مقالات

آن الأوان للدولة أن تضرب بيد من حديد / سيد محمد ولد أحمد

ما أعجب حالنا اليوم، انعكست المفاهيم، وانتكست المبادئ، وتغيرت النظرات، وتدفقت العبرات. وأصبح الحق باطلا، متهما، منبوذا، والباطل عبادة، وزينة، وجذبا إلى الضياع.

اليوم أيها الإخوة، ينشغل العبد بأمور دنياه الفانية أكثر من انشغاله بما خلق لأجله، فيمضي العمر بين أروقة السياسة والإدارة والسوق،

لا يرقب في مسلم إلا ولا ذمة، ولا يلحظ أن حياته تمضي هباء لعدم بنائه لما ينفعه في آخرته..

حلت لعنة بذرة الصليب التي تسمى الديمقراطية على أجواء المسلمين، وبسببها عمّت المظاهرات والدعايات لما يسمونه كذبا وتلبيسا “حرية”، حرية الرأي والنباح، وتحدي الآباء والشيوخ والرؤساء، والكبار، بل والدين نفسه!..

تغلغلت الديمقراطية في بلداننا ببطء مصدرة فحيحا يتبين منه المسلم الدعوة إلى كل نقيصة، والإعتراض على كل فضيلة وقامة، وظهر تحت مظلتها بعض الفارغين الجاهلين البعيدين من الفهم والدين، تظاهروا في الشوارع داعين إلى الفتنة، وانتزاع الرؤساء من مقاعدهم بالقوة، معطلين المصالح، ومتسببين في خراب البلدان التي حلت بها لعنتهم.

واجهوا القوة بالقوة، فكان الخراب والدمار، وتعرضت الدول التي نودي فيها بتلك الحقوق السخيفة للعنة التمزق والتفرق والضعف..
وفي بلدنا لم يصل الأمر إلى تلك الحال رغم اندفاع بعض الجهلة في نفس الطريق، متناسين أن الأمن الذي عاش فيه آباؤهم في ظل ديناصور دكتاتور خير من الفوضى التي لا تبقي ولا تذر.

تناسى الجميع أهم صفات المصلحين والتي من أهمها أن يكون صالحا في نفسه، وبعد ذلك الموعظة الحسنة، والحلم، والتصبر، والدعوة إلى الخير بالخير، ومساواة الناس في تلك الدعوة الصالحة، وعدم تمييز بعضهم عن بعض، إلى غير ذلك من الصفات الحميدة، فكان أهم مثال على ذلك الأنبياء الكرام، وتبعهم الصالحون، وحتى من الكفار من تحلم كصاحب جنوب إفريقيا الذي لم يسخط على البيض، ولم يصفهم بأنهم برابرة!..

ظهر الإخوان المسلمون كوقود للشوارع بإسم الدين، وفي الحقيقة اسمهم هو الإخوان السياسيون، أو الإخوان الديمقراطيون، فاعتمدوا على النعيق السخيف “سلمية، سلمية” من أجل انتزاع أهل الشوكة من أماكنهم! فوا عجبا لهم ما أغباهم، خرجوا على الحاكم كما خرج أجدادهم الخوارج، لكن هذه المرة بشعارات الديمقراطية المشئومة، ولو عادوا إلى الدين لوجدوه عامر بالأوامر بطاعة أولي الأمر وعدم الخروج عليهم، لماذا؟

لأن الحاكم ككل عناصر هذه الحياة ليس سوى مرحلة فائتة أو اختبار ماض، فنحن في امتحان دائم لا راحة فيه إلا بالموت، ولا جنة في الدنيا، ومن ظن من الإخوان أو غيرهم أن هذه الديمقراطية ستحول بلدانهم إلى جنان فهو واهم، والعيش في ظل الحاكم المسلم الشرير خير من العيش تحت رحمة التمزق والتشرذم، وحكم كل طائفة مارقة، وأنت تعلم أن المخلوق المسمى الإنسان – إذا ضل – وما أقرب ضلاله لما يحيط به من شياطين ومغريات – لا يمنعه من البطش إلا الدولة، وإلا فالتفت قليلا عن مالك ولن تراه بعد ذلك، وقل نفس الشيء عن الأرواح والأعراض، فهو مخلوق مؤذي أكثر حتى من السباع، فما يمنع الناس في كل مكان من شره إلا الحاكم، فما رأيك فيمن يسعى إلى الطعن في الحاكم جهارا نهارا، وبحجة الديمقراطية لا السيف، والسيف أفضل لأنه على الأقل سريع المفعول، يزيل الحاكم في لحظة ويضع في مكانه حاكم آخر، أما الديمقراطية فلا تنزع شيئا، ولا تضع شيئا، وتأمل في كل البلدان التي مر عليها شؤم مظاهراتها وسترى حقيقة ما ذكرته لك..

