“أنا لست شارلي..أنا الضحية الأخرى”/التاه حمنيه
-أنا لست “شارلي”…أنا ذلك الكادح المحطم “ممادو” الذي اقتلعته مخالب اليأس من تربة “جرداء” امتصتها افواه “الفرنسيس” ورمته في “مغارات الضواحي” حيث يتألق الخط الفاصل بين سطوع الحقيقة وترنيمات “افرانس 24” ….
-أنا لست “شارلي” ..أنا حفيد شيخ افريقي مهاجر كان قدره أن يموت مدافعا عن أرض لم تعترف به في صراع الغطرسة وحروب “الألوان البيضاء” فمات يحمل في قلبه كل تجاعيد “الأدغال الافريقية”…..
-أنا لست “شارلي”…أنا خالد “التيشيتي” حفيد ذلك الشيخ المئوي المجاهد “بكار” ..لم يفكر حينها “جدي” بعمره ال 120 وهو معصب الجفون في قيمة الدفاع عن الشرف والأرض..ولم تمنع قيم الفرنسيس الفاضلة مراهقيها من رميه “برصاص” التنور وهو يعانق قرنه الثاني…
-أنا لست “شارلي”….أنا “بوعلام صالح” سليل أسرة “سطايفية” عريقة مات أغلب افرادها في مجزرة القيم الفرنسية عام 1945..لم تلتئم جراحي الا لتنكأ..وحين قاومت الخوف..حين أصررت على استمطار الأمل من سماء متشحة بالسواد تظلل وجه مدينتي “اسطيف” الحبيبة” واتجهت بوصلتي للحياة اكتسحني لغم أرضي على حدود “تونس”..كان بقية من أرث “زمن قاتم” أبطاله رجال فرنسا..رجال “التلغيم” وكهربة الحدود…
-أنا لست “شارلي”…أنا “ياسين خليل” بكر ذلك الرجل “الغزاوي” البريئ..كان والدي العصامي يفكر فقط بقضاء “رمضان” في جو ايماني تداعبه ماذن الحي..لكن قصف الأغراب الهمجي قضى على كل أفراد أسرتنا -لم يترك غيري أنا وأبي ..ارادة الله شاءت أن أنجو وأن يدخل والدي في غيبوبة استغرقت 5 أشهر لم يستفق سوى على تلفزيون غرفة الحجز الصحي وهو ينقل :”نتنياهو” يتظاهر في قلب باريس “استنكارا للارهاب”)….
-أنا لست “شارلي”…أنا “خليل المصراتي” ليبي أصيل من مدينة”الزاوية” ..أحفظ القران وأعمل في “شركة بترول”..كنت أعيش حياتي بهناء وسعادة..ولم تكن “ديكتاتورية نظامي” تضايقني أو تفرض علي نمطا من العيش لاأستسيغه -كما تفرض فرنسا على المسلمات خلع الحجاب- ..قبل أن اصحو ذات يوم على كابوس مرعب:( مشفى مدينتي ..مدارس مدينتي..شركتي التي أعمل بها).. الجميع ذهب في خبر كان…لقد أصرت “صواريخ الحرية” الفرنسية على أن تستبدلني بجنتي نارا تلظى….
-أنا لست “شارلي”…أنا “ارسين بونييه” عمي كان يتقاسم مع المفكر المشهور “روجيه غارودي” شقة نائية في حي “كليشي سوبوا”..لم أعلم الا ببلاغ صادر عن نيابة باريس يأمر بالقبض على عمي( بائع الصحف) وتهمته الأكبر اخفاء “معادين للسامية” والتستر عليهم ..ومنذ ذلك الحين لم تغن “أنوار باريس” عن عمي شيئا وهو يعانق ظلام السجون …
-أنا لست شارلي…أنا “هدى غالية”..كان صوتي المفجوع باسرتي يخترق كل الفضاءات على “شواطئ غزة”..لكن طيور البحر وحدها كانت أكثر انصاتا لمأساتي ..بخلاف ماتبقى من ضمائر منتحرة على قارعة الاستعطاف…
أنا لست شارلي…أنا الضحية الأخرى حين تحلم بيوم اخر..واعلام اخر..وعيون أخرى ترى مأساتها حتى بألوان شمسية وليس بجودة ال HD بالضرورة……