خذ المأمورية فأنت تستحقها..!!
سيدي الرئيس، ابق رئيسا، نحن نحتاجك، وأنت تحتاجنا، فأنت قائد “الضرورة”، ونحن شعب “الضرورة”
تستحقنا ونستحقك..
لم تنقلب على رجل أنت من جاء به أصلا، ولم تثر على رجل كنت حارسه الأوحد، ولم تتنكر لأية اتفاق أبرمته مع معارضيك في الداخل أو الخارج.
تزورنا في كل نقاط الوطن، رافضا استخدام طائرة خاصة، أو مروحية عسكرية أو مدنية، أو حتى سيارة مكيفة، فأنت تريدنا بكل تفاصيل حياتنا، ولا تنظر إلينا من زجاجة معتمة، تريد أن تعطش معنا، وتمسح معنا عرق جبين حرقته الشمس، وتلثم معنا غبار الأرض وأتربتها، تريد أن ترانا وتسمعنا، أن تتقمصنا وجوها وملامح ومعاناة وبؤسا، تريد حقيقتنا على الأرض، لا عبر منظر جوي، ومباشرة من أفواهنا، وعيون أطفالنا، وجماجمنا الحائرة، لا عبر تقارير سياسية وأمنية منفوخة وموجهة..!!
لم تسافر إلى الخارج إلا لضرورة قصوى تعود بالنفع على البلاد والعباد ، وفضلت العلاج والتداوى هنا في مستشفيات الحكومة مع الفقراء والعامة وعانيت كأي واحد منهم ضعف المنظومة الصحية والطبية في البلاد، لم تتعرض لرصاصة غامضة في ملابسات غامضة ، لا يسمح لأحد بالخوض في تفاصلها الحقيقية، ولم يرتبط اسمك بالمخدرات ولا ب”الصناديق” ولا بصفقاتها وسماسرتها.
أنت من نبحث عنه، لأنك تبحث عنا وتفعل كل شيء من أجلنا، لم تستأثر بالأرض وما عليها، والسماء وما تحتها، لم تحكم أقاربك ومقربيك، ورفاقك العسكريين في أعناقنا وأرزاقنا، لم تسمح لأحد بإرهابنا وإطلاق الرصاص علينا، لا في “البقالات” ولا في “مجالس السهر” لم تبع مساحاتنا ومدارسنا لأسماء ومؤسسات وهمية هي في حقيقتها منك وإليك، لم تطلق يد أبنائك وأسرتك في أموالنا وأرضنا وعرضنا، لم تكنز هيئتك الأسرية الخيرية أموالنا العمومية لتعيدها إلينا في شكل صدقات هي أقل كثيرا وأرخص من منهوباتها ..
نحن بحاجة إليك ..
لم تسمعنا أبدا لغو الكلام، ولم تخاطب عقولنا بخطاب للأطفال، ولم تخترع أبدا لعبة الذهب لإلهائنا عن ارتفاع الأسعار، والعبث بالدستور، وبيع كل شيء بالمزاد العلني و”السري”، لم تحول حكومتك إلى “بيادق شطرنج” جامدة، سجلت فيها كل ما تريد قوله لنا، فأصبح كل وزير مجرد “بوق رصيد” تسجل فيه عبارة فيرددها على مدار الساعة بطريقة “ببغائية”
لم تعبث بعلاقاتنا مع الجيران، فأغضبت جنوبيا لإرضاء شمالي، وآذيت شرقيا للتقرب من غربي.
لم تحول الأحزاب الدائرة في فلكك إلى مجموعة “شبيحة” لا تملك من الأمر شيئا، فأنت من يحدد مساراتها، وبرامجها وقياداتها، وخطاباتها، لم تدجن” الإذاعة” و”التلفزة” و”الوكالة”، ولم تحولها إلى إقطاعيات ل”تشغيل الأقارب” وتشجيع الممارسات “السرية” وتكريم “لببغاوات”.
لم تضع مجالس “الفتوى” و”القضاء” في قفص به باب واحد تدخل منه الطعام، وتخرج منه “الأحكام” و”الفتاوى”، وأنت مطمئن على أن “طيور” الأقفاص لا تحلم برؤية السماء والشمس، وهي أليفة تابعة لليد التي تتعهدها فقط.
لم ترفع علينا أسعار المحروقات، والحليب، والغذاء والدواء، لم تترك للسماسرة فرصة قتلنا بسموم الأدوية المزورة، ولم تتركهم يفسدون التعليم ويحولونه إلى “رباخة” تافهة الشكل والمضمون، لم تقطع عنا الماء والكهرباء، ولم تؤثر علينا شعوبا أخرى، ولم تضيق علينا الخناق في الداخل والخارج.
كنت لنا خير نصير فأعدت إلينا “محمدو ولد صلاحى” وإسحاق ولد المختار”، وزدت منح طلابنا فى الخارج ورفضت ظلمهم ومماطلتهم من طرف وزارات التعليم والخارجية والسفارات الموريتانية فى الخارج، ومع كل صرخة مواطن موريتاني ميت ظلما وتشردا وغربة في “أنغولا” و”ليبيا” و “الغابون” و”ساحل العاج” و”غامبيا” و”السنغال” و”أوروبا” و”أمريكا” و”الخليج العربي” كنت أعلى قامة من “المعتصم”، وكانت تلك الدول “عمورية” التي دخلتها فاتحا بجيش أوله عند ملوكها، وآخره عند بوابة قصرك .
