زعامة المعارضة / المصطفي ابراهيم امين
تم خلال الاسابيع الماضية تتويج حزب التجمع الوطنى للاصلاح والتنمية ممثلا في شخص عمدة عرفات الاستاذ الحسن ولد محمد زعيما للمعارضة السياسية وهو حدث على الرغم من تأخره له من الاهمية ما لم يأخذه اعلاميا لاسباب سياسية _واعلامنا سياسيى ككل ما عندنا بامتياز_بعضها يعود لعلاقة
الزعيم اللاحق بالسابق والبعض الاخر يعود الى السلطة التى لا تريد ان تري المعارضة تتبادل سلميا علي المناصب _بوصف ذالك مرض اشد عدوي من الايبولا_ولست هنا بصدد ابراز اهمية هذا الحدث التاريخي ولكنى سأثير تساءلا اخر وهو لماذا وكيف استطاع حزب تواصل الوصول الي زعامة المعارضة السياسية ؟
ان المتتبع للاحداث يلاحظ ان هذا الحزب لم تكن طريقه الى الصدارة والزعامة مفروشة بالورود بل كانت دونها امواج متلاطمة لايجدف فيها الاماهر قادر صبور ومهامه شاسعة لايقطعها الاخريت متمرس المعالم في ذهنه وبصيرته اكثر منها بين عينيه وقدميه …,بدءا بالتشكيك في قدرة هذا الحزب علي خوض غمار الديمقراطية التى هي مقصلة الحركات السياسية _قوميها ويساريها _ومرورا بالمطبات التى تعرضت لها الاحزاب السياسية عامة وهذا الحزب خاصة وانتهاءا بمحاولات الحشر في الزاوية من طرف السلطة القائمة … ولنتتبع بأيجاز ما احاط بنشأة تواصل وما اعترض طريقه من أ حداث وكيفية تعامله معها
_اولا نشاة الحزب :من المعلوم ان الذين يحملون الفكر الاسلامى في هذا البلد كانوا اخر من يحصل علي الاعتراف بهم كحزب سياسي لاسباب كثيرة ومعروفة لعل اجدرها بالاشارة خوف السلطات المتعاقبة من الشعارات الاسلامية وانتشار عقدة الاسلام فوبيا “للكاتب مقال بعنوان الرئاسة والاسلام فوبيا”بين النخب الحاكمة وحتى المثقفين وهو ما ظل دافعا مبررا لدى كل السلطات يمنعها من مجرد التفكير في منح رخص لهذه الجماعة بل ولكل من لا يقبل للاسلام ان يلف في الادراج ويترك للزاهدين متسترة وراء مبررات واهية ومتناقضة يضيق مقالنا عن تناولها لكن بعد ان فشلت الاحزاب التى تأسست علي انقاض حركات سياسية فكرية وافشلت حركاتها وفي جو عالمى تميز بمحاولات الغرب تفهم الاسلام الوسطى لاهداف خبيثة ـ كما سيتضح لاحقا ـ حصل هذا الحزب علي الاعتراف بداية كمبادرة ثم كحزب فالهدف اذن من الاعتراف به هو اما جره الي مشنقة الحركات الفكرية التى اهلكت من كانوا قبله اوهو مجرد املاء من الغرب ولكم تصور أي الخيارين سيتيح فرصة نظيفة لهذا الوليد الجديد ؟؟هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فإنه من المعلوم ان نشأة هذا الحزب اتت في ظل ظروف خاصة بالبلد عموما وهي الفترة الانتقالية ـالاولي ـ وما صاحبها من تزاحم للمناسبات الانتخابية مع ما يستدعي ذالك من سرعة قد تصل حد التسرع والارباك وظروف خاصة بالجماعة التى اسست هذا الحزب حيث كان اغلبها اما في السجون اوفي المنفي
وبغض النظر عن كل ذالك ولد الحزب لكن ما ذا بعد ميلاده؟وكيف سيتصرف هذا المولود الغريب الوجه واليد واللسان علي الساحة السياسية الموريتانية ؟
