مقالات

حتى لا يبعث الحمارمرة أخرى / عبد الله ولد بونا


في عام 1999 كان الحصاد المرير لعقد ونصق من عمل الموساد الذي استهدف الحقل الموريتاني عقد ونصف بعثر فيها الصهاينة بذورا غير مقدسة علها تثمر علاقات دبلوماسية مع هذا البلد العربي الإفريقي المسلم ضمن خطة استهداف مبرمج لإفريقيا عموما وللشمال العربي الإفريقي على وجه الخصوص،ولم يجد الكيان الصهيوني صعوبة كبيرة في اختراق الحلقات السياسية والعرقية الموريتانية الهشة،ووجد الصهاينة أنفسهم في نفس الخندق مع حليف موريتاني يتخذ من الليبرالية عقيدة ومن القضية الزنجية عكازا ،ولم تكن حركة افلام بجناحها المتطرف وحدها من تلقفته خلايا الموساد بل كان لبعض القيادات الحزبية ذات الجذور العروبية دورا في اذكاء أوار الفتنة العرقية مانحة بذلك الصهاينة بطاقة لعب لها مفعولها لدى جماعات االضغط في أروبا وواشنطن، وهكذا بدأت الضغوط على انواكشوط تتخذ أشكالا علنية وسرية دبلوماسية وأمنية مزعجة،، من ملاحقة بعض ضباط الجيش الموريتاني في باريس بتهمة ملف التعذيب إلى مضايقة رأس النظام آنذاك في باريس ،تلك المضايقة التي تمخضت عنها الأزمة المشهورة بين باريس وانواكشوط،وطرد الفرنسيين وفرض التأشيرة عليهم. والأخطر من ذلك هو إقحام دولتي مالي والسنغال في عملية الضغط على انواكشوط فقد أخلت داكار وباماكو بمقابل منطقة حدودية مشتركة بينهما على ناصية الحدود الجنوبية الشرقية لموريتانيا أخلتا تلك المنطقة المسماة ” بمثلث كاديرا” لصالح تواجد مسلح ومعسكرات تدريب ليتشكل الجناح العسكري لحرطة افلام على أن يحصل على السلاح والتدريب من الكيان الصهيوني ومن فرنسا وواشنطن سرا. وجاءت ساعة الذروة حين تلقى الرئيس الأسبق معاوية اتصالا من عاصمة خليجية فحواه أن هناك باخرة ترفع العلم الكندي تحركت من ميناء “ما” على متنها شحنة أسلحة صهيونية متوجهة إلى داكار وأن هناك احتمالا خطيرا بتعرض موريتانيا لهجمات حرب عصابات على غرار ماشهدناه لا حقا في دارفور!!! وكانت حسابات انواكشوط السياسية وما تتلقاه من ضغوط ومن طلبات ترى في قبول تبادل السفارات مع العدو الصهيوني ورقة سياسية رابحة من شأنها تخفيف الضغط عن انواكشوط وسحب البساط من تحت “أرجل” التيار الليبرالي الفرانكفوني المتمثل في تطرف افلام والحركات الأصغر الرديفة لها التي بدأت تنسج علاقات في الغرب قد تتطور لماهو أخطر. لكن حسابات انواكشوط أثبتت خطأها، فالمقابل جاء غثا في منح موريتانيا عضوية مراقب في الهيئات المتوسطية ولم تتقدم واشنطن كثيرا في مجال دعم انواكشوط اقتصاديا وعسكريا،بل أنها تركت ولد الطائع لمصيره بتقلب ملفت للمزاج السياسي الآمريكي بين اول يوم انقلاب حين تمسكت بشرعيته وثاني يوم حين قبلت بالرأي الفرنسي في القصة،فرنسا التي أسعدها سقوط حليف تاريخي لها جاءت به 84 وتمرد عليها أكثر من مرة . ولم يكن التوقيع الاحتفالي على تبادل السفراء كافيا لحسم الساحة الداخلية الموريتانية الرافضة لأي علائق مع الصهاينة،فقد كانت قضية البحث عن مقر للسفارة المبغوضة قضية تستحق التوقف عندها إذ رفض كثير من ملاك العقار الراقي في انواكشوط ومن بينهم نسوة رفضوا تأجير عقاراتهم مهما كان الثمن لسفارة العدو إلى ان منح رجل أعمال موريتاني بأمر من أخيه المتنفذ في الأمن ماعرف لاحقا بمقر السفارة” الاسرائيلية” في انواكشوط. سفارة لم تمارس يوما صلاحيتها بالكامل ولم تنجح في اختراق المجتمع الموريتاني بكل أطيافه. الأمر الوحيد الذي لفت انتباه جيرانها هو اقتناء سيدة صهيونية لحيوان أليف مختلف عما تعودوه لدى الغربيين، فالسيدة تقتني حمارا توليه أقصى رعاية ممكنة من حمام دافئ وتلميع للشعر وتدليك لأطرافه،وأصبحت صاحبة الحمار مشهورة لدى شاعلات السوق النسائي المجاور (بأم اقفيفة) الجديد في الأمر أن سفارة العدو الصهيوني تلقت أمرا بالإخلاء في 48 ساعة،، ولاشك أن الحمار ستحجز له تذكرة درجة أولى للعودة إلى رفاقه من حمير تلابيب،أما نحن في انواكشوط فعلينا أن نعلن قناعتنا بعدم جدوى أو أهمية أو إمكانية عودة هذا النوع من العلاقات مع القتلة والمغتصبين والمزيفين للتاريخ الانساني والعربي الإسلامي في فلسطين دون الحاجة لبرهان خارق يدفعنا للايمان بذلك كبعث الحمار من جديد كما حدث مع عزير عليه السلام.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button