السلفي “ولد محمد صالح” يروي تفاصيل قاسية عاشها رفاقه داخل قاعدة صلاح الدين
أنباء انفو-نشرت منتديات جهادية تفاصيل تنشر لأول مرة عن نقل السجناء السلفيين في موريتانيا الى قاعدة صلاح ىالدين قبل أكثر من سنة.
وتحت عنوان “سلسلة لذكر ما ذقناه من العذاب في السجن السري بقاعدة صلاح الدين في أقصى شمال موريتانيا”يروي السلفي عمر ولد محمد صالح المعروف بابو قتادة السنقيطي تفاصيل تنشر لأول مرة عن سجن صلاح الدين جاء فيها مايلي:
نُقلنا من السجن المركزي بنواكشوط في الساعدة 3 صباحا بطريقية سريّة للغاية:
مغمضي الأعين موثوقي الأيدي و الأرجل في مقاعد الطائرة العسكرية
كانت أصعب لحظات في حياتي:
سلاسل وقيود و كان صوت الطائرة مرهبا والأدهى من ذلك و الأمرّ أن أحدنا لا يدري كيف سينتهي هذا الكابوس؟
أإلى حبل المشنقة؟
أم إلى صحراء مالي ليسلّمونا للإخوة في أزواد؟
أم إلى سجن آخر كانت تتردد بعض الإشاعات التي تذكر نقلنا إليه؟
نزلت الطائرة بعد 3 ساعات -تقريبا- من الإهانة النفسية و الجسدية في مكان مجهول بالنسبة إلينا
إلا أن ريحا ساخنة هبّت علينا بعد أن فتحوا الباب
تيقنّت عند ذلك أننا سنسلّم للمجاهدين، خصوصا و أن الإخوة كان عندهم رهائن فرنسيون و قد طالبوا بنا مقابل الإفراج عن بعضهم
و ممّا زاد يقيني على ذلك الرياح الرمليّة التي ذكّرتنتي بأيام الجهاد في أزواد..
أنزلونا واحدا تلو الآخر و حملونا اثنين اثنين في سيارات، كنت أتلو سورة “الرحمن” فأمرني أحد الجنود بالسكوت
فقلت له: “كيف تدّعي أنك مسلم و تنهى مسلما عن قراءة كلام الله؟”
فلم يتكلم وواصلت قراءتي ….
بعد 5 دقائق تقريبا توقفت السّيارات،
فأنزلونا ثم ساقونا واحدا تلو الآخر و ما زلنا مغمضي الأعين بقطع قماش، ثم أوقفونا للتفتيش…
أدخلونا مبنى كبيرا ونزعوا خرق القماش عن أعيننا و نزعوا القيود الحديدية عن الإخوة،
أمّا أنا فقد صعب عليهم فكّ قيدي، فأدخلوني الزنّزانة به..
أغلقوا علينا الزنازين وغادروا،
كانت الزنزانة ضيقة وخالية من أي شيء سوى الحزن و الأسى، كنت مرهقا لطول السفر وخشونته فاضطجعت على جنبي ويداي مقرونتان خلف ظهري بالقيد الحديديّ..
ما أن كدت أستسلم للنوم حتّى فتح المرتدّون الباب بعنف، فكان صوته مزعجا جدا…..
دخل علي منهم عشرة تقريبا بأيديهم العصيّ فنهرني كبيرهم قائلا:
“اسمع، الكلمة هنا لنا، ومن يعصنا نُعد اللاّصق على فمه ونتفاهم معه بالعصى”…
قلت: “إن كنت تظنّ أننا نخشى عصيّكم فأنت مخطئ، وإننا لم يبق صنف من التعذيب إلا ذقناه في مراكز الشرطة، ووالله ما زادنا ذلك إلا احتقارا لكم وبغضا”
ثم قلت: “كيف نخافكم وقد رأينا جبنكم في الحرب والنّجاسة في سراويل قتلاكم و أسراكم؟”
صاح أحد جنوده : “أصمت يا كلب”…
وتقدم إليّ ليضربني بعصاه، فقال قائده: “دعه الآن، سنخرجه الليلة إلى القاعة”
ثم ألقى عليّ بطّانيّتين عسكريّتين وقال: “افترش إحداهما و توسّد الأخرى”…
خرجوا وأغلقوا باب الزنزانة الحديدي بعنف حتى بقي صداه المزعج يتردد بين جدران الزنزانة دقائق بعد خروجهم،
رجعت لضجعتي وأنا أفكر في حال الأخ أنس لأنه كان مضربا عن الطّعام منذ أسبوعين و في جسده طلقات مسدّس تؤلمه كثيرا، ونقله الكلاب وهو على فراشه لا يستطيع أن يتحرّك…
ما أن أخذت قسطا قليلا من النوم، إلاّ وأيقظني صوت باب الزنزانة وهو يفتح و حرس السجن وقوف،
فوضع أحدهم قبعة حديديّة (عسكرية واقية للرأس) حطّوا فيها “طعاما”، كان “طعاما” مقرفا لا يتجرأ كلب على شم رائحته فما بالك أن يأكل منه..
