“لوموند ” تسحل ولد عبد العزيز / سيدي علي بلعمش
أنباء انفو ـ “لموند” يومية مسائية فرنسية، تطبع 371.803 نسخ حسب إحصائيات 2004، منها حوالي 40.000 نسخة توزع في الخارج. أسسها بيف ميري (Hubert Beuve Mery)بناء على طلب من الجنرال شارل ديجول بعد خروج الجيش ألآلماني من باريس، مشترطا على الجنرال أن يتولى تحرير افتتاحية الاستقلال، ليخرج عددها الأول في 19 دجمبر1944.
تتهم في الأوساط الثقافية الفرنسية بالميول للوسط اليساري و هو ما لا تعترف به الصحيفة و لا يثبته خطها التحريري.
لا تعلن الصحيفة عن رقم أعمالها لكن بعض الجهات المتخصصة قدرته بحوالي 629 مليون اورو سنة 2007 . سنة 2010 كانت “لموند” ثاني صحيفة فرنسية تتلقى دعما من الدولة (17 مليون أورو مساعدات مباشرة) ، لتصبح الأولى في سنتي 2011 ـ 2012 (16.9 و 18.6 مليون أورو).
إن القول بأن مؤسسة بهذا التاريخ و هذ الحجم و هذا المجد في الشأن الفرنسي و الوجدان لفرنسي، يحركها ولد اعبيدنا أو ولد بو عماتو، كلام لا يمكن تفسيره إلا بجهل حقيقة مكانتها أو بالهروب من مواجهتها.
ـ يقول ولد عبد العزيز ـ أثناء لقائه مع صحافة البشمركة في نواذيبو ـ إنه لم يقرأ ما كتبته “لموند” عن فساد تازيازت (وثيق الارتباط بفساد النظام)، بل سمع به “فقط”، لكنها ـ يقول ولد عبد العزيز ـ صحيفة مسلطة عليه من طرف جهات معروفة !!. و لا غرو أن يسمع ولد عبد العزيز بدل أن يقرأ و لا غرو أن يتجاهل بدل أن يواجه و لا غرو أيضا و أيضا أن يكذب بدل أن يعترف ؛ هذا هو ولد عبد العزيز كما عرفناه : تسجيلات “غاناغيت” قصة مفبركة من قبل المعارضة لا أساس لها من الصحة ، ثم قصة متآمرة، من ورائها رجل أعمال معروف، ثم بعد إثبات صحة تطابق صوته بنسبة 93% من قبل المتخصصين ، تصبح فجأة “صحيحة ، هو رجل عراقي مسكين يريد أن يعلم أطفاله في بلد عربي مسلم”..
ما يهرب منه ولد عبد العزيز بوضوح هو أن النظام الفرنسي هو من يسلطها عليه أو هي من تتسلط عليه باسمه أو بصفته المباشرة. فأي شيء في فرنسا أكثر فرنسية من “لموند”؟ و لا تحاول “لموند” اليوم توريط ولد عبد العزيز كما يعتقد البعض إنها تسحله تنكيلا، قبل الإجهاز عليه بالضربة القاضية.
لكن السؤال الأهم هو، ما الفرق بين أن يسلطها عليه من يتهمهم أو تسلطها فرنسا أو تسلط نفسها ، إذا كان ما تقوله صحيحا؟ و لماذا لا يرد عليها أو يقاضيها إذا كان غير صحيح ؟
ماذا يمثل ولد عبد العزيز أمام “لموند” ؟
لقد وقفت “لموند” بجسارة و بشكل شبه منفرد ضد الليبيرالية الجديدة بقيادة رونالد ريغن و مارغاريت تاتشر . و فضحت السياسة الأمريكية في حرب الخليج الثانية و وصفتها بالحرب الصليبية الثانية، فهل يهزها اليوم عداء الغشيم ولد عبد العزيز؟
ليفهم ولد عبد العزيز و من يدافعون عنه بالباطل و بالباطل، أن صحيفة مولودة في ظل الأحكام الفرنسية و تتمتع بأكبر دعم حكومي في فرنسا ، لا تعادي نظاما إفريقيا لا تعاديه فرنسا . و “موند آفريك” التي يتحدث عنها بازدراء هي جناح المخابرات الفرنسية الأخطر في القارة، الذي يحمي لأنظمة و يطيح بها.
