أخبارأخبار عاجلةثقافة وفندوليعربي

وثائق “مخابراتية” رفعت عنها الولايات المتحدة السرية تكشف حنكة ملك المغرب وسِرَّ دعم الجزائر للبوليساريو

أنباء انفو- كشفت وثائق لوزارة الخارجية أو للمخابرات الأمريكية مصنفة سرية أو سرية للغاية، تم رفع السرية عنها بعد مرور 25 عاما أو أكثر، عن معلومات غاية فى الاهمية و الحسّاسية فى نفس الوقت تتعلق بدوافع النظام الجزائري من دعم جبهة البوليساريو الإنفصالية  و حشر نفسه فى ملف إقليم الصحراء جنوب  المغرب  رغم اعترافاته المتكررة و المعلنة ، أن الأقليم ليس أرضا جزائرية.

واستتنتج بعض قراء تلك الوثائق السرية الأمريكية، أن علاقة الجزائر مع ملف إقليم الصحراء  كانت فى البداية  متراوحة بين المناورة الدبلوماسية لانتزاع اعتراف مغربي بسيادة الجزائر على تيندوف والصحراء الشرقية عبر مصادقة نهائية على معاهدة افران الموقعة سنة 1969، وبين الرغبة في الانتقام من المغرب عن حرب الرمال 1963. والتوجهان كانا موجودين إبانها لدى جناحين في الحكم بالجزائر.

وتقول وثيقة للمخابرات الأمريكية رفعت لكسينجر في 8 نوفمبر  1975، بأن “الرئيس بومدين يتعرض الآن لبعض الضغوط الداخلية وقد وضع هيبته على المحك”. وتضيف الوثيقة بأن بومدين “قد يعرض نفسه للنقد الداخلي إذا تراجع عسكريا أمام الحسن الثاني. ومن ناحية أخرى، من شأن تحقيق نتيجة ناجحة للجزائر أن يقوي بومدين في الداخل ويعزز أوراق الاعتماد الدولية للجزائر”.

وسيكشف قرار المغرب بتنظيم المسيرة الخضراء، سيكشف أبعاد جديدة في الموقف الجزائري من النزاع.

وكان المغرب قد فاجأ حلفاءه الأمريكيين بطلب استشارة من محكمة العدل الدولية في لاهاي، حول ما إذا كان الإقليم قبل الحماية (1884) ثم الاحتلال الإسباني (1958)، قد كان “أرض خلاء”، وما طبيعة العلاقة التي كانت تربط سكان الإقليم بالمملكة المغربية؟ وأدى طلب المغرب الذي وجهته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 ديسمبر/ كانون الأول 1974 لمحكمة العدل الدولية إلى تأجيل الانسحاب الإسباني حتى صدور رأي استشاري من المحكمة، في منتصف أكتوبر 1975.

وفي غضون ذلك كانت الأوضاع الميدانية تتسم باحتقان كبير وبدايات الاشتباكات المسلحة على الأرض. ففي بداية شهر أكتوبر 1975، توصل كيسنجر بتقرير من المخابرات الأمريكية يفيد بأن المغرب يستعد للقيام بتدخل عسكري، وكان ذلك يعني مواجهات عسكرية متعددة الجبهات، من جهة مع الجيش الإسباني الذي لم يكن قد انسحب بعد من الإقليم، ومن جهة أخرى مع مسلحي جبهة البوليساريو والجيش الجزائري الذي كان يتمركز في مواقع متاخمة للإقليم الصحراوي.

ففي الرابع من أكتوبر 1975، بعث كيسنجر عبر السفارة الأمريكية في الرباط، برقية عاجلة للملك الحسن الثاني يعرب فيها عن قلقه من تقارير توصل بها تفيد بأن المغرب يستعد لـ “عمل عسكري وشيك في الصحراء الإسبانية، يمكن أن يؤدي إلى أضرار عسكرية وسياسية شديدة للمغرب”.

وفي برقيته يتوجه كيسنجر بـ”نصيحة قوية” للملك الحسن الثاني بالتراجع عن هكذا خطوة، مذكرا “بسعينا دائمًا إلى أن نكون مساعدين حيثما أمكننا دون أن نسعى لأن نصبح طرفًا في هذا النزاع. سنواصل القيام بذلك”. مؤكدا أنه سيقابل وزير الخارجية الإسباني بيدرو كورتينا ويبحث معه عن “حل مرض للطرفين”. وهو ما تؤكده وثيقة مؤرخة بنفس التاريخ في شكل مذكرة محادثات بين الوزيرين كيسنجر وكورتينا، يؤكد فيها كيسنجر: “لدينا بعض المعلومات بخصوص هجوم مغربي محتمل في الصحراء. أريدك أن تعرف أننا قد حثثنا ملك المغرب على عدم القيام بذلك، أي ألا يفعل أي شيء بتهور. لقد حذرناه منه وحثثناه على التفاوض كما أحثك على التفاوض”.

