مقالات

إسلاميي موريتانيا وانقلاب6 أغشت 2008.

الكاتب الداهية ولد محمدفال باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية فاس المغرب

أثبت إسلاميوا موريتانيا ممثلين في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” أنهم أوفياء لمنطلقاتهم لا يقبلون التفريط فيها. ومتمسكون بثوابتهم ومبادئهم لا يساومون ولا يداهنون عليها.

وأنهم أهل للمصداقية، وجديرون بها بلا منافس حين حمى الوطيس وبلغت القلوب الحناجر بعد انقلاب 6 أغشت 2008 على الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عد الله. في الوقت الذي تنكر للشرعية كثيرون وانزوى كثيرون وارتد وارتكس كثيرون. ونافق وتملق عديدون وبقى إسلاميو موريتانيا صامدون وبالشرعية متمسكون وفي سبيل استعادتها منافحون وعن كرامة الأمة ذائدون وعن سمعة الوطن مكافحون لم تزحزحهم إغراءات العسكر ولم يستهويهم بريق السلطة والجاه.

ولم يخفهم ترهيب سدنة النظام العسكري ولم يخشوا بطشه وطغيانه. لأن التمسك بالمبادئ هو رأس مالهم والضمائر الحية أساس ثباتهم. تواصل من المشاركة إلى المؤازرة.

عندما اتخذ تواصل قراره الذي وصف وقتها بالجرأة والحكمة والحنكة بالمشاركة المحدودة في حكومة تضم بعض رموز الفساد السابقين. لم يغب عن الإخوة في تواصل أن المشاركة في حكومة كهذه سيكون له ثمن وأنها ستثير ردود فعل من المتعاطفين، متحفظين على التعاطي مع حكومة مطبعة ومتوجسين من الاحتكاك برموز الفساد الذين خربوا البلاد وخدعوا العباد.

كما أنها ستكون مطية يركبها الحاقدون والحاسدون للتشهير بالإخوة للتقليل من رونق المصداقية وجاذبية الخطاب التي هي رأس مالهم ولا تخلوا من المجازفة بالنسبة لحزب ما زال حديث النشأة ويسعى للاتساع والانتشار.

إلا أن التواصليين أدركوا مدى أهمية المشاركة وما ستحققه من مكتسبات استراتيجية للحزب لا يمكن تضييعها من أجل المحافظة على الصورة الزاهية لمناضلي الحزب، لأن الأهمية تكمن في الكسب لا في عبادة الصورة الزاهية.

ولأن فلسفة الاكتساب والاستعاب أفضل من فكر المجانبة والمفاصلة. إلا أن الخطأ الوحيد الذي وقع فيه الإخوة في تواصل، هو ضعف التشخيص للنظام الذي أرادوا مشاركته في تدبير الشأن العام، فهم ظنوا انه نظام متماسك ومتلاحم وبالتالي يمكنهم العمل في ظله و تقديم خدمات للمواطن بأسلوب إسلامي متميز وبنكهة تواصلية خاصة إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن فالنظام لم يكن متماسكا، بل كان متمايزا ومتباينا إلى حد التناقض بين رئيس يملك إرادة حرة وصادقة في الإصلاح يؤطرها رصيد من القيم والأخلاق والوازع الديني والاستقامة ونزوات العسكريين الذين ألفوا الفساد والاستبداد وأدمنوا الظلم والطغيان، مستخدمين ميليشيات برلمانية تفننت في إثارة البلابل والقلاقل، متشدقة بأنها تمثل الشعب وتسهر على خدمة مصالحه، والشعب يعرفهم ويعرفونه فأبدعت هذه الكتيبة البرلمانية في استهلاك المصطلحات، كحجب الثقة عن الحكومة وإرادة التدقيق في مداخيل عقيلة الرئيس وكل هذه البهرجة الإعلامية إنما هي رتوش تجميلة للتمهيد للإطاحة بالرئيس المنتخب.
لكن الرئيس سد الباب أمام حجب الثقة وأقال الحكومة، بضغط من الميليشيات البرلمانية التي يحركها العسكر.
لكن تواصل أبانوا على أنهم أصحاب مبادئ حقيقيون.

بعد أن تأكدوا من هشاشة الرئيس وضعفه وأنه لا يملك للإصلاح إلا الإرادة وحدها والتمني والتمني لا يصدق إلا حيث يستحيل.
وأنه لا يملك القوة اللازمة لتنفيذ برنامجه والحق إن لم تلازمه القوة يكون فلسفة مآلها الانكسار والانهزام، فكان موقف إسلاميي موريتانيا من الرئيس الذي دعموه، متسما بالمسؤولية والمصداقية والأخلاقية فعبروا بشكل صريح أنهم لن يتخلوا عن مؤازرة الرئيس لأنهم ليسوا من الذين يتركون حليفهم عندما يكون ضعيفا وأن مساندتهم لا تختلف عن معارضتهم، إن كانوا مساندين فستكون مساندة نقدية وإن كانوا معارضين فستكون معارضة نا صحة تقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت.

الإسلاميون والتمسك بالشرعية بعد الانقلاب.

من المعلوم أن الرئيس الموريتاني المنتخب في انتخابات حرة ونزيهة شهد لها العالم بالشفافية. قد انقلب عليه العسكر 6 غشت 2008 في مشهد رهيب ومهين بحبرة قلم وبضع طلقات طائشة بددت كل مكتسبات الشعوب الموريتاني التي طالما فاخر بها العالم.

والرئيس لم يتجاوز صلاحياته الدستورية، إنما استخدم ما يكفله له الدستور الموريتاني وهو حقه في اختيار معاونيه العسكريين والمدنين، فوقع مرسوما بإقالة الجنرالات واستبدالهم بآخرين إلا أن رعونة الجنرال أقوى من إرادة الرئيس المسكين.
فقام الجنرال باعتقال الرئيس المسكين وأعلن عن اغتصابه للشرعية ضاربا آمال الموريتانيين والأمة عرض الحائط للتذكير فإن الجنرال ولد عبد العزيز هو من نفذ الانقلاب بمفرده ولحسابه الخاص وذلك كان جليا في ارتجالية البيان رقم 1 الذي أعلن فيه عن بطلان قرارات الرئيس إقالة الجنرالات وأما الآخرين من أعضاء ما يسمى بمجلس الدولة، إنما استكتبهم الجنرال بعد إمضاء الانقلاب.

وبعد اغتصاب الجنرال للشرعية الدستورية وعزله للرئيس المنتخب هلل له وطبل وزمر جمهور من الذين احترفوا التملق والنفاق والشقاق والمحاق وأيدته وباركته بصفة غير محتشمة أحزاب ما يعرف بالمعارضة التقليدية. ورفضه الإسلاميون وأدانوه بشكل واضح وصريح وأعربوا بشكل لا لبس فيه عن عدم شرعية الانقلاب ودعوا للتعقل وتحكيم المنطق والحكمة، وإعادة الحق إلى صاحبه ممثلا في الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله. وللتنبيه فالإسلاميون في موريتانيا لا يدافعون عن الرئيس حبا في الرجل ولا تقديسا لذاته.

وإنما وفاء منهم لمبادئهم واحتراما لإرادة ومشاعر الشعب الذي مل الطغيان والدكتاتورية والاستبداد والجمود، ويتوق إلى الحرية والانعتاق فهل سينتصر من نصر الحق؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button