الأمل.. الذي أيقظ فينا الحياة
بقلم: محمد ولد بدين/صحفي وكاتب
في خضم المراحل المتعاقبة على المنكب البرزخي ، وضمن لائحة الحكام الذين مشوا على البساط الأحمر في بلاد السيبة ، وآلمتهم أعينهم من ‘فلاشات’ الكاميرات الرقمية والـ’حرفية’ ، وضمن أسطول الذين أصيبوا بشد عضلي في وجوههم بعد إبتساماتهم العريضة للجماهير التي تكتنفهم في حلقة الأمل المعقود عليهم بأن يغيروا الحال ، ويمحوا سطر المحال .. ورغم ما أدلوا به من تصريحات رنانة ووعود كريمة وخطابات سخية العطاء –في الأسلوب الخطابي على الأقل- صمتت جموع المؤيدين والمعارضين أمام ذهول الواقع الذي لم ينتج إلا ضنك العيش ، وضعف ذات اليد مع كل كلمة بل مع كل حرف يتلفظ به مسئول إلى رعيته ، وآثروا التأوه الأليم ، حسرة على ساعات من الركض تحت الموكب السامي بغية إسماع صوت أو إرسال تحية أو صورة جماعية مع المتجملين ببدلاتهم الغالية ‘المستوردة توا’ من ‘الخارج’،الذين هم أولوا الأمر والنهي ، ساعات بمقياس البروتوكولات كانت تمثل زيارة ‘رسمية ..أو تفقدية ..أو إطلاعية…أو سمها ما شئت’ ، لكنها بمقياس أولئك الضعفاء ساعات لا يحمل من شغلها عصا سحرية تضع في جيب كل متأوه ثمن رغيف خبز وقطعة ملح قد تسد رمق عائلة لم تجد بدا من البحث عن قوتها كل إشراقة شمس ، في معترك الحياة اليومية المليئة بالأتراح ، وضمن قانون ‘هذا للدولة والدولة لي’..ووسط النقيع الذي أثارته حوافر المتاجرين بأرواح أناس أصبحوا ما بين شبه هيكل عظمي ، أو قماش في هيئة شبح!!.
واليوم صمتت ذات الجموع فرحا بما حملته لها الرياح القادمة من القصر الرمادي من شواهد سهرت على معلمتها سواعد مفتولة ، آثرت العمل على القول ، وزاوجت بينهما كلما إقتضت الضرورة ، ..فسالت دموع البهجة رقراقة على خدود الشيب قبل الشباب لتنقش في معالم تلك الوجوه –التي كادت تختفي- نهرا عذب المعين يتدفق من إيمان صادق بأن غدا كنا ننتظره قد أبلج صبحه ..
صحيح أنه إن كانت السماء لا تمطر ذهبا ، فمعناه أن النجوم أبعد إحتمالا في إمطار المعوزين والمنسيين ، لكن نجوم الرتب التي توزعت على مناكب المجلس الأعلى للدولة أمطرت عملا جادا يسمو ويعظم بسمو رتبة كل فرد فيه مما جعل تلك النجوم تمطر ما هو أغلى من الذهب ، ألا وهو محبة الشعب ومودته ، ويالهذا الغيث…فالنجوم اليوم في وطني تمطر ذهبا..