وفي الإطار نفسه خرج علينا أحد المتبرمين بلغة مستهجنة تقشعر لها الأبدان، وبعبارات ركيكة قذرة مريرة لا يقولها من في قلبه ذرة عقل أو صلاح، وانتقلت العدوى إلى بعض أتباعه المندفعين الساعين إلى أن يكونوا شيئا، وكل ذلك بسبب الديمقراطية المشئومة التي جذرت في النفوس أن لكل أحد الحق في الإعتراض والمطالبة بحقوقه المزعومة بالطرق الملتوية التي شرعتها الديمقراطية اللعينة! حتى لم يبق إلا أن يقوم اللصوص والمجرمون، ويعتصموا أمام القصر الرئاسي منادين بحقهم في البطش!

أصبح من حق كل غراب ناعق تكوين جمعية أو حزب أو الإحتجاج المباشر من تلقاء نفسه، من أجل تحقيق بعض المكاسب التي عجز عن تحقيقها بالعمل الصالح المبارك، وأن يهتف بوجه من حديد ب”حق التعبير، وحق التظاهر، وحق التسيب..”. فمن أعطاه هذا الحق غير الديمقراطية التي لا تراعي أمنا ولا سلما، ولا دينا ولا صلاحا، وأين هو حق المحافظة على الأمن القومي، وحق تنظيف الشوارع من المعطلين لمصالح الناس المتظاهرين، وحق الحفاظ على أمن ووحدة البلد بالقوة التي هي منطق المخربين الديمقراطيين.. أم أن الحقوق انحصرت في حقوقهم حتى أصبح المساس بها أعظم من المساس بالدين الذي رأيناه يتعرض للطعنات واللدغات، ولا أحد يحتج بقوة من الديمقراطيين الجهلة، وإذا ألقي اقبض على ثعبان سام أقاموا الدنيا ولم يقعدوها تنديدا بحبس الثعابين الحقوقيين!

لقد حان الوقت للضرب بيد من حديد علي كل من يدعو إلى الفتنة في هذا البلد، أو يشعل بيده الشمال فتيلها، وإذا لم تفرض الدولة هيبتها اليوم فمتى تفرضها، فالخطر الحالي يتهددها في المقام الأول، وهي الضامن الأول والأخير للسلم والأمن، لا أولئك المخربون ومن ورائهم من منظمات التجسس والدس الدولية التي يتبعون لها، وهي الوحيدة القادرة وبكل أريحية وإمكانية، على الدفاع عنه..

ولا أضر على مجتمعنا ممن يوقدون نار الفتنة جهارا نهارا بأفواههم الكبيرة تحت مظلة حرية التعبير والهرطقة، والشعارات الجوفاء، والتستر تحت مظلة الغرب المشجع على الخراب، حتى لا يكاد يوجد مسلمان اليوم يختلفان في أن الصليب المحزوم وراء جميع مشاكل المسلمين، وإذا لم يتحقق أملي – شخصيا- في الراحة من العلاقات الدبلوماسية مع الغرب فلن نتحرر أبدا، فهو يسرقنا بالإتفاقيات الدبلوماسية، ويذبحننا بالدسائس الحقوقية، ولا يخجل من ذلك، وتأمل في وقاحته عندما يساند إسرائيل بنبرة معلنة رغم ظلمها البيّن، بل يعلن ذلك داخل قصور رئاساتنا الغير مباركة، بل احتل من أجل سواد عيونها بلدا كبيرا عندنا كالعراق دون مراعاة لشعورنا، فنحن في نظره أجبن وأخس الناس، متخفون ساكتون خائفون منافقون عاجزون، ثم بعد ذلك نستقبل مبعوثيه الدبلوماسيين في كل يوم، فأي علاقات ديمقراطية ظالمة هذه؟ بل نناقش أجندته الخبيثة التي من بينها تفريقنا وإحراقنا، ونرضخ لها أكثر مما نرضخ لأصالتنا التي تأمرنا بالحق! فوا عجبا للمسلمين اليوم، والله لأن يحتلنا العالم كله وليس فقط إسرائيل، ويكون سببا في حياة بعضنا بعد الموت بالشهادة، وعودة العزة والدين إلى نفوسنا، لخير لنا من هذه التبعية السخيفة لمن يحارب ديننا الذي هو أصل وجودنا ومآلنا!..