ثانيا الاحداث التى اعترضت طريق الحزب وتعامله معها :لعل اهم واخطر حدث علي الاطلاق بالنسبة للبلد وسياسيه ونخبه هو الانقلاب الذي جاء وحزبنا لم يكتمل تأسيسه بعد ذالك الانقلاب الذي وضع الحزب امام خيارين ـ فإما ان يقبل به كواقع قد يتيح له فرصا ادناها ان يأمن شر السلطة ويقترب من الناخبين بل ان خيار المشاركة في السلطة كا ن متاحا امامه ـ دون شك ـ
ـ وأما الخيار الثانى :ففيه من المخاطر ما لا يمكن تقديره لعل اقله ان يحاصر او يهاجم الحزب الناشئ اعلاميا واقتصاديا وسياسيا…وهو ما حدث بالفعل ـ فقد اتخذ الحزب الموقف الملائم للفهم الصحيح للديمقراطية والذي يقتضي الوقوف ضد أي محاولة تنزع من الديمقراطية ابرز واهم محامدها ـ علي الاطلاق ـ وهى ضمان التبادل السلمي للسلطة فالموقف ضد الانقلابات من مسلمات الديمقراطية التي لايجوز التخلي عنها وهذا الفهم الصحيح للتناقض الواقع بين الانقلاب والديمراطية الذي فهمه هذا الحزب وهو مازال في مهده لم تستوعبه احزاب عتيقة ونخب مخضرمة كثيرة ولو استوعبوه لتوقفت الانقلابات ثم جرت الانتخابات الرئاسية وجاءت نتائجها بنفس الشخص الذي كان منقلبا علي السلطة فجاء قرار الحزب الاهم من وجهة نظري وهو الاعتراف بالنتائج وفيه رسالة واضحة مفادها :ـ اولا اننا لا نرفض هذا الشخص لذاته ولكننا نرفض الطريقة التى جاء بها الي السلطة وثانيا اننا نعلم ان الديمقراطية في بلدنا لن تولد مكتملة ونقبل العيوب التى لا تنسف الهد ف الاهم من الديمقراطية .
وتتالت الاحداث وكانت النخبة التى تقود الحزب تؤكد في كل مرة ان قراراتها وتعاملها مع المستجدات تعاملا يتميز بالقراءة الصائبة للاحداث والفهم الصحيح لمبادئ وأساليب الديمقراطية ومن تلك القرارات قبول الحزب للحوار مع السلطة قبل الانتخابات البلدية والتشريعية ذالك الحوار الذي اتضح فيما بعد ان السلطة لم ترد منه الا ان يكون سببا مباشرا لفرض المقاطعة علي احزاب المعارضة حتى تخلوا لها الساحة الانتخابية … لكن حزب التجمع الوطنى للاصلاح والتنمية رجع الي قواعد الديمقراطية الاصيلة التى تحتم على النخب المثاليين الخضوع للقواعد الشعبية التى لديها من المبررات ما لاتعرفه النخب فالحزب ليس للنخبة فقط والاحزاب النخبوية هي احزاب معزولة عن المجتمع مهما حسنت نيات نخبها وكانت نتيجة الرجوع للقواعد مشاركة الحزب في الانتخابات التشريعية والبلدية تلك المشاركة التى كان لها ما بعدها فلم يقبل اصغر احزاب المعارضة سنا ان يحشر في زاوية المقاطعة ـ كما حدث لزملائه و اخوته الكبار .
وبعد الانتخابات وجد الحزب نفسه في موقف صعب بين معارضة تعتبره تخلى عنها وشارك في انتخابات قاطعتها وبين اغلبية تعتبره عدوا صعب المراس لا تنفع معه الاغراءات ولا الاكراهات ولا يمكن خداعه وإيقاعه في الشرك فتفتقت عبقرية القائمين عليه عن فكرة المنتدي التي أربكت السلطة وجعلتها تلجأ الي عملائها من غير البشر
ان حزبا هذه مسيرته يستحق ان يتوج زعيما للمعارضة السياسية وان صعوده بهذا الشكل يؤكد ان الاحزاب ذات المرجعيات الاسلامية في مجتمع كمجتمعنا لن يرضى لها الشعب بأقل من الريادة والزعامة …