لقد تحولت كل صداقات عزيز إلى عداوات ؛ في فرنسا ، في المغرب، في الجزائر، في السعودية، في الإمارات، في إيران، في سوريا، في ليبيا و السبب هو صغر عقله و اعتقاده السخيف بأنه يستطيع أن يعيش على حبل تناقضات و عداوات بلدان تتجاوزه جميعا في العقل و الدهاء و الخبرة؟
و اليوم تحاصر ولد عبد العزيز أخطاؤه و حيله و ألاعيبه : لقد تعامل العالم معه باحترام و صدقوه كرئيس دولة و سترون كيف سيعاملونه حين تأكدوا جميعا أنه مجرد رئيس عصابة.
ما لم ينتبه له الكثيرون هو أن ولد عبد العزيز يقول إن عملا ما ضده يصدر من ولد بو عماتو، لا لأنه يعتبر الأخير عدوه فحسب و إنما لأنه يعتقد أن ما يحكى لا يعرفه عنه غير ولد بو عماتو كشريك قديم و مقرب كان يعرف كل أسرار حياته.
و ما لا يفهمه الغشيم، أن العالم اليوم أصبح يصدق كل ما يحكى عنه حقا كان أو باطلا و تلك ضريبة تصرفاته غير المسؤولة التي طالت كل شيء.
يقول ولد عبد العزيز إنه لا يعرف أقارب له في تازيازت و لا مقربين و تتحرج البشمركة من ذكر أسمائهم أمامه “تفاديا للإحراج” ؛ أي مسرحية سخيفة ؟؟
أبمثل هذه السخافات المعبرة عن صغر عقولكم، تواجهون اتهامات “لموند” المبنية على الأدلة الموثقة و اعترافات أطر تازيازت و قرائن ماثلة للعيان و كتيبة من الأقارب تصل رواتب بعضهم الخمسين ألف دولار، تهيمن على وظائف الشركة و تحتكر الخدمات المقدمة لها من التاشرونا إلى الحراسة الأمنية مرورا بأتفه التفاصيل؟؟
ما أنتم إلا أنتم، تماما كما يعرفكم الجميع.
لقد أدركت فرنسا الجريحة أن ولد عبد العزيز شريك في صناعة الإرهاب و عدم الاستقرار و ضالع حتى النخاع في كل أسباب تمنعه في المنطقة : رعاية المخدرات ، تهريب السلاح، تزوير العملات، غسيل لأموال و المساهمة الفعالة في خلق البيئة الحاضنة لهذا الجحيم الأعمى المتمرغ في دماء لأبرياء. و من الغباء أن يعتقد أن لا تحاربه فرنسا بكل أياديها في لمنطقة و على رأسهم “موند ـ آفريك” و “فرانس ـ آفريك” و من الغباء أكثر أن يعتقد أن التغطية على عمر الصحراوي و العفو عن إيريك والتير و إطلاق سراح سنده ولد بو عمامة المطلوب فرنسيا و ماليا، و العفو (المجرم) عن سيد أحمد ولد الطائع الذي كان يخبر تجار المخدرات في البلد عن من أصدرت الانتربول مذكرات في حقهم و ولد السوداني و ولد اعبيد الرحمن و إطلاق سراح عصابة “لمزرب” (20 تاجر مخدرات) و ارتباطاته الوثيقة بـ”فريديك ماليت” و “غاليمار آلين”، يمكن أن تخفى حقيقته على أغبى الأغبياء.
على ولد عبد العزيز أن يلتحق بعصابة لمزرب ليعيش معهم ما تبقى من عمره و يمارس معهم عمليات التلصص و التهريب و القتل في الصحراء ؛ ذلك هو ما خلق له و ذلك هو طريق “النجاة” الوحيد المتبقي أمامه.