مقالات

– خاطرة على خاطرة

بقلم : مصطفي عبيد

مثلك تماما كنت، ساذجا أصدق كل ما يقوله الجالس هناك ، ولم أصدق يوما أني ساذج ، مثل كل أو معظم شعبنا الذي يصدق ويصفق ويطبل لكل من يجلس على كرسي الرئاسة.

سيدتي :

مثلي ومثلك ومثل الشعب الموريتاني لا تجنبه الشهادات ولا مستوي التعليم في أن يتجنب تلك السذاجة المفرطة والمتكررة والمزمنة. لسبب بسيط هو أن العلم لدينا منفصل عن العمل، ولأننا في مؤسساتنا العلمية العصرية منها والتقليدية نتعلم ليس لذات العلم وإنما لأجل العمل، لذالك ظلت القطيعة قائمة بين المستوي التعليمي والمستوي العملي .ولذالك دائما ما أقول : إن الأزمة لدينا ليست أزمة حكم بقدر ما هي أزمة مجتمع وقيم ،

سيدتي سارة….

ليتك فعلا لم تكوني كذالك وليتني لم أكن كذالك وليت الشعب الموريتاني لم يكن كما هو لكن المهم هنا ليس ما كنا ،ولكن ما يجب أن نكون عليه. و تتصرف وفق ذالك , لكن من منا كان كما يجب أن يكون . طبعا لا أحد، فا لدولة نخرها الفساد حتى النخاع وما بين انقلاب وانقلاب حق المواطن والوطن ضاع .

فمحاربة الفساد في موريتانيا يحتاج إلى رجل دولة حقيقي و قوي إن لم أقل إنه يحتاج إلى رجال مؤمنين بالدولة ومؤسساتها وقيمها ومستعدين للتضحية لأجلها لأن كل الموريتانيين سيحاربونهم فما من بيت يخلو من مفسد وفاسد, ومحاربة الفساد في طرف واحد هو الطرف المعارض والنقيض لوجود العسكر يفرغ القضية من محتواها ويجعلها مجرد حق أريد به باطل .

سيدتي العزيزة

أتعرفين أني لم أبرح هذا الوطن يوما بل كانت جولاتي كلها داخله في آدوابه ولكصيرات و القرى والأرياف والبوادي والحواضر ولم أشاهد بؤسا يمشي علي رجلين ويتجلي في صورة إنسان كما شاهدت هنالك .

تصوري يا سيدتي أنه في مقاطعة مثل مقاطعة باركيول وللأمانة لست من أهلها لا يوجد شارع واحد معبد ولا توجد كهرباء ولا سوق مركزية تلبي للمواطنين احتياجاتهم الشرائية . وفي موسم الأمطار تزداد هذه المقاطعة والقرى التابعة لها عزلة أكثر فأكثر بشكل لا يتصور .

تصوري أنه في آدوابه كثيرا ما تسقط منازل على رؤوس أصحابها دون أن تتدخل الدولة أو تأخذ علما إلا إذا كانت الكارثة تكسر جدار الصمت في حين أن الكارثة كانت عندنا دائما تكمن في الصمت. ولا أحد يلقي باللائمة على أحد

سيدتي قد تستغربين إن قلت أني لم أصوت في الانتخابات للرئيس المخلوع بل صوت للسيد أحمد ولد داداه ولم أكن مقتنعا ببرنامج أحمد ولد داداه وإنما كانت لدي قناعة بأن من أتي بسيدي هو من سيتحكم ويحكم ،

واليوم وقد حدث ما حدث لم أغضب لرحيل سيدي بقدر ما غضبت لرحيل سمعة دولية اكتسبتها موريتانيا في أعقاب المرحلة الانتقالية ،وللصراحة لم أفرح أيضا بقدوم العسكر /

قد أتفق معك سيدتي أن المطالبة بالحصار على شعب محاصر أصلا بالفقر ولجهل والمرض والفساد والجريمة لعب بالنار وهو سلاح ذوحدين قد يرتد على أصحابه بعكس مايرجي منه . لكن الحصار دعي إليه العسكريون قبل الجبهة حين وقعوا على التزامهم باحترام الديمقراطية في اتفاقية كوتونوا.

وليس صحيحا سيدتي :

أن طريقة الإصلاح المتوفرة لنا كلما تأزمت الأمور تتمثل في الانقلابات، بل هذه هي أسهل الطرق للفساد وأكثرها ضررا علي التنمية .

سيدتي العزيزة،

عند الآخر لا ينزل السياسيون إلي مستوي الواقع المعيشي لمواطنيهم إلا في موسم الانتخابات ، وفي بلادي وحدها ينزل السياسيون في رحلتي الشتاء والصيف مرتين في الانتخابات وفي الانقلابات لطلب دعم مواطنيهم .ولعل هذه الميزة الوحيدة للانقلابات في موريتانيا .

سيدتي : ما كان ضر لو تريثت قليلا ولم تتعجلي في دعمك للجنرال ولرفاقه ،فليتك لم تسمعيه دعوتك له بالبقاء وليتك انتظرت حتى يكشف عن نواياه لقد ذكرني موقفك هذا بموقف أحد الزعماء السياسيين في مهرجان تيرس الزمور 2003 حين طالب ولد الطائع بالترشح وإلا فإنهم سيقاضونه أمام المحاكم .

سيدتي

ربما ليس دعمك للجنرال سذاجة بل كرها في طريقة إدارة الرئيس السابق لمؤسسات الدولة ، فتريثي قليلا وانتظري مع المنتظرين فقد كانت لدينا ديمقراطية وليدة لم تبلغ الفطام بعد، وهي اليوم عاجزة عن الحبو نريد الحفاظ عليها ومساعدتها للوقوف على رجليها.

وربما يكمن سر دعمك للإنقلاب في إشعاع الأمل الذي تمتلئ به حروفك وجملك ، لكنه قد يكون أملا من سراب ، أمل خداع والتجربة مع العسكر ليست في عمومها مشجعة عليه

وأخيرا أرجوك تريثي ، وتأني ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة.

Tafa71@yahoo.fr

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button