السنغاليون يحظون بتسهيلات غير مسبوقة فى موريتانيا

أنباء انفو- خطوات ملموسة غير مسبوقة فى علاقات موريتانيا مع جارتها الجنوبية الغربية(السنغال) ، آخرها الزيارة الرفيعة التي قام بها وفد حكومي سنغالي كبير إلى مدينة نواذيبو(475 شمال انواكشوط) يومي 27 و28 يونيو 2025 برئاسة وزير الدولة لشؤون السنغاليين في الخارج، أمادو شريف ضيوف.
الوفد السنغالي الذي ضم ممثلين عن هيئات “فايز” و”باوس”، التقى بجمهور واسع من أبناء الجالية السنغالية المقيمة في المدينة، واستمع إلى جملة من المطالب الاجتماعية والخدمية، من بينها بناء مدرسة وثانوية ومستوصف، وتوفير سيارة إسعاف طبية لتأمين نقل المرضى نحو السنغال، وإنشاء قنصلية عامة تسهّل الوثائق الإدارية وتخفف من مشاق التنقل.
الجالية عبّرت أيضًا عن رغبتها في إبرام اتفاقية قضائية لتسليم السجناء السنغاليين إلى بلدهم لقضاء محكومياتهم هناك، وتوفير تراخيص صيد لقوارب تقليدية، وتمكينهم من توقيع عقود عمل مباشرة مع الشركات الموريتانية دون الحاجة لوسطاء غير قانونيين. كما شدد المتحدثون باسم الجالية على ضرورة توفير خدمات تجديد بطاقات الهوية وجوازات السفر داخل نواذيبو لتخفيف العبء الإداري.
من جهته، أعلن الوفد عن إطلاق صندوق تمويل قابل للسداد بقيمة 50 مليون فرنك أفريقي موجه لدعم الأنشطة التجارية، خصوصًا المشاريع الصغيرة التي تديرها نساء سنغاليات مقيمات في نواذيبو.
لكن الحدث الأبرز في هذه الزيارة تمثل في قرار الحكومة الموريتانية خفض رسوم تصاريح الإقامة للعمال السنغاليين من 50 ألف إلى 5 آلاف فرنك أفريقي فقط (حوالي 300 أوقية)، وهو ما اعتبرته الجالية “خطوة استثنائية تعبّر عن حسن النية وتسهم في تحسين ظروف العيش”.
ويُقدّر عدد السنغاليين المقيمين في نواذيبو بالآلاف، ينشط أغلبهم في قطاعات الصيد التقليدي، والبناء، والأعمال المنزلية، ويشكّلون شريانًا حيويًا في الدورة الاقتصادية المحلية.
هذا الحراك الاجتماعي يعكس التحول العميق الذي تشهده العلاقات بين نواكشوط وداكار، والتي دخلت مرحلة من “الانتعاش النادر”، حسب توصيف مراقبين، مدفوعة برؤية الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي، وبديناميكية مشتركة تشمل التعاون الأمني والاقتصادي، ولا سيما في مشروع الغاز البحري المشترك “غراند تورتو أحميم”.
إلا أن الأهم جاء على الصعيد الإنساني، حيث وقّعت الحكومتان يوم 2 يونيو 2025 في نواكشوط اتفاقًا رائدًا ينظم شروط تنقّل واستقرار مواطني البلدين بطريقة مرنة وغير بيروقراطية.
وبموجب الاتفاق الجديد، يُسمح بدخول المواطنين عبر نقاط التفتيش الرسمية باستخدام بطاقة هوية أو جواز سفر ساري المفعول فقط، دون الحاجة إلى إثبات دخل أو عمل للإقامة القصيرة. أما الإقامة طويلة الأجل، فيكفي للحصول عليها وثيقة هوية، وبطاقة قنصلية، ورسوم رمزية قدرها 5000 فرنك أفريقي، مع اشتراط إثبات الدخل فقط عند التجديد.
ينسجم هذا النهج مع واقع التداخل السكاني والتاريخي بين البلدين، خاصة في مدن موريتانية كبيرة مثل روصو ونواذيبو، حيث تنتشر العائلات المختلطة وتزدهر الأنشطة اليومية العابرة للحدود.
ويُتوقع أن تفتح هذه المبادرات آفاقًا جديدة أمام العمال السنغاليين والموريتانيين على السواء، وتُسهم في إرساء نموذج تعاون ثنائي قائم على الثقة، والاحترام المتبادل، والتنمية المشتركة.


