تشكيل ذاتها القبلية،واستمرار الحكام العازمين على إخضاع البلاد لنزواتهم،وظهور(لديمقراطيات) تبطن توالي الفراغات،ورؤساء(جمهورية) لايقبلون إلا بمطابقة أقوال المجتمع لما يرونه. ولم يكن غريبا أن يزدهر دهر التزلف والخشوع لغير لله في كنف هذا التحجير،وأن ينحسر الخير عموما. على نقيض خطاباتها الثرة التى يروج لها في بداية كل انقلاب ،الطافحة دائما بأكاذيب أنها جاءت بدافع حب الشعب وأنها عازمة على أن تمسح عن وجهه أثار المعانات،نجد آن مختلف هذه السلط،تسارع إلى توزيع خيرات البلاد على المقربين منها:الأهل،والعملاء،والجواسيس،والمادحون..

وبدل أن يقسموا خيرات البلد على أهله،أو يعطوهم منها،راح المتلاعبون بالبلاد يمنون على الناس (بمنحهم) حق الحياة والتعبير عنها..،ويتنكرون لحالة مسغبة الجوع وشظف المعيش التى سكنت الناس هناك. بديهيا أن تؤدي هذه الأوضاع إلى استمرار حالة الرتابة الخالية من أي مستجد جوهري،ايجابي،وإلى اشمئزاز الأجانب منا،يشهد على ذلك سوء حالة المسكن والمأكل والملبس..،وتعليق أحد أعضاء البرلمان الإسرائيلي الذي تعزا له مقولة:والله لا يشرف دولة إسرائيل أن تقيم علاقة مع دولة تفتخر أنها أدخلت الماء والكهرباء لمدنها.

لآن ونحن مازلنا واقعين – بعد خمسين عاما- تحت فعل حكام لا خير فيهم ،يحق لنا ،على الأقل،أن ننكر ما نشهده من ثروات تنهب ،ومدن تحت أنقاض الأوساخ والقاذورات ،كما هوحال عاصمتنا التي أمست وضعيتنا/بها تجعل اغلب الأجانب يتنفسون بصعوبة،الشيء الذي يعزز مقولة ضع يدك على أنفك فإنك في نواكشوط على نقيض،مثلا،عش حياتك فإنك في بيروت…

على وجه التفسير يمكن القول أن حالة الدروشة التي يتصف بها مجتمعنا ،هي التي تسببت له في فشله العام- لنصبح ربما- البلد الوحيد الذي لايملك مفكرا بارزا على المستوى العالمي،أو لاعبا محترفا ،أو ميدالية ذهبية،أو مقدم برنامج في قناة إخبارية حرة…

ومن المؤكد أنه ماكان لحكام هذا المجتمع أن يدمنوا امتصاص خيرات هذا البلد،لولا أنهم وجدوا أناس على قدر كبير من السذاجة والدروشة،وإلا كيف لهذا المجتمع أن يتحمل هذا القدر الهائل من الألم والمذلة.أكثر من ذلك نرى أن السر في هذا الضياع المتعاظم هو قابلية الناس للعيش على طريقة الأرقاء .تلك هي طبيعتانا خلال أغلب أيام السنة.

عندما يأتي العيد يتضاعف،طبعا، الحديث عن انجازات لاوجود لها.ويتكثف الوعود بحل لمشكلات الدين /الهويه وتسارع العامة والمؤلفة قلوبهم على النفاق،إلى التصفيق- قبل التصديق- لهذه الترهات حتى ولوكانت صادرة عن شخص يصرح في كل مناسبة بأن البلاد ليست بحاجة إلى القانون ولا إلى الفكر ولا إلى تاريخ- ربما لأنه لايحمل تاريخا مجيدا. تلك مسألة أخرى ينبغى أن نبحثها بتوصيف خاص..

أمام ثبات هذا الواقع المزري يبقى عزاء أهل هذه البلاد ،هو قصر أعمارهم.

– * بقلم : محمد ولد الطالب ( ليس هو صاحب لقب أمير الشعراء )

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button