أخبارأخبار عاجلةعربيمقالات

إلى الكاتب سيدي علي بلعمش: “لهذا السبب نحب الجزائر.”. / الشيخ أحمد أمين

أنباء انفو- قرأت اليوم مقالا تحت عنوان: “لماذا نحب الجزائر؟”، للزميل سيدي علي بلعمش، تضمن عرضًا عاطفيًا مكثفًا يعيد إنتاج الصورة النمطية التي يروّجها انصار النظام الجزائري : جزائر العروبة، الفحولة، الكبرياء، والوفاء.

المقال، رغم نواياه الطيبة، يخلط بين حب الجزائر الوطن – وهو حب واجب – وبين تمجيد الأنطمة العسكرية المتعاقبة على حكم الجزائر بعد الثورة،

من المعيب أن يُختزل تاريخ الجزائر، حضارتها، ومكانتها في نظام حكم فرض َمن طرف الجيش، ذلك أن الشعب الجزائري هو من صنع مجد الثورة، ودفع مئات آلاف الشهداء، وليس النظام الذي جاء بعد الاستقلال ليرث الثورة دون أن يترجمها إلى عدالة أو ديمقراطية أو تنمية حقيقية.

لقد استولى العسكر على الحكم منذ 1962، وبقيت الجزائر واحدة من أغنى الدول بالثروات، وأفقرها في مستوى معيشة المواطن، حيث يعيش الملايين على الهامش، بينما تُستنزف الموارد في شراء الولاءات، وقمع المعارضة، وتمويل مشاريع خارجية باسم “العروبة”.

أما قولك، إن “الجزائر البلد العربي الوحيد الذي لم يخذل العرب” فأنت تتجاهل حقائق الجغرافيا السياسية والمواقف الواقعية. إن الأنظمة تُقاس بما تفعل لا بما تقول، وتاريخ حكام الجزائر مليء بالتدخلات الفاشلة في الشأن العربي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

فبركة قضية “الصحراء الغربية”، وتبني جبهة انفصالية، ليس حبًا في تقرير المصير، بل نكاية في المغرب، ما أدى إلى نزاع إقليمي دام لعقود بين بلدين عربيين شقيقين (المغرب وموريتانيا سابقًا).

تدخلات إعلامية وعدائية ضد دول عربية بدعوى “المواقف المبدئية”، بينما الهدف الحقيقي هو تصدير الأزمات الداخلية واحتكار صورة “الصوت الحر”.

فهل من الحكمة أن تُمجّد “جزائر العسكر” التي قادت – بتمويل سخي وتسليح مفتوح – أول حرب عربية-عربية تحت غطاء انفصال وهمي؟

الذي أريد تأكيده هنا.. هو أن حبنا للجزائر، نابع من احترامنا لشعبها الذى خرج في “حراك 2019” مطالبًا بدولة مدنية لا عسكرية.

تحدث سيدي علي، فى مقاله عن “إقلاع الجزائر” وكأن البلاد دخلت نادي الاقتصادات الصاعدة.

الواقع على عكس مايصفه المقال، أن الجزائر في 2025 لا تزال:

دولة ريعية تعتمد بنسبة تفوق 90% على مداخيل النفط والغاز.

تواجه عزلة سياسية مع جيرانها.

تعيش نزيفًا في الكفاءات وهجرة الشباب.

تخنق الحريات والإعلام.

تُدار بالمراسيم الرئاسية لا بالمؤسسات.

الخطاب التمجيدي لا يلغي هذه الحقائق الصادمة. التقدم لا يُقاس بالخطابة، بل بمستوى التعليم، الصحة، الحريات، والاقتصاد المُنتج.

” نحب الجزائر” لأنها بلد عظيم بشعبه، لا بنظامه. والتاريخ لا يرحم من يخلط بين الأوطان والحكام. أما تمجيد السلطة باسم العروبة، فهو إساءة مزدوجة: للجزائر وللعرب.

حب الجزائر لا يكون بالصمت عن أخطاء أنطمة الحكم، بل بقول الحقيقة: إن الجزائر تستحق أكثر، وأن شعبها يستحق أن يُحكم بحرية، لا بشعارات لاتقدم ولا تؤخر.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button