وكان رد الوزير الإسباني “نحن مستعدون للقيام بذلك، وقلنا إننا سنفعل ذلك. ومع ذلك، من المهم الحفاظ على شكل الاستفتاء على تقرير المصير مع ضمانات للتفاوض وإرضاء الأطراف. تقرير المصير لا يعني الاستقلال، رغم أن ذلك أحد الخيارات المدرجة لمنحه المصداقية، لكن ما سيُطلب من سكان المنطقة القيام به هو إظهار تفضيلهم إما للمغرب أو لموريتانيا”. ثم يؤكد كسينجر: “نحن مستعدون لاستخدام نفوذنا في المفاوضات”.

ويبدي كورتينا قلقه قائلا: “حسب الأنباء لدينا فإن الهجوم المغربي لن يكون حصريا على أراضي الصحراء ولكن أيضا ضد الجزائر..”. وتكشف الوثيقة أن كيسنجر وكورتينا كانا يتوقعان خسائر عسكرية كبيرة للجيش المغربي، لكنهما كانا متفقين على تفادي سيناريو وقوع مواجهة عسكرية بين الجيشين المغربي والإسباني، كما أشار الوزير الإسباني إلى أن ما يجعل الوضع معقد جدا في الإقليم سواء من ناحية عسكرية أو في حالة تنظيم إستفتاء، هو “تواجد سكان من الجزائر وموريتانيا في المنطقة وهذا يعقد المشكلة” كما يقول كورتينا.

ويبدو أن تقارير المخابرات الأمريكية والإسبانية التي كانت تحذر من هجوم عسكري مغربي “وشيك”، كانت مستندة إلى معلومات ميدانية عن استعدادات مغربية لتنظيم المسيرة الخضراء، رغم ما أحيط به قرار الملك الحسن الثاني من سرية في بدايات شهر أكتوبر. ويذكر الحسن الثاني في مذكراته “ذاكرة ملك” بأنه أحاط تنظيم المسيرة الخضراء بالسرية حتى على دوائر القرار المغربي، وأنه كلف الحكومة بإعداد المؤونة لشهر رمضان بشكل إضافي لمواجهة نقص المحاصيل الزراعية في ذلك العام. إذ أخبر الملك فقط ثلاثة من كبار قادة الجيش. وبقي الخبر في طي الكتمان لمدة أسبوعين، وقبل شهر من انطلاق المسيرة تم إخبار أعضاء الحكومة وعمال الأقاليم، وبدأ تسجيل المتطوعين.

ومباشرة بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية في منتصف أكتوبر 1975، أعلن الملك قراره بتنظيم المسيرة، وتضمن قرار المحكمة إقرارها بوجود علاقة بيعة قانونية بين سكان الصحراء وملك المغرب قبل استعمار إسبانيا للإقليم وكذلك وجود علاقة مع موريتانيا، وأوصت المحكمة بتقرير المصير في الإقليم.

وفي السادس من نوفمبر أعطى الملك إشارة إنطلاق المسيرة من أغادير باتجاه سيدي إفني وصولا إلى العيون، بمشاركة 350 ألف شخص حاملين للرايات المغربية ومصاحف القرآن، في شكل مسيرة سلمية و “دون حرب من أجل استرجاع المغرب أراضيه في الصحراء المغربية” كما ورد في خطاب الملك الحسن الثاني.

لكن مساعي كيسنجر لثني المغرب عن تنظيم المسيرة الخضراء ستسمر بشكل حثيث وتحت وطأة ضغوط إسبانية و”تهديد” جزائري، كما تكشف وثائق أمريكية.

في 19 اكتوبر عشية اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن مستقبل الوضع بالصحراء ، وجه كيسنجر رسالة للحسن الثاني يعرب فيها عن إرتياحه للرسالة التي بلغته عبر السفير عبد الهادي بوطالب بأن “المغرب لا يفكر في القيام بعمل عسكري”. لكنه يشدد على ضرورة توخي نهج “الوسائل الدبلوماسية لتسوية النزاع في ضوء قرار محكمة العدل الدولية ولجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، وينصح كيسنجر الحسن الثاني “بإرجاء خطط تنظيم المسيرة ريثما يتم التوصل إلى تسوية من شأنها تجنب المواجهة العسكرية والسياسية”.

وفي وثيقتين مؤرختين في 26 اكتوبر و6 نوفمبر، يظهر الضغط الذي مارسته الجزائر على واشنطن والدول الأعضاء في مجلس الأمن لثني المغرب عن تنظيم المسيرة، وكيف وصل ضغط الرئيس بومدين إلى مستوى “التهديد غير الصريح”، كما تكشف مذكرة من السفارة الأمريكية في الجزائر عن فحوى لقاء عقده الرئيس الجزائري مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن: “قدم بومدين ما يبدو إلى حد كبير وكأنه إنذار نهائي لمجلس الأمن لإخراج المغاربة من الصحراء. لا يوجه أي تهديدات صريحة ولكنه يشير إلى أن الجزائريين سوف يقومون بعمل عسكري إذا لم يتم فعل شيء ما”. وبحسب الوثيقة: “كان بومدين مهذبًا ولكنه خطير.. وطلب من أعضاء مجلس الأمن دعوة الحسن إلى وقف المسيرة الخضراء.. وإلا فإن الوضع في المنطقة سيتدهور بسرعة”. وخاطب بومدين السفير الأمريكي قائلا: “أريدك أن تسأل الدكتور أين هو. أين دكتور كيسنجر؟ لا شيء يمكنك قوله لي سيقنعني بأن الولايات المتحدة لا تستطيع إيقاف هذه القضية على الفور. كل ما عليك فعله هو إرسال رسالة إلى الحسن تقول فيها توقف وسيتوقف دون اقتباس”.

