مقالات

دروس من حادثة لكصر / المختار ولد الشيخ زيدان

عُرى أخوتنا الدينية تتقطع وعهودنا الاجتماعية البينية تُنكثُ ويتلقى الخطاب العنصري المخشوشب، أعلى الأوسمة ويُطلى بأجمل المساحيق، فيربح أصحابه ريعا ماديا يجعلهم متمسكين بنهجهم ويحسبون أنهم على شيء، وتنطلي خدعة مساحيق حقوق الإنسان على القليلين من أصحاب الضمائر من الشباب، 

حتى يظنوا أن هؤلاء ما تحركت ألسنتهم الكاذبة وما بطشت أيديهم الآثمة إلا انحيازا إلى الحق ودفاعا عن المظلوم.
ولو كانوا يفقهون قولا لأدركوا أن خيرا لن يأتي من يد الغربيين الذين ماعرفوا للإنسان الإفريقي قيمة، ولاحفظوا له يوما حقا. ولكن لنفترض أنهم لايعون مايفعلون وأنهم يريدون حقا سليبا، فليعلموا أن الغرب لاتربطه تحالفات مصيرية أبدا مع أي كان إلا ما ماكان مرتبطا بمصالحهم المحضة، فعدو الأمس صديق اليوم (إيران) وصديق الأمس عدو اليوم(تركيا والسعودية) فالتحالف مع الغربيين هو أحلام نائم لايؤمن أرضا ولا يحفظ عرضا. وقبل أن يتمندل الغربيون بمن يلوحون به اليوم، فالأولى هو الحفاظ على لحمة المجتمع المحلي أولا ومحاولة خلق ديناميكية حقوقية محلية فعالة، هكذا يمكن تحقيق الكثير في بيئة تعايشية.
إن الأحداث الأخيرة بحي لكصر كان يراد منها أن تأخذ منحى دمويا لولا أن الله سلم، ولقد كانت العناصر الداعية للفتنة على استعداد تام، وقد شاهدنا بالصور الشباب الملثمين الذين كان يتجهزون للانقضاض على أفراد الشرطة الذين أتوا كالعادة مع تنفيذ أي حراك جماعي لتأمين المشهد، لكن من غسلت عقولهم من كل منطق إلا منطق القوة، ونزع من قلوبهم كل شعور إلا الشعور بالعنصرية المقيتة أرادوها أن تكون فوضى عارمة. وسلم الله.
وأخذ العبرة من هذه الحادثة هو فرصة يجب اهتبالها ، قبل فوات الأوان، وبالنسبة لي تتلخص الدروس في النقاط التالية:
1 – من الآن فصاعدا يجب أن لا تؤخذ قوات الشرطة على غرة، ويجب أن تدرك أنها لم تعد تمارس عملها في محيط شعبي يشجعها أو على الأقل يحترمها، فلتع الشرطة أن لها أعداء مندسين بين صفوف الشعب المسالم، ولتأخذ حيطتها وحذرها.
2 – أن يعي المواطنون أن الملكية الخصوصية لم تعد قضية مسلما بها، فمما يوحي به شيطان الفتنة إلى أوليائه: أن كل ملكية خاصة استطاع أحد الانتفاع بها فليفعل وإلا فليفسدها، وعليه يجب عدم التنازل عن الأراضي أو بيعها أو إعارتها إلا تحت عقد قانوني والحذر كل الحذر من المعاملات البدوية التي كانت سائدة بين أفراد الشعب، فقد اصبحت تسبب لبسا لدى البعض.
3 – يجب على الدولة السعي بجدية لخلق فضاء قضائي عادل يفرض على الجميع احترامه -وأول من يطالب هنا باحترامه هي السلطة وأفرادها المتنفذون- ليلتزم الجميع بعد ذلك بقراراته، فمن غير الاعتيادي أن يقع التباس مع وجود وثائق واضحه في دولة القانون.
4 – توعية الشباب بخطورة الخطاب العنصري الذي يفرق بين المواطنين على أساس ألوانهم، فهذا الخطاب لايمكن أن يكون تعايشيا أبدا، وليس حلا لأية مشكلة، بل هو مما يقذفه شيطان الفتنة في قلوب عباده، ليستغلهم لأغراضه الخسيسة.
5 – إنذار وتحذير الدبلوماسيين الأجانب من استقبال أو دعم أية جهة إرهابية مخربة، تضر بالأمن العام.
7 – محاكمة مثيري الفتنة الذين زعزعوا السلم العام وأضروا بالأملاك الخاصة، وعدم التهاون معهم ليرى من تسول له نفسه العبث بالسكينة أنه سيذوق وبال أمره ما إن يتحرك عكس اتجاه المجتمع.
6 – محاكمة بيرام وأتباعه محاكمة عادلة تضمن لهم حقوقهم لكن تلزمهم بالحق العام الذي يلزمهم به الدستور فالسعي لزعزعة الأمن العام من أطراف حركته ومن تبعهم بسوء – كمدعي العمل الصحفي الذي رمى الوزير بنعله – هو جريمة في حق جميع سكان هذا الوطن، لايمكن أن تعتبر أمرا عاديا يمارسه الفرد كأنها حق مدني، وإلا لجاز لنا أن نحرق الإطارات ونكسر السيارات متى شئنا ومتى ما رأينا أن الدولة أخطأت في حقنا.
8 – عدم التعويل على المعارضة كشريك ناضج في دولة مدنية، فبيانات حزبي تواصل وتقدم وإحجام الأحزاب الأخرى عن إدانة العنف، هي مواقف انتهازية غير ناضجة، فحين يعتدى على هيبة الدولة سيتضرر الجميع ولن يستفيد إلا غير الموريتانيين أو المخربين الذين لم يكن لهم وزن في المجتمع. أما جميع المناضليين السلميين في جميع القضايا سياسية كانت أو مدنية لايمكن أن يناضلوا أو يطالبوا بحقوق إلا في دولة لها هيبة، أما حين تمرغ هيبة الدولة وتهان فسوف يفتح باب الاقتصاص للأفراد وحينئذ لايكون للخطاب المدني ولا السياسي معنى.
9 – الاستعداد التام لحفظ النظام وعدم التهاون مع أية مطالب شعبية، ورفع الظلم عن المظلومين لأن العدالة وحدها هي صمام أمان المجتمع، ثم الاستعداد لمبدإ المحاسبة لجميع المسؤولين المقصرين، ابتداء من وكيل الشرطة إلى الوزير إلى الرئيس شخصيا، فالمرحلة لاتقبل أنصاف الحلول، فعلى من قدم حلا وثبت فشله، أن يستعد للانسحاب من المشهد، وأن يكون النظام على استعداد لاستبدال حكومته بل أن يستعد الرئيس نفسه لمغادرة السلطة متى ماتعين ذلك، لحفظ النظام وحفظ هيبة الدولة التي يعيش الجميع في ظل أمنها الوارف.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button