أخبارأخبار عاجلةعربيمقالات

لماذا أوجع صمت رئيس موريتانيا الجزائر ؟

أنباء انفو- هاجمت الصحافة الجزائرية بعنف الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بعد مشاركته في قمة مصغرة في البيت الأبيض.

بأشنع العبارات والأوصاف تحدثت صحيفة Le Matin d’Algérie الجزائرية فى نسختها الفرنسية ، عن رئيس موريتانيا -ربما – لأنه الرئيس العربي والإفريقي الوحيد الذي وُجّهت إليه دعوة رسمية لحضور ذلك الحدث، في وقت غابت عنه الجزائر، الدولة التي تملك ثاني أكبر احتياطي غاز في إفريقيا، عن طاولة الحوار.

أقلام في الصحافة الجزائرية، وعلى رأسها كاتب الديباجة الجريحة شرفاوي محمد رشيد، انقلبت على معايير المهنية، واستبدلت التحليل بالشتيمة، لتصبّ حقدها على رئيس دولة شقيقة لم ترتكب جرمًا سوى أنها فُضّلت على الجزائر في لحظة دبلوماسية فارقة.

ما كتبه شرفاوي ليس نقدًا سياسيًا ولا مقاربة تحليلية، بل انفجار مرارة قوم يبحثون عن سبب لفشلهم الخارجي في نجاحات الآخرين. لقد انزعجوا من رؤية علم موريتانيا يرفرف أمام البيت الأبيض، بينما بقيت الجزائر خارج الصورة، فوجّهوا أقلامهم نحو الشخص الوحيد الذي كان في قلب الحدث.

للتذكير فقط.. الرئيس  ولد الشيخ الغزواني لم يذهب إلى واشنطن ليستعرض عضلاته أمام الكاميرا، ولا ليخطب بشعارات فارغة، بل ليمثّل موريتانيا بحكمة وتوازن، في لقاء دبلوماسي دقيق تضمن مباحثات حقيقية حول الأمن في الساحل والتعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية.
وهذا ما لم تفهمه عقلية الصحافة الجزائرية المهووسة بالعنتريات الفارغة، التي ترى الكرامة في الضجيج، وتحسب الهدوء خنوعًا.

ثم ما هذا العُصاب المزمن لدى بعض وسائل الإعلام الجزائرية تجاه موريتانيا؟
لماذا تُقابل كل خطوة موريتانية ناجحة في المحافل الدولية بسيل من الهجوم والافتراء؟
هل لأن موريتانيا لا تدور في فلكهم؟ أم لأن استقلالها في القرار الدبلوماسي يفضح تبعية الآخرين؟
هل أزعجهم أن غزواني يُستقبل في قمة عالمية، بينما يُترك غيره على لائحة الانتظار؟

وما يزيد الأمر مرارة أن موريتانيا ظلت عبر تاريخها القريب تترفع عن الرد على الأذى القادم من بعض الأنظمة الجزائرية، رغم أن الجزائر، بكل أسف، كانت الجار الوحيد الذي انطلقت من أراضيه – في لحظات حرجة من تاريخنا – حملات مسلحة موجهة ضد موريتانيا، في انتهاك مباشر لأبسط مبادئ حسن الجوار.
ومع ذلك، لم ترد نواكشوط يومًا على تلك الطعنات بالمثل، ولم تسمح لغضبها أن يفسد صفاء علاقتها بالشعب الجزائري الشقيق، بل ظلت وفية لهذا الشعب ولقيم الوفاء والتقدير، مدركة أن الظلم الذي يأتي من بعض الحكام لا يجب أن ينسينا الروابط العميقة بين الشعوب.

الحق أن الصحافة الجزائرية، منذ سنوات، لم تترك فرصة للطعن في موريتانيا إلا وانتهزتها، مستغلة هامش حرية الرأي لتغطي به نقصًا في التأثير الإقليمي وغيابًا صارخًا في دوائر القرار الدولي.

لكن ليعلم أولئك، أن موريتانيا لا تحتاج إلى ضجيج كي تكون موجودة، ولا إلى عدسات الكاميرات كي تثبت كرامتها.
الرئيس ولد الشيخ  الغزواني، بصمته المدروس، مثّل بلاده بوقار، ورفض أن ينجرّ إلى مشهد استعراضي، فاختار أن يكون صوتًا مسؤولًا في زمن الفوضى الكلامية.

أما الذين يرون في كل صمت إذلالًا، وفي كل وقار ضعفًا، فهم أول من يقبلون الإهانة حين يُستدعون إلى الطاولة ولا يُسأل رأيهم.

يا صحافة الجزائر ، الكرامة لا تُصنع بالمقالات الغاضبة، ولا تُمنح بشعارات “الوطنية الجريحة”، بل تُبنى بالصبر، والاتزان، والقدرة على التقدير السليم للمواقف.

وموريتانيا، رغم كل الحملات، ستظل عصية على التهميش، نقية في خطابها، نبيلة في خصومتها، ووفية في حبها لأشقائها الحقيقيين شاء من شاء وأبى من أبى.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button