أخبار

“أنباء” تنشر خطاب رئيس المجلس الأعلى للدولة فى “توجنين” كاملا

فى واحدة من زياراته الإنتقائية ، لعدد من الأحياء الشعبية المنتشرة فى العاصمة انواكشوط أمس الثلاثاء ، القى رئيس المجلس الأعلى للدولة الجنرال محمد ولد عبد العزيز خطابا اتسم بلهجة التحدي والإندفاع فى مايصفها بمشاريع الإصلاح ومحاربة الفساد ، حين أكد عزم الإدارة الحالية مواصلة الحرب على المفسدين بغض النظر عن انتماءاتهم الإجتماعية ، وقال:”وما نحاربه هو الفساد، أما إن كان هناك من يتوهم فيه استهدافا، فذلك شأن يعنيه” و” المجلس الأعلى للدولة بحاجة إلى مساندة الشعب، لكنه في غنى عن مساندة المفسدين ولا يريد وقوفهم في صفه، لأنه يعرف أن مساندتهم لها ثمن هو أن نكون مثلهم مفسدين، وهو ما لا نرجوه.
.

وهذا نص الخطاب:

بسم الله الرحمن الرحيم،
وصلى الله على نبيه الكريم،

سكان مقاطعة توجنين،أشكركم، وأشكر العمدة خاصة، على كلمته القيمة.

إن مقاطعة توجنين، شأنها شأن مختلف المقاطعات، عرفت في الماضي تسيبا وإهمالا، وهو ما أؤكد لكم أنه لن يتكرر-إن شاء الله-، حيث ستولي الدولة اهتماما لتنمية هذه المناطق والأحياء الشعبية بعد ما عانته من تغييب وإهمال طويل.

إن خيار المجلس الأعلى للدولة هو الاهتمام بأغلبية الشعب التي كانت مهمشة طيلة عقود خلت، بسبب ممارسات أولئك الذين تولوا شؤونها ردحا من الزمن واستأثروا بخيراتها طيلة تلك الفترة.

أؤكد لكم أن ذلك لن يتكرر فترة تولينا أمور البلاد، حيث سنتخذ الإجراءات الكفيلة بعدم إقدام المسؤولين على مثل تلك الأساليب.

على الشعب أن يعي ويدرك كل الإدراك أن إمكانيات الدولة له ويجب أن تنعكس بشكل ايجابي على حياة المواطنين، حتى لا يكون في واد، والحكام في واد آخر، منهمكين في الفساد، ولا تقوم للدولة قائمة، كما حصل في كثير من الدول وأدى إلى خرابها، ولا نرجو أن تؤول إليه الأمور في بلادنا.

إن مشاكل المواطنين في توجنين، كما في مختلف مناطق انواكشوط، معروفة وقد أحصيت، وهي مرتبطة أساسا بتوزيع القطع الأرضية، التي يؤدي عدم توزيعها وتنظيمها وحيازتها ب”كزرات” إلى الفوضى وإعاقة إسداء الخدمات، خاصة على مستوى الكهرباء والماء والطرق والصحة…

لقد قلت مرات، إن حل هذه المشاكل بسيط وفى المتناول، لكنه يتطلب من المواطن التقيد بالنظام والوعي الكامل بأن الأرض أرضه وفي متناوله ويجب أن يستفيد منها، في المقام الأول، كبداية لحل مختلف المشاكل المطروحة.

إن توجنين بصفة خاصة تعاني من مشاكل الطرق، التي لا يمكن تشييدها في ظل الفوضى وعدم التنظيم، ونحن لدينا برنامج لحل جذري لمشاكل الطرق في هذه المقاطعة، من بين ما يتضمنه، توسيع الطريق الذي ينطلق شرقا من ملتقى طرق “ساحة مادريد” ليزيد استيعابه لحركة السيارات، كما يجري ترتيب الأمور لتشييد طريق يربط بين”دار النعيم” و” تنويش” من أجل تخفيف الزحمة على طريق توجنين.

وهناك طرق أخرى يجري تنفيذها، محاذية لهذا الطريق بالاتجاه الأيمن من أجل الإسهام في تخفيف الضغط عليه، وتمويلات ذلك متوفرة.

أما مشكلة الكهرباء فلا يمكن حلها في ظروف مثل”الكزرة” لأنها تشكل خطورة على السكان، رغم أهميتها في حياة الناس واستعدادنا لتوفيرها لكم وجاهزية الإمكانيات لذلك.

إن حل هذه المشكلة، كحل مشكلة الماء الشروب، لا يمكن أن يتأتى إلا في كنف توزيع قطع الأرض وهو ما سيتم في القريب العاجل بحول الله.

قبل قليل، قمت – في إطار الاطلاع على الأحوال الصحية للسكان- بزيارة للمركز الصحي في توجنين، حيث طرح علي العديد من المشاكل التي اعتبر أنها بسيطة ويمكن إيجاد الحلول لها، وهو ما سيتم قريبا إن شاء الله.

