إعادة النظرفي نشيدنا الوطني / باب بن الشيخ سيديا
لقد تابعت بكل اهتمام وتقدير جل الأصوات الوطنية التي ارتفعت مشكورة، للمطالبة بإعادة النظر في نشيدنا الوطني الذي ألفناه منذ فجر الاستقلال الوطني، فوجدت أنها كانت محقة إلى حد ما. وكمواطن موريتاني غيور على هذا الوطن وتقدمه والنهوض به إلى مقدمة الأمم، فقد ارتأيت أن أوجه هذه الرسالة إلى الشعب الموريتاني
الأبي و العزيز على قلبي كي أتحمل عنهم عبء ما لا يريدون قوله بحكم وقارهم المعهود وبحكم احترامهم لشخصية وطنية ودينية عظيمة مثل الشيخ سيديا باب رحمه الله.
ولعلي أنال من بره عندما أحكم عقلي وأتأمل في الماضي والحاضر لهذه الأمة وأجتهد في إخراج الأفضل والأسلم والأصلح لأحوال الناس بما هو متاح، فهو المتعقل و المتأمل والمجتهد والمصلح في نازلة الاستعمار الفرنسي البغيض.
إن إعادة النظر في النشيد الوطني يجب أن تكون من ناحيتين اثنتين، أولاهما الناحية الموسيقية والثانية من ناحية الكلمات.
أولا: النشيد الوطني من الناحية الموسيقية:
لقد تحمل عني هذا العبء والدنا جميعا و فنان الأمة الفنان الكبير سدات ولد آب ،أمد الله في عمره وجزاه عن وطنه كل خير، وهو المعروف بغزارة عطائه الفني وتدفق عاطفته الوطنية الجياشة.
لقد قام هذا العملاق الوطني بتلحين نشيدنا الوطني بأيام قبل الاستقلال في مقام (لكحال) ليطوَّع بعد ذلك على النوتة الموسيقية الحديثة في (التحرار) أو (الحر)، كما يحلو للبعض، ولا ضير في ذلك فالمقامان متتاليان في الموسيقى الموريتانية (الهول)، ومهما يكن فإن الطابع الموسيقي العام والأصل التلحيني لهذا النشيد يرجع الفضل فيهما إلى هذا الفنان الوطني الشامخ، وقد اعتاد الموريتانيون هذا اللحن وألفوه والتصق بآذانهم ووجدانهم منذ فجر الاستقلال، ومن الصعب أن نتخيل لحنا آخر غيره أو ملحنا آخر غير فناننا الوطني الوقور.
ثانياً: النشيد الوطني من ناحية الكلمات :
لا أريد هنا للأمة الموريتانية العظيمة أن تستنسخ أية أمة ولا أن تحاكيَها فنظرت إلى الأمة الموريتانية وحدها، لكي تكون النطرة حيادية في تصوري لكلماتٍ وطنيةٍ جامعةٍ ومعبرةٍ عن تطلعات الجميع.
إن المتمعن في ماضي وحاضر وبنية وخصائص الأمة الموريتانية سيجد دون كبير عناء أن النشيد الوطني لها لا بد أن يأخذ في عين الاعتبار ما يلي:
1) الله سبحانه و تعالى الذي خلقنا لنعبده :”وَمَاخَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْق وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ”.صدق الله العظيم
2) رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء بهذه العبادة
3) الشعب الذي يمارس هذه العبادة
4) الأرض التي تمارس هذه العبادة عليها
5) الوحدة الوطنية التي تكرس وتعزز هذه العبادة
6) السلم الوطني والدولي لضمان هذه الوحدة واستمرارية تلك العبادة
7) الشجاعة والقوة والبسالة في الحرب خدمة لذلك السلم وحفاظا لتلك الأرض
8) الأصالة، فإذا كانت هوية المواطن تكمن في أوراقه المدنية فإن هوية الدولة تكمن في أصالتها
9) المعاصرة وهنا تكمن الصيانة ومسايرة الأمم والمساهمة في العطاء الانساني التراكمي
01) العِلم الذي هو مربض الفرس في بناء كل الحضارات الإنسانية والبوصلة التي تضمن الاتجاه الصحيح.
إن الأمة الموريتانية أمة مسلمةٌ تؤمن بالله ربا و بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا
وإن هذا الشعب الذي يعبد الله بما جاء به نبيه صلى الله عليه و سلم ليستحق منا كل التقدير والاحترام بكل ألوانه وأطيافه فاللون والطائفية يذوبان أمام عبادة الله والاشتراك في المواطنة. إن هذه الأرض الطاهرة التي يعبد عليها هذا الشعب ربه تنادينا جميعا أن نحميها وندافع عنها بكل قوة وشجاعة كما تركها لنا أسلافنا وعارعلينا أن نخذلهم في حمايتها، سلماً أو حرباً أو هما معاً كما فعلنا في نازلة الاستعمار الفرنسي البغيض، كل هذا وذاك يجب أن يتجسد في كلمات نشيدنا الوطني. وبالنظر في كلمات نشيدنا الوطني الحالي سنجد أن الله ورسوله حاضران وبامتياز في الأبيات الأربعة الأولى، مع زاد لا ينفد من التوكل على الله تعالى والدوران مع الحق حيث دار، إلا أن بقية الكلمات خالية من كل النقاط المتبقية ( 10،9،8،7،6،5،4،3) وهو ما يفسر تباين الفترتين الزمنيتين من حيث المتطلبات والمشاكل، وبناء عليه فقد ارتأيت أن احتفظ بالأبيات الاولى من نشيدنا الوطني الحالي، وإضافة أبيات تعبر عن النقاط الضرورية المتبقية مع الاحتفاظ بالبحر والروي كي لا نغير اللحن ولا نصدم الأجيال التي تعايشت معه، مع الاحتفاظ بصيغة الأمر في الابيات كلها لإضفاء الحماسة والحيوية عليها ولاصباغها بالتقدير والاحترام:
كن للإله ناصرا
وأنكرالمناكرَا
وكن مع الحق الذي
يرضاه منك دائَرا
ولا تعد نافعا
سواءه أو ضائرَا
واسلك سبيل المصطفى
ومت عليه سائرَا
وكن لكل شعبنا
موحدا مؤازرَا
وكن لحفظ أرضنا
مجنداً وساهرَا
وكن لعلمٍ رائدًا
وكن لسلمٍ ناشرَا
وكن لحربٍ ضاريًا
لكل غزوٍ قاهرَا
وكن أصيل أمة
وكن كذا معاصرَا
وافخر بمورتاننا
فكم بها مفاخرَا