نحن نحبك .
في زمنك لم يظلمنا أحد،لم ندفع شيئا عند”قطع السرة” ولا يوم “الختان”،لم ندفع شيئا مقابل أوراقنا الثبوتية، لم يحتقرنا احد، لم يهمشنا أحد، في زمنك حصل الأطباء والممرضون والأساتذة والمعلمون والمهندسون وصغار العمال على حقوقهم كاملة غير منقوصة، لم تعين أحدا لولائه لك، أو قرابته منك، ساويت بيننا فلم تعين إلا من أسرع به عمله ” وإن أبطا به نسبه”، وقادته شهاداته وكفاءاته إلى الوظيفة، لم ترهقنا بالضرائب والمكوس، ولم تمنح سمكنا وحميرنا للصين، ولم تترك للمؤسسات الأجنبية حرية نهب حديدنا وذهبنا ونحاسنا، وإغراق بلدنا بالسموم، ولم تضعف مؤسساتنا ولم تبع بحرنا وبرنا وجونا، ولم تتحول في خطاباتك إلى وكيل إعلان”حصري” لبعض المؤسسات “المكومسة”.
لست أنت من أخذ قطع أرض في “الملعب الأولومبي” و”مدرسة الشرطة” و”المطار القديم”، ولم تسمح لأفراد أسرتك باستلام عشرات القطع الأرضية من وزير ماليتك الذي وبخته لأنه فكرـ مجرد تفكير ـ في منح أحد أقاربك قطعة ارض لا تتجاوز مساحتها 120 مترا طوليا ..!!
لم تسمح للسيدة الأولى بشراء منتجعات وقصور في المغرب والخليج، ولم تذهب إلى الخارج لمطاردة سيدة أجنبية لإعادة مال لأحد أبنائك كان يمكن أن تتركه “نفقة جارية” لحفيدك الذي لولا “قرب أخواله” لصادرت كل ممتلكاته ..
نحن نتوسل إليك تسولا أن تبقى لمأمورية جديدة ..
في زمنك المبارك لا أحد في السجون، لا سجين رأي، لا شباب تم توقيفهم.
فى زمنك لم يقمع الحمالة، ولم يحتقر حملة الشهادات، ولم يهن الأساتذة والمعلمون العقدويون، ولم يظلم مسيروا دكاكين أمل، ولا قدماء الموظفين، ولا عمال المناجم والموانئ.
فى عهدك الميمون لم تستخدم مسيلات الدموع، ولم يضرب بعض المجتمع ببعض، ولم تميع الصحافة، ولم يحرر فضاؤها السمعي البصري لتستعبد أرضيته، ولم يقرب رجال أعمال ليستبعد آخرون، ولم تحرر مؤسسات لتستعبد أخرى، ولم تتفش الجريمة، ولم تظهر أنواع متطورة من الحرابة والسطو المسلح، والقتل في زرقة الفجر، كما في رابعة النهار، أو عتمة الليل، ولم يمت أحد انتحارا أو احتراقا هربا من الظلم، ولم يمزق المصحف الشريف، ولم تحرق الكتب القيمة، ولم تظهر الوجوه القبيحة للملحدين والمشعوذين، والزنادقة وباعة الدين والأرض والعرض والكرامة.
في عهدك الزاهر لم نتدافع بالمناكب للحصول على “شوكة” من ذيل “يايبوياية” هي كل مابقي لنا بعد ذهاب الصين وفرنسا بأسماكنا، لم نقتتل بجنون للحصول على بقايا تمور وألبان سعودية أو تركية ضجت بها عنابرهم هناك فاختارونا مكبا لنفاياتها ، لم تقذف بنا الشوارع متسولين فقراء، لا نرى وجوهنا في مرآة وطننا المشظاة، لم يختطف أحد وطننا، ولم يسرق أحلامنا بالحرية والعدل والاستقرار.
أنت من أعدت لأطفالنا الحليب، ولشيوخنا الرغيف، ولمرضانا قرص الإستشفاء.
أنت الذي نستحق أن يقودنا، ونحن من تستحق أنت أن تقودنا.
سيدي خذ مأمورية ثالثة، وهذه توقيعاتنا وبصماتنا، وإن عشنا إلى ما بعد مأموريتك الثالثة، فخذ رابعة وخامسة.
لأنك تسحقنا، عفوا لأنك تستحقنا، فابق على رؤوسنا وظهورنا المحنية احتاطا وفقرا، وتعاسة وانسداد أفق، أميرا، أو حتى ملكا، فمن نحن حتى نرفع أصواتنا فوق صوتك ف”العبد عبدكم والمال مالكم” ياصاحب الفخامة.
إننا ـ إكراما لك ولكى تستمر في قيادتنا قطيعا تائها ـ سنضع أنات المرضى، وآهات المكلومين، وحشرجات الموتى، على الصامت، وسيظل حلمنا بوطن عادل حنون دافئي مغلقا ب”الشمع الأحمر” ولك الحق سيدي في أن تبيع الوطن والحلم والشمع الأحمر..!!
سيدي، لأننا نحبك خذ لك مأمورية ثالثة، فهي أقل ما تستحقه علينا، وما نستحقه على أنفسنا الأمارة بالسوء.
– حبيب الله ولد أحمد