لكن أين هذا الدين؟ لقد أُكلنا يوم أكلت البدع عقيدتنا الصحيحة القائمة على التوحيد، وأصبح 90 بالمائة منا على شفا جرف هار بسبب عبادة الضلالات ، وإلا فهل تعتقد أن مسلما واحدا على الصراط المستقيم يقبل بالقانون الوضعي بديلا للشريعة، هل تتخيل أن مسلما آخر على الصراط المستقيم يجهل أصول الولاء والبراء، ويقدم الكفار على المسلمين والقرآن مليء بالآيات المحذرة من ذلك المتوعدة فاعله بأقصى أنواع العقوبة، حتى رأينا اليوم من ينتصر بهم على المسلمين!..

لقد تخلى المسلمون عن الصراط المستقيم، وتحولوا إلى السبل التي على كل منها شيطان ناعق يرتدي أحيانا جبة الصلاح، وأحيانا أخرى جبة الصليب، ويدعو الناس إلى الفتنة والجحيم، ولا يهتم بدين، ولا بعزة، ولا بكرامة، فقبل المسلمون الذل، ونسوا الآية الكريمة “إن تنصروا الله ينصركم”، ومن أوجه نصر لله الإعتراض على البدع رحمة بالناس، والإعتراض على شذوذ الديمقراطية الكافرة المحرضة على الفتن، رحمة بهم أيضا، وعدم خشية الكافرين والمخربين أكثر من خشية الله.. لكن سكت العلماء، وسكتت الدولة، فما يفعل أمثالنا من العوام..

أصبح الواحد منا حجرا صلدا لا ينطق بحق، ولا يرد باطلا، ولا ينكر منكرا، وبحجة الأخوة والأبوة، والأدب، والصلاح، والديمقراطية، والزيف المتزيف، أُبعدت المسائل العقدية عن النقاش، وأبعدت سفاهات الديمقراطيين من حقوقيين وغيرهم من الإعتراض، كل ذلك بحجة الأدب مع المبتدعين، واحترام حرية رأي الديمقراطيين!، حتى أصبح من بين العلماء من يجامل أهل المنكر – ولا أنكر من الإبتداع في الدين -، ومن بين رويبضة السياسة والحقوق من يدافع عن الديمقراطية كأنها دين.. وقد قرنت بين الأمرين لتلاقيهما في الإبتداع والإفساد في الأرض، سواء إفساد الدين أو مصالح المسلمين..

إن المتتبع لتعامل الدولة مع هذا العبث ليلاحظ مدى تساهلها مع أهله، ممن لم يعد يمنعهم الحياء حتى من الوقوع في الدين، فإلى متى؟ إلى متى يطلق سراح كل من يعلن الحرب على هذا الشعب ومقدساته، ويدعو بعنجهية ووقاحة إلى حرق الأخضر واليابس دون مراعاة للصالح العام؟ إلى متى يُترك المفسدون يعيثون في الأرض فسادا ويخربون؟

أتنتظر الدولة أن ينفخ الشيطان في المحبوس، ويحوله إلى بطل في نظر شريحة مظلومة تتوق إلى حبل نجاة ينقذها من الفقر والتهميش، ككل شرائح المجتمع؟
إن المتابع للفيسبوك اليوم ليدرك تصاعد لهجة شباب هذه الشريحة الذي يقرأ ويكتب، تجاه إخوتهم البيظان، وقد أصبح الأمر واضحا للعيان، الكل يسعى لأن يشارك في نضال وهمي شيطاني ضخمه سكوت الدولة، حتى صارت للناعق هيبة، وترسخت قدمه عند اليهود والنصارى حتى زاروه في سجنه البعيد، ذلك المسكين الذي يكبر كشجرة ملعونة، متحولا يوما بعد يوم إلى وقود فتنة قد تأتي عليه قبل غيره، لا قدر الله..

