أخبار

المعارضة تعود للميدان بينما الحوار في غرفة الانعاش

أنباء انفو – بينما أعاد الصمت الحكومي إزاء مقترحات المعارضة، الحوار السياسي إلى غرفة الإنعاش لأجل غير مسمى، عادت المعارضة الموريتانية لذرع شوارع العاصمة في مسيرات احتجاج منتهزة ما مس الحكومة الأسبوع الماضي من ضعف بسبب الانفلات الأمني داخل العاصمة.

ومما يسر الحكومة ازدياد ملحوظ للتنافر بين جناحي الرفض والاعتدال في المعارضة حيث جرت مقارعات تدوينية على مواقع التواصل بين مدونين ومغردين من حزب تكتل القوى بزعامة أحمد ولد داداه وآخرين من حزب «تواصل» ذي النزعة الإخوانية.

وأكدت هذه التغريدات التي شارك فيها قياديون من هذين الحزبين الأبرزين في المعارضة أن الفتق داخل المعارضة الموريتانية وصل لمستوى يصعب رتقه، وهو ما يبعث الارتياح في نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع أنه سيوزع الفعل المعارض لجبهتين عتيدتين.

وجددت المعارضة الموريتانية في مسيرة الجمعة «تمسكها بالحوار الضروري لإخراج البلاد من أزمتها المتفاقمة وذلك أثناء مسيرة احتجاج ضخمة تمكن المنتدى المعارض من حشدها رغم مقاطعة أحزاب معارضة وازنة لها يتقدمها حزب تكتل القوى بزعامة أحمد ولد داداه». وأكد أحمد سالم بوحبيني الرئيس الدوري للمعارضة في كلمة وجهها للحشود المتجمعة في مهرجان المسيرة «أن المعارضة تريد لموريتانيا أهدأ السبل وأيسر الطرق، ولكنها تشترط أن يكون الحوار جاداً لا هزلياً، مفضياً لنتائج من شأنها أن تعالج المشكل وتفتح الباب للتداول السلمي، لا كسباً للوقت بالمناورات المكشوفة». وقال «إن على نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز أن يفهم بأن حواراً من النوع الذي تقبل به المعارضة يقتضي أسلوباً غير الأسلوب الحالي الذي تنهجه السلطة».

وأضاف الرئيس الدوري للمعارضة قائلا «لقد سلمنا للسلطة عريضتنا، ورؤيتنا للحوار، والتقدم في هذا المسار يبدأ جزما بإجابتهم وإرسال رؤيتهم، وغير ذلك تبديد للوقت ورهان خاسر».
وخاطب الرئيس المعارضة والجماهير المحتشدة قائلا «.. إنكم أيها المواطنون تعيشون أوضاعا أمنية لا تطاق (السرقات الواسعة والاعتداءات المتكررة والنيل من الاعراض والأرواح …) لقد انتشر الخوف في كل بيت وأحس الناس بعجز السلطة وأجهزتها الأمنية المشغولة بقمع المحتجين والمثقلة بالإهمال وعدم الاعتبار، ويأتي ذلك في ظل وضع اجتماعي ومعيشي صعب، أضلاع مثلثه الغلاء والبطالة وسوء التوزيع، فالنظام فشل في المهمتين، فلا هو أطعم الناس من جوع ولا هو آمنهم من خوف».

وذكرت المعارضة الموريتانية على لسان رئيسها الدوري بمواقفها مؤكدة أنها مجتمعة للنضال والكفاح رفضاً للعبودية والتغطية عليها، ونبذاً لكل عنصرية ودعوة لوحدة وطنية قائمة على العدل والمواطنة، وصرامة ضد كل أشكال الفساد الذي استشرى وانتشر، واستنكارا لبيع المؤسسات العامة وإفساد الشركات الكبرى، وتشبثا بالديمقراطية والتداول، ورفضا للأحادية والتضييق على الحريات، وإدانة لكل اعتقال سياسي وفرضاً لإطلاق سراح الحقوقيين، ووقوفاً عند القيم وأصالة البلد واستنكاراً لإغلاق المعاهد ودور القرآن الكريم، وتأكيداً على الموقف الرافض للعنف والمدين لكل أشكال الإرهاب، وألماً لحال العمال وتسريحهم وإخلاف الوعود لهم، ورفضاً لتدهور الخدمات، خصوصاً ما تعلق منها بصحة الناس وتعليم أبنائهم».