وفي تعليق السفير الأمريكي على كلام بومدين: “بينما لم يوجه بومدين أي تهديدات صريحة، فإن ما قاله بدا إلى حد كبير وكأنه إنذار هادئ. قارنوا الملاحظات مع السفير الفرنسي ولدينا انطباع من تصريحات بومدين أنه إذا لم يكن هناك أي إجراء قريبًا لإخراج الحسن (الثاني) من الصحراء، فإن الجزائريين سيشركون أنفسهم بشكل مباشر، أي عسكريًا، في هذه القضية. وتشير الوثيقة إلى أن الجزائريين “نشروا قوات كبيرة في المناطق الحدودية وهم في وضع يسمح لهم بالتحرك ضد المغرب”.

وفي وثيقة أخرى قال كيسنجر بأنه كان من الصعب عليه إقناع الجزائريين بأن تحرك المغرب لم يكن بناء على ضوء أخضر أمريكي، لاسيما وأن في المغرب قواعد عسكرية أمريكية ويربطه تحالف قوي مع واشنطن.

وعل الجبهة الأخرى كانت اتصالات كيسنجر متواصلة مع الجانبين المغربي والإسباني، في ضوء تكليف مجلس الأمن الدولي لأمين عام الأمم المتحدة النمساوي كورت فالدهايم بإجراء اتصالات مع الأطراف المعنية بالنزاع من أجل إيجاد تسوية سلمية. بينما كانت مدريد ومراكش تشهد اجتماعات مكثفة بين حكومتي إسبانيا والمغرب.

وفي “ذاكرة ملك” يؤكد الملك الحسن الثاني أن كسينجر كان أول مبعوث يستقبله بمناسبة المسيرة الخضراء سنة 1975. ويضيف: “لقد كان الرئيس الأمريكي (نيكسون) يريد أن يعرف ماذا كان سيحدث بيننا وبين الإسبان”.

وحسب الوثيقة المتعلقة باجتماع الرئيس الجزائري في 6 نوفمبر، مع سفراء الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، فإن بومدين قال إنه: “لم يعول على البريطانيين كثيرًا”. أما بالنسبة للفرنسيين، فقد كان “يعرف جيدًا دورهم. لقد مارسوا ضغوطًا كبيرة على إسبانيا للإستسلام للمغرب” وبأنه لم يكن يتوقع منهم الكثير.

فبعد أسبوع واحد من المسيرة الخضراء، وبينما كان الجنرال فرانكو على فراش الموت، وقعت إسبانيا مع المغرب ومورتانيا في الرابع عشر من نوفمبر 1975، اتفاق مدريد الذي أنهى الاستعمار الإسباني للصحراء .

وقوبل اتفاق مدريد برفض جزائري، سيتطور سنة 1976 إلى مواجهات عسكرية مباشرة  في الصحراء بين المغرب ومسلحي جبهة البوليساريو مدعومين من الجزائر، كما تعرضت موريتانيا سنة 1977 لهجوم من قوات جبهة البوليساريو، وبعد عام واحد سيتعرض نظام الرئيس مختار ولد داده إلى انقلاب عسكري، وذلك بعد ثلاثة أعوام من توقيعه لاتفاق مدريد .

كما تفيد وثيقة أمريكية بأن بوتفليقة أبدى لكسينجر غضبه من موقف الرئيسين التونسي الحبيب بورقيبة والسينغالي ليبولد سيدار سنغور لأنها لعبا دورا في حث الرئيس جيسكار ديستان على التدخل عسكريا لدعم موريتانيا.

وبموازاة الصراع المسلح احتدمت المواجهة الديبلوماسية بين الجزائر والمغرب على الأصعدة الإقليمية والدولية، وفي فيبراير 1976 أعلنت جبهة البوليساريو من تيندون الجزائرية جمهورية خاصة بها ودفعت الجزائر بتمويلات كبيرة إلى بعض الدول ومنظمات إقليمية مقابل الإعتراف بها، ولكن وإلى اليوم لم تنل اعترافا من الأمم المتحدة أو الجامعة العربية القريبة واحتفظت البوليساريو ،  بالإعتراف الإقليمي الوحيد فى الإتحاد الأفريقي رغم تحرك جدي داخل ذلك الإقليم،  يطالب بنزع ذلك الإعتراف.

 

-أنباء انفو- Dw.com- متابعات

مواضيع مشابهة

تعليق

  1. من هدا السرد التاريخي يظهر ان الهزيمة امام المغرب لازمت الكبرنات مند بوخروبة الى شنقريحة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button