كنّا إذا سألنا أحدهم عن وقت الصّلاة سكت طويلا ثم أجاب على مضض …
كانت تتعالى أصوات أذاننا من الزنازين
وبعد يوم أو يومين بدأت أصوات الإخوة تتصاعد من الثقوب الضيقة للزنازين بقراءة القرآن…
طلبنا مصاحف ولكنّ النقيب أجابنا بأن ذاك خط أحمر و طلب مستحيل..
كانوا يفتحون عن الواحد منّا ليتمشّى في ممرّ ضيّق أمام الزّنازين لمدة 50دقيقة في اليوم..
كان السجن متكوّنا من قاطعين، في كل قاطع 7زنزانات وحمام،
وكان يقف الحارس فوق مكان مريح بعلو الزنازين يحول بيننا وبينه شباك من حديد وبيده رشاش..
زمن الصّيف لم يكن أحدنا يستطيع الاقتراب من ثيابه، فما بالك أن يلبسها من شدة الحرّ،
كنّا عراة في زنازيننا الإنفراديّة كما ولدتنا أمهاتنا، لا يلبس أحد منّا سرواله إلا إذا أراد الحرس فتح الباب، فإذا أغلقوا الباب نزعه و رماه بعيدا عنه، كانت جلودنا تحترق من شدة الحر…
كنا إذا نادى أحدنا الحارس يريد الحمام تأخّر عنه ساعة أو ساعتين حتى اضطر بعضنا لقضاء حاجته داخل الزنزانة،
فكنا إذا وقع ذلك نضرب الأبواب بعنف ونسبّهم سبّا، فيقذف الله في قلوبهم الرعب فلا يتجرؤوا على فتح زنزانة أحدنا حتى تهدأ الأوضاع ويعدنا قائدهم بعدم تكرار ذلك..
كنّا نعاقب القائد بسكب البول -أعزّكم الله- على وجهه، وكنا أحيانا يحتفظ بعضنا بمقصّ يستعيره لقصّ ثيابه ثم يخفيه عنده كسلاح نخرجه إذا غضب أحدنا فلا يقربوه..
كنّا إذا سكب أحدنا البول -أعزّكم الله- على وجه ضابط أو جنديّ دخلوا بالعشرات إلى زنزانته،
فإذا لم يكن عنده مقصّ يرد به عن نفسه قرنوا يديه وراء ظهره بقيد وجعلوا قيد حديد آخر في رجليه وأخرجوا كل متاعه من الزنزانه ورموه على البلاط حتى ولو كان ذلك شتاء، فنسمع أنين الأخ طوال الليل من شدّة البرد..
وكانوا إذا فعلوا ذلك بأحدنا تكون حالة طوارئ قصوى داخل السّجن، فلا أحد يمكنه الاقتراب من الزنازين رغم أنها مغلقة خوفا من أن نسكب البول -أعزّكم الله- عليه..
كما أن شدّة هزّنا للأبواب تقلقهم فيظنون أننا سنكسرها لنبقى معهم وجها لوجه،
ناهيك عن الإزعاج الكبير الذي يسبّبه ذلك الضجيج طول الليل حتى الصبح..
كانوا يرفضون الدخول إلينا رفضا باتا بعد الساعة 23 مهما كانت حاجة أحدنا،
كان الواحد منّا يطلب الماء فيرفضون جلب الماء إليه فيسقط مغمى عليه من شدّة العطش، فلا يأتونه بماء إلا صباحا،
فيخرجونه من الزنزانة وهم يجرّونه ويصبون عليه الماء و يسقونه..
كان الشّراب سيئا للغاية، فالماء عكر، حتّى أننا اتّخذنا خرقا من القماش نصفّيه فيها، فإذا ملأ أحدنا قنينته صارت الخرقة سوداء من الوسخ…
أصبنا كلّنا بأمراض عديدة، منها النّقص الحاد للبصر، فإنّ الظلام كان شديدا لا يكاد أحدنا يرى يده إذا أخرجها، وكان الحرس يدخلون ظهرا الزّنازين وعندهم مصابيح تضيئ لهم المكان لشدة ظلمته، فالسجن كان عبارة عن قاعة كبيرة بداخلها زنازين ظلمات بعضها فوق بعض…
أصبنا بأمراض جلديّة، كان الدم و القيح يسيلان على جسدي من قروح منتشرة في صدري و ظهري، فأمسحهما في قميصي فيؤلمني لخشونة القميص…
كنّا نتدارس القرآن بيننا بدون مصاحف، فإذا سألنا الحارس أن يصلح لنا خطأ في قراءة أحدنا عاقبه كبيره و قال: “هذا خط أحمر من يتعدّاه نعاقبه”…”