وإذا كان بعض المثقفين الباحثين عن رمز في ظل ندرة الصالحين – وهنا بالمناسبة أقدم تحية خالصة للزعيم الصالح مسعود ولد بلخير، ففي مثل هذه الظروف يُعرف النافع من الرجال، واعتذر له عن كل تلميحة ناقدة وجهتها إليه في الماضي، وأسال الله العلي العظيم أن يمن عليه وعلينا بمواصلة التغلغل في طريق الجنة ويهدينا إليه، طريق الصلاح وحب الخير لكل الناس أبيضهم وأسودهم، ذلك أهم مئات المرات من كل الثروات التافهة.
فإذا كان بعض المثقفين الباحثين عن رمز في ظل ندرة الصالحين يتوق إلى الإرتماء في أحضان الشياطين بغية الإيمان بقضية مزعومة، فما بالك بالجهلة العوام الذين لا تحفظهم إلا فطرهم السليمة، أدام الله صفائها رغم كيد الحاقدين؟

إن ترك أمثال هؤلاء المخربين يجوسون البلاد بقوافلهم وآرائهم وعباراتهم الوضيعة البغيضة، يعتبر أكبر خطأ ترتكبه الدولة في هذه الأيام، وإذا كان أتباع هذا العياط قلة اليوم، فسيكثرون قريبا إن تركته يتصرف كما يشاء متجاوزا جميع الحدود، ولا يجبر الشيطان على الخنوس إلا المعوذتين، فلتقرأهما الدولة ومعها كل الصادقين، في وجهه ووجه أمثاله، ولتضرب بيد من حديد على كل من تخول له نفسه المساس بوحدة بلدنا الآمن، والحمد الله..

إن أمثال هؤلاء المغامرين الناعقين لا يلزمون هذا الشعب الطيب في شيء، لا نريدهم، ولا نريد سماع أخبارهم، ولا رؤية وجوههم التي عليها كل شيء إلا امارات الصلاح، ومكانهم الوحيد هو السجن، أو النفي، أو الإجبار، وأقول الإجبار لأنني لا أتحدث بمفردات هذه الديمقراطية المنسوخة، كفرت بها وبأهلها، وبرموزها، فمن لا يرضيه حال بلده مره وحلوه لن ترضيه جنة الخلد، ولن ترضى به، ومن يتعدى الخطوط الحمراء ويتحدى الدولة وطائفة مهمة من هذا الشعب الكريم، لا ينقصه إلا أن يقود شرذمة من الإنفصاليين ويشن عليها الحرب إن قدر على ذلك، فللدولة هيبة، وهيبتها هي التي تحفظها وتحفظ مواطنيها، والدولة الدكتاتورية الصارمة التي يعيش أبناؤها في وئام وأمان خير من الدولة الديمقراطية المنافقة التي يتحكم فيها سَكارى النصارى والمجانيين والمرضى النفسانيين، ويعيش أبنائها في خوف دائم من بعضهم البعض، وتحت رحمة فتيل قنبلة اسمها “حرية الفتنة”، قابلة للإنفجار في أي لحظة بثقاب “الحقوق” و”الحريات” و”القوانين الوضعية المشئومة”، فلتذهب الحقوق إلى الجحيم، ولتذهب معها اللغة الفرنسية (التي لا أحمل لها ولكل غربي مسالم إلا الإحترام)، وكل الأحزاب الديمقراطية والغير ديمقراطية التي انقلبت إلى أحزاب نصرانية تنصر أعداء الأمة والدين، وتخذل المؤمنين، بحجة قداسة الحقوق وحرية الرأي التافهة، التي دفعت الكثيرين إلى النباح في وضح النهار..

