أخبار

خطر “داعش” على موريتانيا

أنباء انفو- إذا كان تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”-“داعش” الإرهابي، يجسد واقعا ملموسا في مناطق نفوذها في العراق وسوريا، فإنّ إمكانية امتدادها إلى موريتانيا أصبح واقعا ملموسا على الأرض بعد الإعلان عن تفكيك خلية تابعة له شمال البلاد .

وقال مصدر أمني إن “عناصر بالتنظيم حاولوا مؤخرا استدراج 4 شبان موريتانيين من مدينة أزويرات الشمالية، عبر محادثات عن طريق الإنترنت”، وأضاف: «الجهات الأمنية تجري التحقيق حاليا مع 3 من المعنيين، وتأكد لديها حرص التنظيم على إيجاد موطئ قدم له في موريتانيا”.

وقال إن السلطات الأمنية “باتت متوجسة من وجود خلايا تابعة لـ(داعش) على التراب الموريتاني”، ولفت المصدر ذاته إلى أنه “رغم أن مناطق تواجد التنظيم بعيدة حتى الساعة جغرافيا عن موريتانيا، إلا أن ثمة مؤشرات أمنية قوية تدلل على أن التنظيم يستخدم أدوات متعددة من أهمها التكنولوجيا الرقمية من أجل تكون خلايا بموريتانيا”.

مع ذلك ذهب محللون إلى أن تهديد “داعش” للقارة الأفريقية لا ينبغي أن يؤخذ على أنّه تهديد وشيك، بل كخطر مستبعد، وفقا لشهادات متفرّقة.

ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تسبّبت تظاهرات “الربيع العربي” عموما، والحرب التي أعقبتها في ليبيا بشكل خاصّ، في ظهور مجموعات إرهابية من جديد، صنعت من الساحل الأفريقي معقلا للإرهاب الدولي… وهي الخطوة التي ثبَّتت وجود تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، حيث أن تمركزه بات يشمل بعض أجزاء الساحل الأفريقي التابعة لكلّ من موريتانيا ومالي والنيجر… والأمر نفسه بالنسبة لجماعة “التوحيد والجهاد في غرب افريقيا” (ميجاو) المتمركزة في الشمال المالي، و”بوكو حرام” في نيجيريا، وحركة “أنصار الدين”، أبرز المجموعات المسلّحة شمالي مالي.

هذه المجموعات المسلّحة التي تتوحّد أحيانا، عبر إقامة تحالفات تدعمها أهداف مشتركة أو قرابة أو جوار إيديولوجي معيّن، وتنشط بشكل منفصل في أغلب الأحيان، تعكس وجها متطرّفا في منطقة الغرب الأفريقي يقترب فكريا من “داعش”، ويتخذ من القارة الأفريقية عموما “هدفا سهل المنال، بسبب ضعف الحوكمة ( الإدارة)”، بحسب مدير “مركز التحليل السياسي والاقتصادي” في مالي إيتيان سيسوكو، والذي خلص إلى وجود “تهديد تمثّله داعش في منطقة الساحل (الأفريقي) والمغرب (العربي)”، و”خصوصا على مستوى الشكليات”.
وأوضح سيسوكو أنّ “المجموعات المسلّحة قادرة اليوم على ارتكاب أهول الفظاعات الإنسانية”، لافتا الانتباه إلى أنها كانت “في السابق تبحث عن التوسّع أي ضمّ مساحات إلى نفوذها، لكنها –في الوقت الراهن- تستوحي على المستوى الشكلي أساليب عملها الجديدة من داعش”.

وأشار إلى أنّ هذه المجموعات تبدو وكأنّها سقطت تحت “سحر” أو “إغراء” طرق عمل داعش وأساليبها في العراق وسوريا، في إشارة إلى عمليات ذبح رهائن غربيين مؤخرا في منطقة الساحل.

في 30 حزيران الماضي، أعلن المتحدّث باسم “داعش” أبو محمد العدناني، في شريط فيديو تداولته المواقع الإلكترونية المقرّبة من التنظيم “الجهادي”، قيام “الخلافة الإسلامية” في “العراق والشام”.