ووصف محمد غلام ولد الحاج الشيخ نائب رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح (الإخوان) الذي شاركت قواعده بكثرة في هذا النشاط، مسيرة المنتدى المعارض «بأنها نقطة تحول في العمل المعارض بموريتانيا».
وقال في تصريح لزهرة شنقيط «إن منتدى المعارضة قرر الذهاب للشارع والمواطن»، مبرزا أن «المسيرة رسالة إلى الشعب الذي مل أكاذيب النظام وعدم قدرته على توفير الأمن والأمان للمواطنين».
وشارك في مسيرة منتدى المعارضة آلاف المتظاهرين رافعين لافتات تطالب بتوفير الأمن، وتخفيض الأسعار. وتعتبر هذه المسيرة أول نشاط سياسي ميداني ذي بال تقوم به المعارضة الموريتانية منذ مسيرتها الضخمة التي نظمتها في كانون الثاني/يناير من عام 2012، حيث اقتصر نشاط المعارضة الموريتانية بعد ذلك على المؤتمرات الصحافية والبيانات السياسية.

ويأتي تنظيم هذه المسيرة في وقت يشهد فيه الحوار بين النظام والمعارضة تعثرا مربكا، وفي وقت تشهد فيه المعارضة الموريتانية انقساماً بين مجموعتين على إثر خلاف نشب بين أطيافها حول الاستجابة للقاء دعا إليه الطرف الحكومي حيث رفضت مجموعة الرئيس أحمد ولد داداه، أي لقاء مع الحكومة قبل ردها كتابياً على وثيقة كانت المعارضة قد سلمتها من قبل للجهات الرسمية، فيما لم يشترط الاتجاه الثاني الذي يضم غالبية الفعاليات السياسية والنقابية المعارضة، الرد المكتوب والتقى بالطرف الحكومي.
ومع أن مفاوضي الأغلبية تعهدوا، حسبما تأكيدات المنتدى المعارض، في لقائهم الذي عقد يوم الثالث ديسمبر الجاري مع المعارضة، بالاستجابة لشرط المعارضة بتقديم رد مكتوب على وثيقتها، فقد تروجع عن ذلك التعهد وهو ما جعل المعارضة تحرك الشارع للضغط على النظام.

ولم يتمكن نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز من تنظيم حوار ناجح مع المعارضة الجادة منذ انتخابه عام 2009 رئيسا للبلاد، فقد باءت جميع محاولات التحاور بالفشل وهو ما جعل موريتانيا تعيش أزمة سياسية مزمنة.
فبعد فشل حوارات 2009 و2013، والنجاح المحدود لحوار 2011 مع معارضة الظل، اختار الرئيس محمد ولد عبد العزيز مناسبة انطلاق النسخة الخامسة من مهرجان المدن القديمة في شنقيط ليجدد يوم الرابع من يناير 2015 «استعداده التام لحوار شامل يهدف إلى تحقيق المصلحة العليا للوطن».
لكن هذه الدعوة قوبلت في اليوم الموالي برفض تام من طرف منتدى المعارضة الذي أكد «أن الرئيس ولد عبد العزيز بإعلانه عن استعداده للحوار الشامل، يكرس أسلوبا تعوده نظامه كلما كان البلد على أبواب استحقاق انتخابي».

وأضاف «أن النظام غير مستعد لدفع ثمن الحوار الجاد، الذي يفضي لنتائج تخرج البلد من أزماته السياسية، وتكرس شفافية الانتخابات ونزاهة صناديق الاقتراع.

– القدس العربي- عبد الله مولود

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button