إن الديمقراطية وهم راق، وكذب براق، ونفاق مشئوم، هذه حقيقتها، فلا خير فيها، ولا تصلح للمسلمين، ولا تستغرب قولي هذا يا من لم يعد يفصل بينه وبين التنصر إلا تعليق الصليب على صدره!..

انظر حولك، بأي لغة تتكلم، وبأي منطق تفكر، وبأي قانون قضائي تحكم، وبأي نظام تعمل، ستجد على التوالي: اللغة الفرنسية التي يكفيها عيبا أن القرآن لم ينزل بها، ومنطق الزاني أرسطو، والقانون الفرنسي الوضعي، والنظام الديمقراطي الحقير المناقض لأسس الإسلام، فأي شيء أنت؟ فكر في هذا، واحسب الخطوات التي تفصل بينك وبين صليب القوم، وإن لم ترتده..

إن الديمقراطية لعنة علينا وعليهم، فلا تعتقد أنها مباركة في بلدانهم، بل بالعكس، لولا أنهم يسرقون ثرواتنا ليوفروا لشعوبهم ظروف الحياة الكريمة التي تشغلهم عن التفكير في نفاق وسلبيات ديمقراطيتهم، لما تعايشوا للحظة واحدة، فنظامهم خسيس ومشئوم، ولا أدل على ذلك من تشجيعه إياهم على الظلم والعدوان، وأفعالهم في دول العالم الإسلامي تشهد بخسة مبادئهم المبنية على الديمقراطية، ونظرية التثليث الغبية!

وسترون ما أقول لكم عند أول فرصة يجدون فيها أنفسهم فقراء معوزين مثلنا، إن شاء الله، وذلك قريب بإذن الله، جعل الله بأسهم بينهم وأرانا فيهم حربا عالمية ثالثة لا تُبقي “رداد أخبار”، تريحنا منهم، ومن رقيهم التافه، وحرياتهم السخيفة، وتنجينا من تدخلهم السافر في ديننا وشؤوننا..
إن هذه الديمقراطية الكافرة لا تصلح لنا، ولسنا أهلها إن كنا حقا أهل الله، فاختاروا أيها الكرام الذين كاد بعضهم يأكل بعضا بسببها، حتى صار لكل جماعة لواء وشيطان قائد، ولا ينقص إلا التطاحن أبعده الله، وأبعد كل الداعين إليه..

واليوم يعتقد بعضنا (كالعلمانيين) أن حربه الأساسية يجب أن تكون ضد الشريعة، وأحكام القرآن، وأن ذلك هو النضال الراقي المشروع، ويتهم الإسلام بالتخلف والرجعية، وهو الغبي الرجعي الجاهل المطموس البصيرة، المُحال بينه وبين الفهم الصحيح والرحمة، والعياذ بالله، كل ذلك بسبب ذنوبه ومنها الديمقراطية التي بلغها، وابنتها من الزنا مع العقول التي تسمى “حرية التعبير”، وأختها الكلبة النباحة “حرية التظاهر”، وجدتهما العاهرة “الإنتخابات الغير نزيهة”، حتى اعتقد بعض أشباه الإسلاميين أنه على شيء إن دافع عن المتبرم المتمرد، ودعا إلى إطلاق سراحه ليعود إلى الإفساد في الأرض بحجة الديمقراطية، ألا تبا لكل من يقدم غير دين الله على وحدة وطنه، ألا سحقا لمن ينتصر للظلمة الظاهر ظلمهم وتخريبهم، وهو يزعم أنه من قادة الرأي أو الإسلام!..

إن الدولة أيها السياسيون المعارضون، وأخاطبكم جميعا – إلا مسعود، أستثنيه هنا – لا بارك الله فيكم، أشرف منكم مجموعين، إن الدكتاتورية والبطش الذين ننعم في أجوائهما بالراحة والأمن خير لنا من تسيبكم الديمقراطي، وخطاباتكم الركيكة المشئومة..

