أخبارمقالات

“ما لكم كيف تحكمون”  *

أنباء انفو- ما دام المواطن يهدد رجل الأمن و يعتدي عليه ،

ما دام المواطن يعتقد أن من حقه أن ينتقم لنفسه من رجال الأمن و غيرهم ،
ما دام المواطن يفتخر بتحديه لرجال الأمن و عدم الخضوع لهم ،
ستظل مثل هذه الحوادث تتكرر كل يوم ..

الشرطة (ظالمة كانت أو مظلومة)، لم تقتل قط و لن تقتل إنسانا طبيعيا يحترم نفسه و يحترم رجال الأمن ..

محاضر الشرطة و مكائدها و تصفية حساباتها مع الآخرين (إن وجدت) ، لا ترقى إلى أكثر من الاستئناس أمام القضاء ، لأن مهمة المشرع هي حماية المواطن و حماية القانون ، لا حماية الشرطة.. لأن الشرطة لا يمكن أن تكون طرفا و حكما في نفس الوقت..

تقدير الموقف و اتخاذ القرار على خلفيته ، يظل متروكا لرجل الأمن بما فيه من صواب و أخطاء :
– يرى شيئا غير واضح في يدك فيطلق عليك النار ، معتقدا أنك تحمل سلاحا ..

– يرى أن هناك من يريدون قتلك أو ضربك فيعتقلك و أنت تصرخ لماذا تعتقلني و تترك المجرمين ؛ لأنه لا يستطيع أن يسيطر على المجرمين و لا يستطيع حمايتك إلا باعتقالك ..

حين تكون أمينتو بنت المخطار و العنصري التافه يَبَّ (بائع متجول في داكار) و الطرطور ابيرام ولد اعبيد ، هم من يحددون للشرطة ما يجب أن تفعله و ما يجب أن تقوله.. هم من يصدرون الاحكام (من الظالم و من المظلوم) ، مشككين بل مكذبين تقارير الشرطة و الأطباء و القضاة ، كيف نتكلم عن الأمن و الاستقرار؟

إن من يصبون الزيت على النار ، غير مبالين بمآلات ما يفعلون ، في اللحظات المحرجة للحدث ، بحثا عن شرارة الفوضى ، مطلقين أحكامهم الإجرامية ، انتهاكا للقانون للتأثير السلبي على التحقيق ، هم أول من يجب اعتقالهم و اتخاذ أقصى العقوبات في حقهم..

لا أريد أن أنتقد تصرفاتهم و آتي بمثلها كما يفعل الكثيرون في هذا البلد : لستُ جهاز تحقيق و لا قاضيا .. لا أبرئ الشرطة و لا أتهم عمار جيوب .. لا أملك جهاز كشف الكذب و لا صلاحية إصدار الأحكام (مثلكم جميعا) .

و حين تصدر تقارير الشرطة و قاضي التحقيق و طبيب التشريح و حكم القضاء ، يمكنني حينها أن أقول إنني فهمت أو لم أفهم و هو موقف لا يترتب عليه أكثر من انطباع شخصي لا قيمة له .

هذا طبعا ، لمن لا ينصب نفسه رقيبا على تصرفات الدولة و يتعامل معها كمتهمة و صاحبة سوابق غير مؤتمنة على حماية الشعب و القانون..!؟

الشرطة تقبض على شخص (…) ، يموت في المستشفى (…) ، تتخذ السلطات الإجراءات اللازمة (…)، يرفع أهله قضية يتهمون فيها الشرطة أو يطالبون بإظهار الحقيقة:
– ما علاقة النظام بهذا ؟
– ما علاقة هرم الأمن به؟
– ما علاقة بيظان”الآبارتايد” به؟
هل تريدون أن يأمر رئيس الدولة بقطع رؤوس العاملين في المفوضية إرضاء للدعية أبيرام و المجنونة أمينتو بنت المخطار !؟

إن قبض الشرطة على نسبة نيف و تسعين في المائة من الجرائم في البلد بوسائلهم المتواضعة و إمكانياتهم المحدودة ، يجعلنا أمام تجربة فريدة ، تُسند ظهرها إلى مجهود بشري خارق و لا يمكن لشرطة هذا مستواها المهني أن تكون على الصورة التي يصفها بيها السخيف ولد اعبيد و المجنونة أمينتو .
إن مأخذنا الأكبر على مدير الأمين و كل القادة الأمنيين ، هو هذا التسامح الزائد و الخطير مع من يتحدون يوميا وكلاء الشرطة و الأمن في الشارع و المخافر (الشجار مع الشرطة ، الاعتداء عليها ، البذاءات اللفظية ضدها …) .
هذه الممارسة اليومية ضد رجال الأمن ،
هذا الاحتكاك المفرط بين رجال الأمن و المدنيين ،
هذا الازدراء بالأمن و الجهل بالقوانين ،
يجب أن يتوقف ، أن يواجه بعقوبات رادعة ، لا يُهان فيها رجل الأمن أمام المدنيين مهما كانت أخطاؤه و لا يترك له الحبل على القارب لارتكاب تجاوزات تسيئ إلى سمعة الأمن و حقوق المواطنين المصانة ..

لا أحد يستطيع أن ينكر أن للأمن نصيب من مسؤولية صورته المؤسفة في هذا البلد ، لكن أي شيء من ذلك لا يمكن أن يبرر الازدراء بالشرطي و عدم المثول لأوامره ..
يجب أن يظل رجل الأمن مطاعا بأعلى درجات الاحترام ..
يجب أن يسمع كل مسؤول أمني شكاوى من تقع عليهم تظلمات من الشرطة التابعة له ..
على الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم .. أن يعدلوا بين الناس .. أن يدركوا مدى خطر التعايش مع هذه الفوضى العمياء .. هذه الفوضى الحمقاء .. هذه الفوضى التي تعرفون جميعا من يعيشون على سمسرتها ..

على الجميع أن يفهم أن بلدا تتكلم فيه المجنونة أمينتو و الجاهل ابيرام و يسمح فيه لكل من هب و دب بالحديث عن حساسيات المجتمع و حقوق المواطنين و سمعة البلد ، لن يكون بخير ..

ما الفرق بين كلام المجنونة أمينتو و الجاهل ابيرام عن حقوق الانسان و ممارسة أي آخر للطب بشهادة مزورة ؟

من حق أي مثقف ان يتكلم عن الثقافة كما في جميع العالم ..
من حق أي طبيب أن يتكلم عن أمور ترتبط بتخصصه كما يحدث في كل العالم ..
فما معنى أن يتكلم (في موريتانيا وحدها). أي مجنون ، لم يجلس يوما على كرسي الدراسة ، عن الطب و الدين و الأخلاق و الحقوق و العبودية و الجغرافيا ؟؟؟؟

كيف تستقيم الحياة في بلد يعيش مثل هذه الفوضى العارمة؟.

* سيدى علي بلعمش

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button