أخبار

نواكشوط: ندوة دولية في مواجهة التطرف

انطلقت صباح أمس بقصر المؤتمرات في نواكشوط تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز أشغال ندوة دولية حول ثقافة السلم والاعتدال في مواجهة التطرف العنيف”: المقاربة الموريتانية.

وتندرج الندوة التي اشرف على انطلاقة أعمالها الوزير الأول السيد يحيى ولد حدمين المنظمة من طرف المركز الموريتاني للدراسات الاستيراتيجية بتكليف من الحكومة، في إطار المشاورات الدولية التي بدأت منذ فبراير الماضي في البيت الأبيض لتحضير قمة الأمم المتحدة المقررة في 15 سبتمبر المقبل في نيويورك.

وتشارك في الندوة التي تستمر يومين شخصيات بارزة مثل الشيخ عبد الله بن بيه وباحثون ومفكرون من المغرب العربي ومنطقة الساحل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى المنظمات التابعة للأمم المتحدة.

وسيتناول المشاركون في الندوة التي ينتظر أن تساهم في إبراز السياسات الفعالة لمكافحة التطرف العنيف، مواضيع الدبلوماسية والأمن والدفاع، الاقتصاد والحكامة، التعليم والإعلام الشباب والمجتمع ،المقاربة الدينية ومقاربة العدل وغيرها من المواضيع ذات الصلة بتقوية أواصر الصداقة والتعاون والتنسيق بين بلدان المنطقة وتحقيق الاستقرار و الأمن و التنمية المستدامة.

وأكد الوزير الأول في كلمة له بالمناسبة أن التطرف العنيف، بما يحمله من وحشية غير مسبوقة وتنام جنوني لصور الجريمة، وتهديد خطير لأمن واستقرار وسكينة الأمم والشعوب، واستنزاف لمقَدراتها ومواردها وصرفها عن مقتضيات التنمية المستدامة، يشكل أكبر تحد واجهته البشرية في تاريخها المعاصر.

وأضاف أن هذا التحدي دفع موريتانيا إلى الاستثمار في استراتيجية وطنية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار كل الأبعاد الأمنية والقضائية، والسياسية والثقافية والدينية والإعلامية.

وهذا نص خطاب الوزير الأول:

” بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام علي رسول الله وآله وصحبه أجمعين

السادة الوزراء،

السادة والسيدات المنتخبون،

فضيلة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه

السيد رئيس المجلس التوجيهي للمعهد الموريتاني للدراسات الإستراتيجية

السيد المدير التنفيذي للمعهد الموريتاني للدراسات الاستراتيجية

أصحاب السعادة السفراء،

السادة والسيدات ممثلو هيئات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية

السادة الخبراء الباحثون

ضيوفنا الكرام من الدول الشقيقة والصديقة

السيدات والسادة،

يسعدني، وأنا أشرف اليوم على افتتاح هذه الندوة المباركة التي ينظمها المعهد الموريتاني للدراسات الاستراتيجية بتكليف من الحكومة، حول المقاربة الموريتانية لثقافة السلم والاعتدال كوسيلة لمواجهة التطرف العنيف، تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، أن أرحب بضيوف موريتانيا الأفاضل، وأن أتمنى لهم مقاما سعيدا هنيئا…

أيتها السيدات، أيها السادة

إن دواعي العودة من جديد لبَسط المقاربة الموريتانية في مكافحة التطرف العنيف عديدة وليست نابعة فقط من الخطورة المزمنة لهذه الظاهرة، بقدرما هي عائدة إلى ضرورة الرعاية الدائمة لهذه المقاربة الأصيلة المتميزة، وتعهدها بالمناقشة والحوار والإثراء لتحتفظ بحيويتها وقدرتها على التفاعل الإيجابي مع المقاربات والتجارب الأخرى.

أيتها السيدات ، أيها السادة،

يشكل التطرف العنيف، بما يحمله من وحشية غير مسبوقة وتنام جنوني لصور الجريمة، وتهديد خطير لأمن واستقرار وسكينة الأمم والشعوب، واستنزاف لمقدراتها ومواردها وصرفها عن مقتضيات التنمية المستدامة، أكبر تحد واجهته البشرية في تاريخها المعاصر.

كما يمثل تَنامي الجنوح لهذا السلوك المنحرف، وانتشاره كالنار في الهشيم بين الشباب وكل الفئات الهشة، ظاهرة جديرة بالفهم والتحليل للوقوف على أسبابها ومواجهتها من أصولها.

وهي كلها أمور دفعت بلادنا إلى الاستثمار في استراتيجية وطنية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار كل الأبعاد الأمنية والقضائية، والسياسية والثقافية والدينية والإعلامية.

وقد آتت هذه الاستراتيجية أكلَها، بفضل الله، حيث أبعدت خطر المتطرفين عن حدودنا، وفككت كثيرا من شبكاتهم النائمة، وأجهضت كثيرا من العمليات التي كانت في طور التحضير.

كما أقنعت دولَ المنطقة بضرورة تنسيق الجهود وتكثيف التعاون في الأطر الثنائية ومتعددة الأطراف القائمة، وإنشاء أطر أخرى جديدة، كمسار نواكشوط التشاوري وإطاردول الميدان، ومجموعة دول الساحل الخمس التي تحتضن بلادنا مقرها.