ألا تخجلوا من أنفسكم بإعانتكم للمخربين؟ أتعينون من تعلمون في قرارة أنفسكم الأمارة بالسياسة، أنه يتخفى خلف قناع الإصلاح، فقط لأنه يرتدى قناع الحقوق! ألا تسمعون أقواله، ألا ترون أفعاله، أصمكم الله وإياه، وأعمى بصائركم كلكم أجمعون، أين كنتم يوم دخل أتباعه مساجد المسلمين ولطخوها بسفسطتهم الحقوقية التي لا أصل لها ولا فصل، وأساءوا إلى الكتب والعلماء، بل إلى شريحة كاملة من هذا الشعب الكريم؟..
أتعتقدون أن المتبرم ومن يقف خلفه من شياطين الغرب سيصفقون لكم بعد أن يجلسوا على أنقاضها؟ الويل لكم من ديمقراطيتكم التي ألهتكم عما ينفعكم في الدنيا والآخرة، ونسجت خيوط شؤمها مثل العنكبوت حول قبوركم، ودفعت الشيخ الفاني منكم إلى ترديد “أشهد أن حزب التكتل حق، وأن المتبرم شيطانه ورسوله” يوم وفاته!..

لم أكن أريد الحديث بمثل هذه العفونة عن هذه العفونة المتصاعدة لولا أن رائحتها تزكم الأنوف، ولا اعتبر نفسي متعصبا إذا انتصرت لحق صار الكل يخشى الحديث عنه، وهو أن هذه الديمقراطية شؤم علينا، ومثلها هؤلاء المتبرمون جميعا، ومن ورائهم من النصارى واتفاقياتهم المنحوسة..
فالمتبرمون أيها المسلمون، يجب أن يكونوا عبرة للقاصي والداني، ردعا للفساد المستشري، والدولة هي وحدها المخولة للحد من خطورتهم، وعليها في هذه اللحظة التاريخية أن تضرب ضربتها الحديدية التي مل منها آبائنا في السابق، وإلا فإن المستقبل مظلم في ظل تنامي هذه الزعامات الشيطانية، وتحولها شيئا فشيء إلى رموز عند أتباعها، لتحديها الصبياني الجاهل لهيبة الدولة! والتي كان ينبغي أن تصان من كل التجاوزات..
وصدق احد المتدخلين في أحد البرنامج عندما قال إن علينا سن القوانين المحرمة لمثل هذه التجاوزات، و”تشكريف” كل من لا يحترمها، والرمي به في الحبس.

وأعجب من ديمقراطية هذه الدولة ألا تدلها على وسيلة سهلة لمحاربة هذا المارق وأمثاله، وهي سن القوانين المتتالية الرادعة، ففي الغرب عندما تتنفس نملة في محطة القطارات يسنون قانونا جديدا، وعندما يزني الزاني في مكان غير عام، يدفعونه بالقانون إلى فعل ذلك في الأماكن العامة، لكل حادثة عندهم قانون، ولا يتوانون في تطبيق القانون بصرامة، أما عندنا فقد أخذنا السيئات فقط، فنحن بلا قوانين، وبلا منظرين، وبلا منفذين، وبلا رادعين، وبلا صادقين، بل بلا ديمقراطية على هذه الحال!

فلتُسن القوانين المجرمة للعمل بدون ترخيص، وبالتالي إغلاق كل المواخير الحقوقية، والقوانين المجرمة للمساس من حرمة الدين والعلماء، والناتفة لريش كل من يتعدى الخطوط الحمراء التي خطتها المصلحة العامة للشعب، والتي من بينها تهديد أمن ووحدة البلد..

إن هذه هي فرصة الدولة، وهذا هو الوقت المناسب لفعل شيء من أجل حماية هذا الشعب الجميل، والحد من خطورة هذا المتمرد، وغيره من السباع المتربصة، سواء بالنفي أو الحبس أو التحذير الصارم من العودة إلى مثل هذا الإرجاف، الذي هو بحق إرجاف، لا كما يقول أتباعه عن غيرهم من الأبرياء..
فلتفرض الدولة هيبتها، ولتحذر من الإستخفاف بهذا المخلوق، فرغم قلة حيلته اليوم – والحمد لله – إلا أن مستقبل شوكته هو التخنجر، وضرب هذا الوطن المسكين الفقير الذي يعيش سكانه في كنف الإسلام في ظهره..

