مقالات

– افاق .. انقلاب فاشل بقلم : د. طارق الشيخ

بعد أشهر من الانقلاب العسكري في موريتانيا لايزال العسكريون ومعهم البلاد بأسرها تلعق مرارة المغامرة السيئة.

فالإنقلاب او المغامرة الموريتانية جسدت كل الأخطاء التي تترتب على مثل هذه الأفعال الطائشة التي طالما اعتادا عليها العسكريون في دولنا العربية سبيلا للوصول الى الحكم. فهو الانقلاب الأفريقي الأول الذي يقع بعد قرار الاتحاد الأفريقي الشهير بتحريم الانقلابات.

فعسكر موريتانيا لم يدركوا اهمية العامل الخارجي وهو كان تاريخيا يلعب دورا لايقل أهمية عن العمل الانقلابي نفسه. فتغير السلطة بهذا المسلك العنيف يتخطى الاهتمام به وتأثيراته حدود الدولة.

وفي معظم الانقلابات التي وقعت في افريقيا كان هناك ارتباط خفي إما مع الاستعمار السابق مباشرة كما في حالات عدة أشهرها حالة موبوتو في الكونغو وهو انقلاب قامت به قوات الشرطة مسنودا بالمستعمر السابق.

واذا كان الانقلاب كعمل عسكري لابد أن يكون مسنودا بحزب أو طبقة ترتبط مصالحها بقادة الانقلاب أو تكون قد أوعزت لهم ومهدت لهم بتأييدها للقيام بالانقلاب ففي حالة موريتانيا كان انقلابا طائرا على الهواء.

فهو كان مغامرة صريحة وتنكب للمجهول وعلى ذلك فهو محتوم بالفشل طال الزمن ام قصر. فهو يسير في عكس اتجاه الحراك الوطني الداخلي الذي أنجز لتوه مأثرة ديمقراطية تاريخية.

ولم يكن الانقلاب أبدا سبيلا لتعديل أو تصحيح مسار العملية الديمقراطية بل أن السبيل الوحيد لذلك هو المزيد من الديمقراطية. واعتقادي أن قادة الانقلاب لو اتجهوا الى إبداء نوع من الضغط على السياسيين لكي يرعووا ويعودا الى جادة الصواب الديمقراطي كان تأثيرهم سيكون عظيما ودستوريا ولكن من مواقعهم ودون التطاول على التجربة الديمقراطية.

الان بعد أشهر من التجربة السيئة يعودون الى نقطة البداية مفتقدين للدعم الخارجي والداخلي والافريقي وبالتالي لامجال سوى البحث عن مخرج لموريتانيا وليس لأشخاصهم.

وهذا يعني أن يعملوا على إعادة الديمقراطية بإعادة شخوصها وممثليها الشرعيين الى ممارسة أعمالهم وفق التفويض الشعبي. صحيح هناك ممارسات خاطئة وفساد وغير ذلك من أمراض المجتمعات النامية لكن لاسبيل لحلها الا بالديمقراطية.

فقد علمتنا التجارب العسكرية السيئة أن الفساد يجد في النظم العسكرية مرتعا خصبا. ففي النظم العسكرية ينمو الفساد دون رقيب ويمارسه أشخاص يعتقدون أنهم فوق المساءلة وفوق المحاسبة وهو أمر يستحيل في العرف الديمقراطي الذي نأمل أن تعود لجادته موريتانيا سريعا لأن الوقت الذي يمر هو خصما على النمو والتقدم في هذا البلد الذي لاتنقصه القضايا التي تتطلب وعيا بأهمية الديمقراطية ووحدة أكثر من أي وقت مضى.

لقد أبدى قادة الانقلاب مؤخرا بعض التنازلات والمطلوب تنازل نهائي وابتعاد العسكر عن الحياة المدنية ففي ذلك ابعاد لها عن المغامرات الطائشة

بقلم : د. طارق الشيخ

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button