أيتها السيدات أيها السادة،

إن الشطط الذي نراه اليوم في ربط هذه الظاهرة المشِينة بدينٍ بعينه أو ثقافة بذاتها، ينطلق من تزييف واضح للحقيقة وخَلْط متَعمد في المفاهيم والأحكام، خاصة حين يتعلق الأمر بالدين الإسلامي، دينِ الرحمة والتسامح والاعتدال والسلام.

إن حجة هؤلاء في ما يذهبون إليه داحضة بالنصوص الإسلامية الطافحة بالدعوة إلى نهجِ الحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن، وبمعالم الطريق المرسومة للمسلم في التعامل باعتدال ورفق ولِين وإنسانية مع كل بَني آدم المكرمين بصريح القرآن الكريم..

هذه هي سبيلنا، بها نتمسك، وعليها نبني استراتيجيتنا في تصحيح المفاهيم لدى المغرر بهم من أبنائنا، وبها نقارع حجج المرجفين والمشككين…

أيها الخبراء والباحثون الموقرون

إننا لنشكر لكم تشريفَنا بقبول المشاركة في هذه الندوة الهامة، ونعول كثيرا على ما ستقدمونه من بحوث وتحليلات قيمة حول منطلقات ومضامين ومآلات المقاربة الموريتانية في إرساء أسس ثقافة السلم والاعتدال كوسيلة لمحاربة التطرف العنيف، للتعريف أكثر بهذه المقاربة وإثرائها.

وفي الأخير أعلن على بركة الله افتتاح هذه الندوة متمنيا لكم التوفيق ولأعمالكم النجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته”.

وأكدت السيدة خديجة امبارك فال الوزيرة المنتدبة لدى وزيرة الشؤون الخارجية والتعاون المكلفة بالشؤون المغاربية والإفريقية وبالموريتانيين في الخارج أن الهدف من تنظيم الندوة هو النظر بدقة وصراحة إلى كيفية معالجة التطرف العنيف الذي يحظى باهتمام المجموعة الدولية اعتبارا لعالمية مشكلة التطرف العنيف.

وأضافت “نحن في موريتانيا مرتاحون أن ننظم هذا المؤتمر… بهدف دراسة المقاربة الموريتانية القائمة على ثقافة السلم والاعتدال كوسيلة لمعالجة مسألة التطرف العنيف..وهي المقاربة الوقائية المتعددة الأبعاد التي تغذيها تربية السلم المستلهمة من الحنيفية السمحة التي تعيش في عمق خيالنا الجمعي وتحضر بقوة في العمال الدبلوماسي لبلادنا وسياستها الدفاعية والأمنية كما في حكامتها السياسية والاقتصادية”.

ونبهت الى أن التحديات الراهنة في عالم اليوم قلبت مفهوم الأمن حيث لم يعد جامدا ولا محصورا على مفهوم حماية الحوزة الترابية للدولة ورموزها وسلطتها بل أصبح يضع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشرائح من رجال ونساء وأطفال في مركز إشكالية الأمن الشامل الذي أصبح يطلق عليه اسم الأمن البشري.

ونوه العلامة الشيخ عبد الله بن بيه رئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد في مداخلة له بالمقاربة الموريتانية وبتركيزها على الجوانب الأمنية و الثقافية،مشيرا إلى أن الدين أو على الأصح التدين أو صناعة التدين يمكن أن تجلب المنافع كما يمكن أن تعمل في الاتجاه العكسي.

ونبه إلى أن العلماء عاكفون على إقناع المسلمين والعالم بان الإسلام دين سلام وتسامح في الوقت الذي يخضع فيه البعض الدين للتأويل الخاطئ وللتجزئة ويقتطع من النصوص ما يعزز طروحاته داعيا في هذا الصدد إلى التركيز على الدعوة للسلم والتسامح.

ورد الشيخ على القائلين بأن دعاة السلام يريدون |أن يضيعوا الحقوق، بكون السلام أجدر من الحرب في ضمان الحقوق مبينا حاجة العالم الإسلامي إلى ضمير حي يتسم بالحكمة و اليقظة للتصدي لهذه لظاهرة العنف.

و خلص العلامة إلى أهمية أن تخصص كل دولة جزءا من ميزانيتها للسلام كما تخصص الدول جزءا كبيرا من ميزانيتها للحرب كما خلص إلى دعوة العلماء إلى مناقشة المفاهيم وجعل الدين جزءا من الحل بدل أن يكون جزءا من المشكلة.

وكان رئيس اللجنة التوجيهية للمركز الموريتاني للدراسات الاستيراتيجية الدكتور عالي ولد اعلادة قد ألقى كلمة ترحيبية أكد خلالها أن ثقافة السلام تحتاج إلى بيئة حاضنة لها وشعب واع بأهميتها ومؤسسات تربوية وإعلامية منتجة لها وأجهزة أمنية وعسكرية حامية لها وهذا ما يجعل من موريتانيا قبلة للسلم ورمزا للتنوع وفضاء للتسامح وجسرا للتعارف الحضاري .

وقال إن المركز سعى منذ انشائه في العام 2011 إلى إحداث قطيعة معرفية مع مرحلة الارتجال والشفاهية والاتوثيق كما سعى إلى أن يدشن مرحلة جديدة من دراسة القضايا الوطنية حسبما تتطلبه الرؤية الاستيراتيجية وتمليه تحديات العصر وتفرضه متغيرات الاجتماع واكراهات العولمة حيث تتنزل الندوة.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button