الآن فرصتها، فقد وقع المدعو “ولم يُسَم عليه أحد” كما يقول المصريون، وأتباعه قلة منهكون حائرون يبحثون عن دعم شريحتهم الطيبة المسالمة لشرهم المتفاقم، وهو ما لن يكون – بإذن الله-، حتى أنهم تحولوا إلى أبيشات أخرى (جمع بوش، الرئيس الأمريكي الملعون السابق)، يعتمدون مقولته الشهيرة “من ليس معي في خبثي فهو ضدي”، تجاه كل من يعترض سبيلهم أو يرد عليهم، يبيحون لأنفسهم التشهير بالعلماء والأفاضل، وحرية الشتم والسباب، ويحرمون ذلك على غيرهم! ألا تعسا لديمقراطيتهم ..

وهنا يجب الإنتباه لهذا التصنيف المتصاعد الذي يدل على عنصريتهم وخبث منطقهم، فرغم أنهم قلة متمردة – إذ لو كانوا أكثرية لأكلونا – ككل من سبقهم من المؤذين، يصنفون كل ما عداهم على انه إما من المستعبِدين أو من المرتمين في أحضان المستعبدين! فعجبا لهذا التطرف الأعمى، كيف تصنف قلة منحطة الفكر والأسلوب أكثرية محبة للخير والصلاح داعية إلى السلم والوفاق، بأن أصحابها منحرفون؟ هل مسعود منحرف أيها المنحرفون؟ وما منكم – حتى المتبرم الذي أضل قومه – من حَصَّلَ ربع تضحياته، ونضاله، بشهادة عدو لذلك النضال..

فلتجعل الدولة هذا المتبرم عبرة لمن يعتبر، وليتحرك أصحاب الغيرة على هذا البلد من أهل المراكز السيادية لينقذوه من هؤلاء الأوباش الذي ولغوا في الأعراض والدين..

ولتبصق الدولة على هذه الديمقراطية المشئومة وكل من يتخذها وسيلة للإفساد في الأرض، لأن الله لا يحب المفسدين، ولتركل هذه الحرية المستعبدة لنا جميعا، ولتفكر بمنطق فرض هيبتها، وهيبتها قبل كل شيء، فدولة بلا هيبة، سيبة، ولا شيء غير الهيبة سيُدخل هذه الذئاب في جحورها، ولن تسمع بعد أن تخيم الهيبة على أجوائنا – كما كان الحال في الأنظمة السابقة – من هؤلاء إلا همسا..

أما ما دام كل واحد ينبح بما شاء، وعلنا في وضح النهار، ويتظاهر معطلا مصالح الناس، ومحتجا على كبارهم، ومتحديا شرطتهم وجيشهم وعلمائهم، وداعيا إلى الخروج باسم التعبئة السخيفة، فلن تكون النتيجة إلا العض، حفظنا الله من شرهم..

لقد كان ظهور شبح شرطي واحد في أول الطريق يدفعنا في السابق إلى التفرق هربا، واليوم نحن في قمة الإشتياق إلى ذلك الخوف المريح، الذي عشنا به ردحا من الزمن آمنين مطمئنين..

إن هيبة الدولة فوق الجميع أيها السادة العبيد لرب العالمين، فوق ديمقراطيتكم وحرياتكم، وأحزابكم ومنظماتكم، بل فوق الغرب الذي تحتمون به، والدولة التي يخشاها المخربون خير من الدولة التي يحتقرونها، والدولة القوية في نظر أصحاب النوايا السيئة تشبه مفوضية الشرطة في نظر المجرمين، فتأمل في المقارنة، وتخيل أن المجرمين تظاهروا بإسم الحقوق المكفولة أمامها، وطالبوا بإغلاقها، ألن تكون النتيجة وخيمة؟ إن هذه الديمقراطية تتيح لكل أحد أن يتظاهر، ويسبب البلبلة للدولة والشعب، والدولة المنهكة بتتبع المتظاهرين وما يَجُرّون ورائهم من لصوص ومنحرفين مثلهم، لن تجد وقتا للإنجاز.. وفي بعض الدول العربية نجح المجرمون المتظاهرون في إغلاق قصور الرئاسة فكان الخراب..

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button