إقتصاد

انواذيبو ميناء خليج الراحة على درب التحول اللوجستي والإقتصاد

أنباء انفو- يشهد ميناء “خليج الراحة” في مدينة نواذيبو الموريتانية لحظة مفصلية، مع انطلاق مشروع طموح لعصرنته بتمويل ألماني ومواكبة فنية من مكتب دولي متخصص. ويأتي هذا المشروع في وقت يُعاد فيه تقييم أدوار الموانئ المتخصصة ضمن رؤية تنموية جديدة تعطي أولوية لاقتصاد البحر، ولقطاع الصيد التقليدي الذي يُعد أحد أبرز مصادر الدخل والتشغيل في البلاد.

منذ تأسيسه، ظل ميناء خليج الراحة مركز الثقل الرئيسي لزوارق الصيد التقليدي في موريتانيا، حيث يستقبل آلاف الصيادين والفاعلين المرتبطين بسلاسل القيمة السمكية. ورغم حيويته الاقتصادية، ظل الميناء يعاني من بنية تحتية متقادمة واكتظاظ مزمن، وهو ما أضعف من إنتاجيته، وأثر على ظروف العمل، وجودة الخدمات المقدمة.

المشروع الجديد يستهدف معالجة هذه التحديات من الجذور، عبر تحديث شامل للمنشآت، يشمل بناء مئات المخازن، وتشييد شبكة طرق داخلية حديثة، وإنشاء منظومة صرف صحي متكاملة، وهي مكونات لوجستية من شأنها رفع كفاءة عمليات التفريغ، والتخزين، والتوزيع، وتعزيز السلامة والنظافة داخل الميناء.

ولعل أبرز ما يميّز هذا المشروع هو البُعد التوسعي، حيث حصلت إدارة الميناء على موافقة رسمية لضم منطقتي “البونتيه” و”التركة” إلى نطاق الميناء، وهو ما سيوفر مساحات إضافية لتقليص الاكتظاظ، واستحداث منصات جديدة مخصصة للصيادين والفاعلين في الصناعات المرتبطة بالصيد.

وتكمن أهمية هذا التحوّل في كونه يتجاوز تحسين الخدمات إلى إعادة تموقع الميناء إقليميًا. فمع تطوير البنية التحتية، يصبح “خليج الراحة” مؤهلاً أكثر لجذب مزيد من الاستثمارات، وتنشيط التبادل التجاري عبر سلاسل التصدير السمكي، لا سيما نحو الأسواق الإفريقية المجاورة التي تتزايد حاجتها للمنتجات البحرية ذات الجودة العالية.

ويُراهن على هذا المشروع ليس فقط لتحسين شروط عمل الصيادين، بل كذلك لتعزيز مساهمة قطاع الصيد التقليدي في الناتج المحلي، وزيادة موارده من العملات الأجنبية، خاصة في ظل اهتمام متزايد من الشركاء الدوليين بتنمية الاقتصاد الأزرق في موريتانيا.

غير أن التحول اللوجستي وحده لا يكفي. فالتحديات لا تزال قائمة، من بينها ضبط النشاط داخل الميناء، وتحسين الحوكمة، وتطوير منظومة التكوين البحري، وتأمين سلاسل التبريد والنقل، وهي كلها عناصر حاسمة لتحويل ميناء خليج الراحة إلى منصة اقتصادية مستدامة.

في نهاية المطاف، يشكّل مشروع عصرنة الميناء اختبارًا حقيقيًا لقدرة السياسات العمومية في موريتانيا على ربط البنية التحتية بالإصلاحات المؤسسية، وتحويل الصيد التقليدي من نشاط معاشي هشّ إلى رافعة تنموية متكاملة.

مواضيع مشابهة

Back to top button