كلما ركبت سيارة الأجرة (التي خفضت تسعيرة النقل بين الولايات بفرق 500 أوقية للراكب) متجها إلى مكان ما من أركان الوطن العتيق شاهدت أملا بدأت قصيدته تتغزل بالمستقبل الذي أفصح عن خير أمة صبرت ، وأحتسبت صبر أيوب على بلواه..، وكلما سألت أحدهم –متغابيا – صاح في لحظة إنفعال ..’إنها الدولة (فعلت) كذا ..’ ، وسبحان الله الذي فرق بين كلمتين ..(فعلت ، قالت) ، فما نحن الآن بأكثر إحتياجا إلى القول منا إلى العمل. ففي كل بيت من بيوت الحي ‘الساكن’ سكون حياة الأمل في قلب قاطنيه قصة تروي ‘معالم في الطريق’ ، ورواية عن جريمة قتل الحياة بكل تصاريفها الحلوة والمرة في أفئدة الأمهات اللاتي عقدن في نواصي أبنائهن وبناتهن خيوطا رقيقة من صوف الأمل بغية أن يرقى بهن المستقبل بأيدي قرة أعينهن ، وطمعا في أن تنتشلهن وأهلهن معجزة ما من ظلمات الفقر والجهل والبطالة التي كن يعمهن في ظلماتها … هذا الحي (مع عدم التدقيق في معنى كلمة حي) الساكن ، دبت في أكواخ صفيحه الصدئة جذوة الإحساس بالإنصاف ، وأبصر أهله تربيت القادة على أكتافهم والشد على سواعدهم ، ومد العون لهم بعد مسيرة طويلة مريرة المجريات ، قاسية المحطات ..ولد وشب وشاب أثناءها جيل بأكمله ، أخذ منذ نعومة أظافره يتحسس –كالأعمى- تعابير الحياة فلم يتعرف عليها .. ولم يدرك من جمالها إلا تلك المزركشات والألوان التي يراها كلما حطت طائرة خلف ‘الجدار العازل’ لمطار نواكشوط الدولي ..أما من ظلم تلك الحياة فحدث ولا حرج …وأبدأ بأزيز تلك الطائرة ذات الألوان البهية كلما همت بالإقلاع أو الهبوط ، في ساعة من الليل متأخرة يأن فيها ضعاف من شدة وطأة المرض ، ومن ألم اللامبلاة التي يرشفون من علقمها و حنظلها الزعاق شربة في الصباح وأخرى حينما تشتد قسوة الهجير على تلك الأكواخ ‘المصفحة’ ، وأخرى عندما يؤذن الباعوض ببداية العمل الليلي.
أقف وقفة إحترام وتقدير لكل ما قام به وسيقوم به المجلس الأعلى للدولة ، ورئيسه الجنرال محمد ولد عبدالعزيز ، تثمينا غير مشروط لتسخيره الدولة للمواطن ..ولجعل المواطن هو الدولة ..ولإن كانت جهات معينة قد وقفت في وجهكم –سيدي الرئيس- فلا يهمنكم من الأمر شيء فتلك الجهات ستقف غدا للتزود بالوقود بسعره الجديد وسوف يشترون القمح والأرز والسكر بأسعارهم الجديدة ، ولو كان لي من الأمر شيء لفرضت عليهم أن يشتروا بالسعر السائد في العهد السابق ، فلكل عهد أمة معه ..ونحن معكم سيدي الرئيس ..
محمد ولد بدين
ould-beddin@hotmail.com
محمد ولد بدين/صحفي وكاتب
ould-beddin@hotmail.com
في خضم المراحل المتعاقبة على المنكب البرزخي ، وضمن لائحة الحكام الذين مشوا على البساط الأحمر في بلاد السيبة ، وآلمتهم أعينهم من ‘فلاشات’ الكاميرات الرقمية والـ’حرفية’ ، وضمن أسطول الذين أصيبوا بشد عضلي في وجوههم بعد إبتساماتهم العريضة للجماهير التي تكتنفهم في حلقة الأمل المعقود عليهم بأن يغيروا الحال ، ويمحوا سطر المحال .. ورغم ما أدلوا به من تصريحات رنانة ووعود كريمة وخطابات سخية العطاء –في الأسلوب الخطابي على الأقل- صمتت جموع المؤيدين والمعارضين أمام ذهول الواقع الذي لم ينتج إلا ضنك العيش ، وضعف ذات اليد مع كل كلمة بل مع كل حرف يتلفظ به مسئول إلى رعيته ، وآثروا التأوه الأليم ، حسرة على ساعات من الركض تحت الموكب السامي بغية إسماع صوت أو إرسال تحية أو صورة جماعية مع المتجملين ببدلاتهم الغالية ‘المستوردة توا’ من ‘الخارج’،الذين هم أولوا الأمر والنهي ، ساعات بمقياس البروتوكولات كانت تمثل زيارة ‘رسمية ..أو تفقدية ..أو إطلاعية…أو سمها ما شئت’ ، لكنها بمقياس أولئك الضعفاء ساعات لا يحمل من شغلها عصا سحرية تضع في جيب كل متأوه ثمن رغيف خبز وقطعة ملح قد تسد رمق عائلة لم تجد بدا من البحث عن قوتها كل إشراقة شمس ، في معترك الحياة اليومية المليئة بالأتراح ، وضمن قانون ‘هذا للدولة والدولة لي’..ووسط النقيع الذي أثارته حوافر المتاجرين بأرواح أناس أصبحوا ما بين شبه هيكل عظمي ، أو قماش في هيئة شبح!!.
