مقالات

القول المبسوط في مسألة تقسيم نواكشوط / د.محمد فال الحسن ولد أمين

الحمد لله، وبعد فأحمد الله إليك أيها القاري، على نعمه السوابغ السواري، فقد جعل لنا دستورا، نسطر في القواعد تسطيرا، ومنحنا مدينة عاصمة، وجعل أفئدة الناس فيها هائمة، يحجون إليها حجا، ويملأون مناكبها التسعة ثجا وعجا، أما ما سألتني من شأن التقسيم، فاعلم هداك الله الصراط المستقيم، أن لولي

الأمر الحق في الإقطاع والتقطيع، ولا يجادل في ذلك إلا معارض شنيع، ولا خلاف في ذلك في الشرع. أما إذا كنت تسأل عما جاء في قوانين الوضع، فاعلم أن الدستور سلطان النصوص، وهو تجسيد للإرادات وهواجس النفوس، لذلك ذكر في مادته السادسة، أن نواكشوط هي العاصمة السائسة، ولم يزد على اسمها بحرف، ولم يصفها بوصف، وهي مقصودة بلفظها، كلها لا بعضها، والزيادة في النصوص آحادية الصدور، لا تجوز مع وضوح النص في الدستور، وبذلك يكون المرسوم المعلوم، قد تجاوز حدها المرسوم، فلو اعتبرنا التسمية الوادرة فيه، لاختفت العاصمة على النبيه، فنواكشوط بدلالة الإطلاق، تخالف الموصوفة بالأولى والثانية والثالثة في المصداق، وهي لعمري أولى بقول الشاعر:

وما شر الثلاثة أم عمرو…..

وقد ورد في السابعة والخمسين من الدستور المستبين، أن التقسيم الإداري للبلاد، من اختصاص منتخبي العباد، ولعمري لنواكشوط نصف البلاد، ولسكانها خير العباد، فترك تقسيمها لسلطة أخرى، مخالف لما به عمل باريس جرى، فإن قلتَ: ما قولك في نص الأولى من الأمر القانوني الثاني لعام تسعين، وما جاء فيها من مضامين، تمنح السلطة التنفيذية، صلاحية التقاطيع الإقليمية، قلتُ: ما لك فيها من نصير، فقد جاءت على فترة من الدساتير، وكثرة من المواثيق والمناشير، وقد نسخها الدستور في نصه المذكور، لذلك وجب لفظها، ولو بقي لفظها.

ومن ذلك يظهر لك أن المشرع عصم العواصم من التغيير، إلا على يد ذوي الحنكة والتدبير، المزكَين بالانتخاب، من الشيوخ والشباب، ليلا يترك تقطيع السكان، لمن هم خارج البرلمان، فيبغون بتقسيماتهم الإقليمية، بعض الأغراض الانتخابية، واختص العاصمة نواكشوط، بذكر اسمها المضبوط، بالحرف المنقوط، في سادسة الدستور، من بين سائر المدن والقصور، فتقطيعها تقطيع لنصوصه، في عمومه وفي خصوصه، فلا يتعرض لها إلا باستفتاء، يدعى له المؤتمر أو الدهماء، ليقبلوا تعديل المادة السادسة، حتى توافق هوى الأغلبية السائسة.

والله أسأل أن يحفظ العاصمة، من كل سائمة وهائمة، وأن يكون هذا الجواب مناسبة، للحوار الرصين بين النخبة والناخبة، سميته “القول المبسوط، في مسألة تقسيم نواكشوط”.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button