بضعة أيام إثر ذلك، أعلنت مجموعة “بوكو حرام” التي أعلنت تمرّدها منذ العام 2009، بشمالي نيجيريا، في شريط فيديو نشر في تمّوز الماضي، دعمها لـ “داعش”.

وفي 24 آب الماضي، أعلن زعيم “بوكو حرام” “أبو بكر شيكاو” قيام “الخلافة الإسلامية” شمال شرقي نيجيريا، وفقا لشريط فيديو حصل عليه موقع المعلومات المستقلّ “مراسلو الصحراء”.

ورغم أنّ زعيم تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” عبد المالك دردوكال المكنّى أبو مصعب عبد الودود رفض، إلى حدّ الآن، مبايعة “داعش”، لأسباب تتعلّق بحرب الزعامات والقيادة، إلاّ أنّ العديد من كوادر التنظيم قرّروا الانضمام إلى صفوف تنظيم “الدولة” في الشرق الأوسط.

وبحسب الباحث في مركز “الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” في مونتريال الكندية أديب بن شريف، فإن تأثيرات صعود “داعش” مقابل الخسارة التي أصابت أسس تنظيم “القاعدة” بنوع من الهشاشة، كانت “سطحية” على المجموعات المسلّحة في غرب أفريقيا.

وقال بن شريف، في قراءة لهذا الجانب، “حذاري من الإفراط في منح داعش خصالا هيكلية لا تتوفّر عليها”، إذ “من الخطأ تصوّر داعش في شكل مؤسّسة أو شركة تمتلك فروعا إقليمية بعلاقات وأدوار محدّدة بوضوح”.

ولفت الخبير إلى أنّه ينبغي التعامل مع “الولاءات بين المجموعات المسلحة (على غرار أنصار الشريعة وميجاو)، إضافة إلى تنظيم جند الخلافة، بشكل متّصل ومتسلسل”.

وتابع قائلا “تماما مثلما هو الشأن بالنسبة لظهور المجموعات المرتبطة بالقاعدة، فإنّ بعض الولاءات لا تتجاوز نطاق خطابات الدعم، ما يعني أنها رمزية فحسب، أي أنّها جزء من إستراتيجية الاتصالات المعتمدة”، إلاّ أنّ ذلك لا يمنع وجود “بعض المجموعات التي تتبنّى أساليب وطرق عمل داعش”، فمقتل متسلّق الجبال الفرنسي “إيرفيه غورديل” الذي خطف وقتل في أيلول الماضي، على أيدي تنظيم “جند الله” يوحي بنفس عمليات قطع الرؤوس التي تقوم بها “داعش”. ومع ذلك، يبقى من غير المؤكّد أن يتبنّى التنظيم في المستقبل هذا الأسلوب ويكرر فعلته.

أمّا بالنسبة لـ “سيسوكو”، فإنّ الإشكال الحقيقي يبقى، بغضّ النظر عن أسلوب العمل، متعلّقا بـ “غياب التنسيق والموارد أو الوسائل اللازمة للتصدّي لتلك المجموعات المسلّحة”، والتي من الممكن أن تبسط نفوذها، في المستقبل القريب، على مساحات متزايدة من المنطقة والقارة الأفريقية عموما، وهو ما يعني أن هناك تهديد من بعيد لـ”داعش”، وان كان الخطر مستبعدا في الوقت الحالي.
وكمثال على تلك الإشكالية، أشار الخبير إلى “ما تتكبّده القوات الأممية (المنيسما) المنتشرة شمالي مالي، من خسائر في أرواح جنودها، جرّاء ظروف العمل والنقص الحاصل على المستوى العددي لقواتها، إضافة إلى سوء حالة معدّاتها المستخدمة، دون أن يثير ذلك ردّ فعل من أي شخص”.

وختم حديثه قائلا “طريق التوصّل لحلّ للمسألة الأمنية الشائكة في منطقة غرب إفريقيا تمرّ وجوبا عبر الحوكمة الرشيدة..تلك أفضل وسيلة لمواجهة خطر داعش المحتمل في أفريقيا جنوب الصحراء”.

– أنباء انفو – وكالات

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button