وفى هذا المقام، لن تفوتني الفرصة دون أن أسدي لكم جزيل الشكر على هذه اللافتات التي عبرت عن المشاكل التي يعانيها بلدنا، خاصة منها ما يتعلق بالرشوة التي هدرت الطاقات وأفقرت الشعب، وما صاحبها من فساد، نخر جسم بلدنا، ونهب مارسه المسؤولون السابقون، وأدى إلى استئثارهم بالقطع الأرضية دون مستحقيها وجعلهم حجر عثرة في وجه وصول ميزانية الدولة إلى المواطنين، ضمن واقع معروف لدى الجميع، مواطنين ومسؤولين وتجار، تعامل بعضهم مع هؤلاء المسؤولين.

إن إمكانيات الشعب يجب أن تنعكس عليه، بشكل ايجابي يمكن من حل المشاكل المطروحة، والمجلس الأعلى للدولة بحاجة إلى مساندة الشعب، لكنه في غنى عن مساندة المفسدين ولا يريد وقوفهم في صفه، لأنه يعرف أن مساندتهم لها ثمن هو أن نكون مثلهم مفسدين، وهو ما لا نرجوه.

إننا سنعمل خلال فترة تولينا شؤون البلاد، على إصلاح وبناء دولتنا التي تتوفر على الكثير من الإمكانيات، وذلك في كنف تسيير شفاف ونزيه، يمكن من الوقوف بدقة على طرق صرف الميزانية وفيم صرفت.

أنا أدرك جيدا أن مشكلتنا الوحيدة هي الفساد وهو ما جعلني أتحدث دائما عن خطورته، باعتباره عقبة كأداء أمام التنمية.

إن وسائل الشعب ملك له ويجب أن لا يعبث بها خمسة أوعشرة أوعشرون شخصا، ثم لا يخجلون بعد ذلك من الحديث عن الديمقراطية التي هي وضع إمكانيات الشعب في خدمته وممارسته الحكم بنفسه، خلافا لما قدر له في بلادنا خلال العهود الماضية.

نسمع كلام هؤلاء وأكاذيبهم وإغراءاتهم التي آن الأوان لوضع حد لها، وخير مثال على ذلك، مشكلة الخطوط الجوية الموريتانية التي نعرفها جميعا، وعانت منها مئات العائلات الموريتانية وبقي أفرادها دون معيل.

إنها فعلة ثلاثة أفراد أو أربعة اوستة، عانت منها 500 عائلة وتشرد أبناؤها في الشارع، دون أن يكترث أي من الأحكام المتعاقبة بهذا الشأن ولا بإيجاد حل لهذه المشكلة وذلك بسبب محاباة الأفراد أو القبائل.

إن تسيير الدولة يجب أن يضمن مصلحة الجميع، وما نحاربه هو الفساد، أما إن كان هناك من يتوهم فيه استهدافا، فذلك شأن يعنيه.

نحن نحارب الفساد، ولا نستهدف أحدا بعينه، ومن لا يريد الاستهداف، عليه أن يدير الظهر ويتراجع عن الفساد.

ثمة مبالغ ضخمة، تعد بالمليارات، رصدتها الدولة سنة 2008، لمواجهة أثار الجفاف وانعكاساته على السكان، وتحدث عنها الرئيس السابق، ومن غير المعقول أن يتم السكوت اليوم عن نهب هذه الموارد من طرف أفراد يعدون على أصابع اليد.

ذلك ما لا نقبله، ولن نقبل الأعذار الواهية، كلما تغير نظام الحكم، واتجهت الأمور نحو محاربة الفساد، كما حصل سنة 2005، حيث حسبنا أنه سيتم وضع حد لمثل هذه الممارسات وعزوف المسؤولين عنها، لكن الكرة عادت من جديد، تماما كما حصل سنتي 2006 و 2007 وحتى عام 2008 وفي ظل ما وصف بالديمقراطية ورئيس منتخب بشكل شفاف.

إن مواصلة القبول بهذا النوع من الممارسات، مدعاة لمحاكمة غير المفسدين، بتهمة التآمر مع هؤلاء والتغاضي عن ممارساتهم، دون مقاضاة أو مساءلة.

انه شأن لم يعد مقبولا، ولن نقبل به، لان بناء الدولة يعني التضحية، وأفضل هذه الأخيرة، ما كان ضد المفسدين.

أرجو أن يفهم من لا تروق لهم النزاهة، هذا القصد، وأننا ماضون في هذا النهج بكل التزام ولن يحول بينا والوفاء بتعهداتنا حائل أو رغبة من أي كان .

وقبل الختام، أرجو تعاون السكان مع الإدارة بشكل شفاف وأن يقفوا في وجه أي انحراف من جانبها، لأنها يجب أن تكون في خدمتهم، حتى يتم الخروج من هذه الوضعية غير اللائقة.

وأشكركم”.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button