واليوم صمتت ذات الجموع فرحا بما حملته لها الرياح القادمة من القصر الرمادي من شواهد سهرت على معلمتها سواعد مفتولة ، آثرت العمل على القول ، وزاوجت بينهما كلما إقتضت الضرورة ، ..فسالت دموع البهجة رقراقة على خدود الشيب قبل الشباب لتنقش في معالم تلك الوجوه –التي كادت تختفي- نهرا عذب المعين يتدفق من إيمان صادق بأن غدا كنا ننتظره قد أبلج صبحه ..
صحيح أنه إن كانت السماء لا تمطر ذهبا ، فمعناه أن النجوم أبعد إحتمالا في إمطار المعوزين والمنسيين ، لكن نجوم الرتب التي توزعت على مناكب المجلس الأعلى للدولة أمطرت عملا جادا يسمو ويعظم بسمو رتبة كل فرد فيه مما جعل تلك النجوم تمطر ما هو أغلى من الذهب ، ألا وهو محبة الشعب ومودته ، ويالهذا الغيث…فالنجوم اليوم في وطني تمطر ذهبا..
كلما ركبت سيارة الأجرة (التي خفضت تسعيرة النقل بين الولايات بفرق 500 أوقية للراكب) متجها إلى مكان ما من أركان الوطن العتيق شاهدت أملا بدأت قصيدته تتغزل بالمستقبل الذي أفصح عن خير أمة صبرت ، وأحتسبت صبر أيوب على بلواه..، وكلما سألت أحدهم –متغابيا – صاح في لحظة إنفعال ..’إنها الدولة (فعلت) كذا ..’ ، وسبحان الله الذي فرق بين كلمتين ..(فعلت ، قالت) ، فما نحن الآن بأكثر إحتياجا إلى القول منا إلى العمل. ففي كل بيت من بيوت الحي ‘الساكن’ سكون حياة الأمل في قلب قاطنيه قصة تروي ‘معالم في الطريق’ ، ورواية عن جريمة قتل الحياة بكل تصاريفها الحلوة والمرة في أفئدة الأمهات اللاتي عقدن في نواصي أبنائهن وبناتهن خيوطا رقيقة من صوف الأمل بغية أن يرقى بهن المستقبل بأيدي قرة أعينهن ، وطمعا في أن تنتشلهن وأهلهن معجزة ما من ظلمات الفقر والجهل والبطالة التي كن يعمهن في ظلماتها … هذا الحي (مع عدم التدقيق في معنى كلمة حي) الساكن ، دبت في أكواخ صفيحه الصدئة جذوة الإحساس بالإنصاف ، وأبصر أهله تربيت القادة على أكتافهم والشد على سواعدهم ، ومد العون لهم بعد مسيرة طويلة مريرة المجريات ، قاسية المحطات ..ولد وشب وشاب أثناءها جيل بأكمله ، أخذ منذ نعومة أظافره يتحسس –كالأعمى- تعابير الحياة فلم يتعرف عليها .. ولم يدرك من جمالها إلا تلك المزركشات والألوان التي يراها كلما حطت طائرة خلف ‘الجدار العازل’ لمطار نواكشوط الدولي ..أما من ظلم تلك الحياة فحدث ولا حرج …وأبدأ بأزيز تلك الطائرة ذات الألوان البهية كلما همت بالإقلاع أو الهبوط ، في ساعة من الليل متأخرة يأن فيها ضعاف من شدة وطأة المرض ، ومن ألم اللامبلاة التي يرشفون من علقمها و حنظلها الزعاق شربة في الصباح وأخرى حينما تشتد قسوة الهجير على تلك الأكواخ ‘المصفحة’ ، وأخرى عندما يؤذن الباعوض ببداية العمل الليلي.
أقف وقفة إحترام وتقدير لكل ما قام به وسيقوم به المجلس الأعلى للدولة ، ورئيسه الجنرال محمد ولد عبدالعزيز ، تثمينا غير مشروط لتسخيره الدولة للمواطن ..ولجعل المواطن هو الدولة ..ولإن كانت جهات معينة قد وقفت في وجهكم –سيدي الرئيس- فلا يهمنكم من الأمر شيء فتلك الجهات ستقف غدا للتزود بالوقود بسعره الجديد وسوف يشترون القمح والأرز والسكر بأسعارهم الجديدة ، ولو كان لي من الأمر شيء لفرضت عليهم أن يشتروا بالسعر السائد في العهد السابق ، فلكل عهد أمة معه ..ونحن معكم سيدي الرئيس ..
محمد ولد بدين
ould-beddin@hotmail.com