– لو غيركم قالها…
بقلم : عبد القادر ولد صيام
منذ أيام و إعلامنا الرسمي ينقل تقارير و مداخلات لمن يوصوفون بأنهم “أصحاب مبادرات” داعمة للمجلس العسكري و “ناشطون في المجتمع المدني” يطالبون برفض إطلاق سراح الرئيس الشرعي : سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله , بل و محاكمته و محاكمة نظامه!!.
و قد تابعتُ نشرات التلفزة مساء الأحد و الإثنين 21/22 دجمبر , حيث بثت التلفزة في اليوم الأول تقريرا من مقاطعة تيارت , تحدّث فيه المحامي : محمد يسلم ولد محمد الأمين ( ولد النهاه ) العمدة الأسبق لمدينة كيفة ( 1998/2002-2002/2006 ) و قد تحدّث باعتباره إطارا من المقاطعة ( تيارت) التي لا ينتمي إليها , و لا يسكن فيها , و إنما جاءها لكي يعبر عن طلبه ب”محاكمة الرئيس السابق و حكومته”, ناسيا أنه – و هو المحامي الذي طال عهده بالمحاماة و تم دمجه ضمن “قانون محفوظ” كقاض بدون مسابقة!- يتحدث عن قضية حقوقية يلبسها لباسا سياسيا من أجل أهداف شخصية و في ظروف أقل ما يقال عنها أنها بعيدة عن أجواء إحقاق الحق و السعي للعدالة المجردة.
و في اليوم الموالي ( الإثنين 22 ) بثت التلفزة تقارير من تفرغ زينه تحدثت فيها عمدة البلدية و المكلفة بمهمة في الوزارة الأولى السيدة: فاطمة منت عبد المالك طالبت فيها بمحاكمة “الرئيس الأسبق” و حكومته على ما قاموا به من” جرائم “, كما تحدث بعدها السيد : محمد الأمين ولد يوسف رئيس اتحادية كرة القدم الأسبق , و الذي طالب بمحاكمة “الرئيس السابق” و رفض إطلاق سراحه, و هو أمر كررته الوزيرة السابقة : البطريقة منت كابر و أول “والية” في عهد ول الشيخ عبد الله السيدة : لمينة منت امّمّ!!
كما بث التلفزيون تقارير من كنكوصة و الطينطان , تحدّث فيها بعض المتدخلين , ممن بالغوا في مدح رئيس المجلس الإنقلابي و كيل التهم للرئيس “السابق” مطالبين برفض إطلاق سراحه , بل و محاكمته على “الجرائم” التي ارتكبها .
لقد نسي هؤلاء أن حديثهم يأتي في غير محلّه, فلا يوجد قضاء مستقل , و لا توجد عدالة في البلد, و الدستور معطل , و رئيس الجمهورية الشرعي مسجون و مطاح به , و كلامهم هذا إنما هو ترديد لكلام الإنقلابيين ,حيث قال رئيس المجلس العسكري و أمينه العام أكثر من مرة بأنهم لا يريدون إطلاق سراح الرئيس الموريتاني لأنهم “يخافون عليه من الشعب” , و هو “تحريض واضح” و كذبٌ بـَيـّن , و لمـّا التزم العسكر للأوروبيين و الأفارقة برفع الإقامة الجبرية عن الرئيس الشرعي قبل ال22 من دجمبر و أرادوا الوفاء بذلك –دون تمكينه من العودة لممارسة مهامه الدستورية-أرادوا أن يتراجعوا عن ذلك و حرّكوا بعض “الببغاوات” من الذين “يكذبون الكذبة تبلغ الآفاق ” و لا يبالون بما يقولون و لا يسعون إلا للحصول على منافع و مكاسب شخصية من أجل استخدام كلامهم كذريعة للضغط عليه و ابتزازه و إهانته و تشتيت جهود المناوئين للإنقلاب..
و كان من أغرب الدعاوى ما طالب به البعض من محاكمة الرئيس السابق بتهم قتل الطفل / الطالب: “شيخنا ولد الطالب النافع” في كنكوصة –رحمه الله- , و هي قضية حكمت فيها محكمة الإستئناف في كيفة –قبل أسابيع-بإلزام وزارة الداخلية بدفع دية المرحوم إلى أهله , و الحكم بالسجن سنة مع وقف التنفيذ على الحرسي المتهم بإطلاق النار عليه. , مع أن المنطق يقتضي تتبع “السلم الإداري” في الإتهام مرورا بقادة الكتائب و الإدارتين المحلية و الإقليمية ثم الإدارات المركزية و الوزارات , و لن يسلم بعض قادة المجلس العسكري و لا حكومته حينئذ من تهم تتعلق بالملف !!.
لكن المستغرب في كل ذلك هو كون غالبية هؤلاء المطالبين بمحاكمة الرئيس الشرعي دعمت برنامجه الإنتخابي و تمتّعت بتعيينات في حكومته , و ظلّت تؤازره إلى أن قـرّر العسكر سحب دعم “كتيبة البرلمان” لحكومتيه الأخيرتين , كما فات هؤلاء الظلم و الإجحاف الذي يعم مشارق الوطن و مغاربه دون أن يحظى المظلومون بشئ من “عدالتهم” و “نشاطهم” و حرصهم على العدالة و الأمن و الإستقرار, كما لم يذق الشعب يوما طعما لعدالتهم و هم من شغلوا مناصب تمس واقعه اليومي ( عمد, ولات, وزراء ..)!! فليتهم يستحون أو يسكتون!
إن هؤلاء المطالبين بمحاكمة الرئيس الشرعي هم من المعروفين بأنهم من السائرين في فلك الأنظمة المتعاقبة , و من من يسعون إلى مجارات الحاكم في كل ظلم و عدوان حتى ولو كذبوا و نافقوا و تجاوزوا كل حدود ولباقة في التعاطي مع الشأن العام , و نقول لهؤلاء بأن الناس تعرفهم و لا تصدق كلامهم , و لو لم تكن نصرة الحق و الدفاع عن المظلومين واجبا لما أعرنا لكلامهم بالا, و لكن نصرة المظلومين و الدفاع عن المستضعفين واجب لا يمكن التنازل عنه , حتى لو لم يستطع هؤلاء الحديث عن “مساءلة” أو محاكمة من عطّل الدستور و سجن الناس و ظلمهم و قرّب مناصريه على حساب معارضيه و الرافضين لظلمه.
و أخيرا فإننا نعتبر دعواهم هذه كتهديد الذين طالبوا بمحاكمة الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع إن هو “لم يترشح للرئاسة” ,كما نراها وسيلة لصرف أنظار الناس عن الإنقلاب و التركيز على قضايا جانبية تـُلهي الناس عن رفضه و تحدّي الظلم و عدم المشروعية المترتبة عنه , و قديما قال البيظان :”إلعاد المتكلم مجنون ..” بحب السلطة و المال و الجاه فإنه يجب على المستمع أن لا يصدق كل ما يسمع و لا نصف ما يرى , و ليقل للمتقولين و المتشدقين بالعدالة :”لو غيركم قالها”.!!!