ألهذا لم يستطع صامبا تيام أن يفهمنا؟ *
قرأت (أنا أيضا) مقال صامبا تيام . كان أجمل ما فيه أن خطاب وادان “لا يخاطبه و لا يخاطب أمثاله”.
يتكلم صامبا تيام في مقاله بضمير الجمع “نحن”، ناسيا أنه لا يمثل غير نفسه التي يسيء تمثيلها بعنصريته و ضيق باعه و سوء تقديراته ..
و ينسى صامبا تيام حين يطلب المساواة في الفرص ، أنه يرفض تعلم اللغة الرسمية لبلد يحكمه دستور و قوانين و دين و ثقافة و تاريخ و كبرياء و منظومة أخلاقية ضاربة في القدم ، ظل يتناساها هذا الشعب طويلا من أجل تعايش لا يفرق أمثاله بين تواضع أصحابه و انكسارهم.
و ينسى صامبا تيام الذي حمل السلاح ضد هذا البلد و عمل ذليلا مع الإسرائيليين لتشويه سمعته و هز كيانه ، أنه آخر من يجب أن يتكلم عن الوطنية و الواجب و الأمثل و الأحرى …
و قبل دخول المدارس الخاصة و مدارس الامتياز ، ينسى صامبا تيام خصوصية و امتياز من يحفظون القرآن قبل سن العاشرة و تضحيات من يصرفون على أبنائهم مهما كان دخلهم و يعتبرونهم أهم استثمار في حياتهم..
التميز يا صامبا تيام إصرار و استحقاق لا يخضع لمنطق المحاصصة الذي تحاول الحصول على نصيب من كل شيء عن طريقه.
العروبة يا صامبا تيام انتماء حضاري و البربرية انتماء عرقي : إن ترديدكم لعبارة عربو – بيربير (Arabo-berbères) تنم عن جهل كبير و تنم عن جهل أكبر إذا كنت تجهل (و تجهلها قطعا)،أن البربر عرب أقحاح أو كنت تعتقد (وتعتقدها قطعا)، أن مثل هذه النعوت تخجل العرب أو البربر : لو كنت تعرف تاريخ البربر (و تجهله قطعا)، لخجلت من نفسك. لو كنت تعرف تاريخ يوسف بن تاشفين وحده (و تجهله قطعا)، لأمضيت بقية عمرك ساجدا له ، لكن الحقد و العنصرية تملآن منك كل مسافات التواصل مع الآخر ؛ تذكر يا صامبا تيام أن لا وجود لمركب زيادة في علم النفس . إن ما يفترسك في لحظات نزقك يسمى مركب نقص.
واقعي أنت جدا و وفي لقناعاتك المريضة ، حين تقول ، “لكن المساواة تعني المساواة في اللغات” : لا فرق عند صامبا تيام بين اللغة و اللهجة .. لا فرق عنده بين إحدى أقدم لغات العالم المكتوبة و أجملها على الإطلاق بشهادة الجميع و إحدى لهجاته العاجزة عن ابتكار أبجدية من حدود ثلاثين حرفا.
آخر من تعنيه كتابة اللغات الزنجية في المنطقة بمنطق عدد متكلميها و نسبتهم و الحاجة إليها ، هي موريتانيا ، لكن خبرتنا الكبيرة في المجال، ستكون في خدمة دول المنطقة إذا قررت إنشاء معهد لإحياء اللهجات المحلية، و إن كنّا سننصحهم حتما ، وفاء لدورنا الإشعاعي في المنطقة ، بأن لا يضيعوا مزيدا من الوقت في اعتماد لغات بكر ستحتاج مائة عام على الأقل لترويض قواعد الاشتقاقات و اكتساب قاموس العلوم .
لقد تجاوزنا كثيرا كل ما يقال في مثل هذه المواضيع التعجيزية لمسايرة جهل و أطماع أصحابها. و اليوم لن نتكلم عنها بغير لغة الأرقام و واقع الجوار و تجارب العالم ، حتى يفهم صامبا تيام أنه أكثر من يعادي نفسه و أكثر من يسيء إلى من يسلك نهجه الابتزازي الضارب في اللؤم و الجهل ..
يخطئ من يعتقد أنه يستطيع اليوم ابتزازنا بعنصرية هو من يعجز عن التخلص منها أو حقوق إنسان هو من يركب أسباب وجودها أو عبودية هو أكثر من يمارسها و أكثر من يقبلها و أكثر من يسكت عن انتشارها بين أقرب الناس إليه..
لقد فهمنا الآن أننا ارتكبنا أخطاء لا تغتفر في حق هذا الشعب و هذا الوطن بتجاوز حد التسامح في ما يرفضه العالم أجمع ، بتعاطفنا غير محسوب العواقب مع إطناب سماسرة الأزمات و عملاء الأجندات الخارجية المسؤولة عن بؤس كل دول العالم الثالث..
بماذا يستطيع أن يتوعدنا صامبا تيام اليوم؟
بماذا يستطيع أن يبتزنا؟
بماذا يستطيع أن يتجرأ على الوقوف أمامنا و الحديث عن الوطن؟
تاريخ صامبا تيام لا يقوده إلى غير السجن..
مواقف صامبا تيام لا تقوده إلى غير الخجل ..
و حقيقة صامبا تيام لا تقوده إلى غير الصدام بالمجتمع و الدين و العقل و الواقع و كل الحقائق الصارخة بشذوذه و جهله و استهتاره و عمالته ..
بماذا يركبنا صامبا تيام ليفرض علينا تعليم لغة المستعمر المتخلفة بدل لغة آبائنا و أجدادنا و حضارتنا و ديننا؟
هل يعرف صامبا تيام ( و يجهلها بكل تأكيد)، أن كل النخبة الفرنسية اليوم تتكلم الانجليزية ؟
هل يعرف أن كل البحوث المتطورة في فرنسا اليوم باللغة الإنجليزية؟
هل يعرف أن كل المراجع المعتمدة في فرنسا اليوم باللغة الانجليزية ؟
لكن، من هو صامبا تيام ليتكلم في مثل هكذا مواضيع ؟
من هو صامبا تيام لينتقد و ينظر و يوجه؟
لقد آن لهذه الفوضى أن تنتهي ؟
كيف نُلزَم نحن بتدريس لهجة لم تدرس في بلدان يمثل متكلموها الأغلبية فيها مثل السنغال يا صامبا تيام ؟
لم نطالب يوما في هذا البلد الطيب بإلزام إخوتنا الزنوج بما تفرضه كل دول العالم على الأقليات و لن نطالب به أبدا لأننا أبناء حضارة سامية و أبناء ديانة راقية الإنسان فيها هو الإنسان ، لا عبرة فيها بلون و لا لغة و لا مال و لا وظيفة.
ألهذا لم يستطع صامبا تيام أن يفهمنا؟
ألهذا اعتقد صمبا تيام أن قوتنا ضعف و تعامينا غباء؟.
*سيدي علي بلعمش