زيارة ولد عبد العزيز إلى آفطوط كشفت صعوبة وصوله إلى السلطة فى الإنتخابات
طبقا لما هو مقرر تنتهي اليوم زيارة الجنرال محمد ولد عبد العزيز لأكثر المناطق الموريتانية فقرا وعزلة ، حيث أمضي أربعة أيام يتنقل من هذه المدينة إلى تلك القرية ، فى كل مرة يخطب هنا وهناك ، لايقطع هجومه على الفساد والمفسدين إلاسيل الوعود التى كان وفى أغلب الأحيان عادلا فى توزيعها !.
ولد عبد العزيز الذى قاد انقلاب السادس من أغشت 2008 الذى أطاح بأول نظام تم انتخابه بصورة ديمقراطية فى موريتانيا، بدا فى جميع الخطابات التى القاها أثناء جولته الأخيرة حريصا على تقديم الصورة النموذجية ل””الجمهورية الفاضلة” التى يبشر المجلس الأعلى للدولة ، اقامتها فى موريتانيا ، جمهورية قيادتها تشرف وتفتش وتراقب بنزاهة وإخلاص كل مقدرات البلد وتوزعها بأمانة وعدل على جميع المواطنين ، لاتراعي فى ذلك جهة عن جهة ولا جنسا عن جنس والكل أمام باب عدالتها سواء !.
يرى بعض المحللين أن جمهورية ولد عبد العزيز الفاضلة التى بشر بها فى خطابات “آفطوط” تواجهها أكثر من عائق فبغض النظر عن ما ترقي إليه من مثالية مفرطة لا تنطلق من أرض الواقع فى نظر البعض ، فإن المباشرة حتى فى طبيق مراحلها الأولى ولو تجريبيا كذلك تستدعي مايلي :
– وجود فريق سياسي يحمل نفس الأفكار التى يروج لها ولد عبد العزيز وله نفس القناعة والإيمان وهو مالن يكون فى غياب عقيدة ايديولوجية مشتركة ، أو وجود تناسق وانسجام بين عناصر الفريق الواحد ، يكون الولاء للأفكار أكثر من الولاء لصاحبها حتى يكون هناك نصح صريح وجريء ، وهو ما لايري الكثير من المحللين أن حكومة الجنرال الحالية لها بعض صفات ذلك الفريق .
– الوضع الإقتصادي الصعب وانعكاسات الأزمة المالية العالمية ، الذي زاد من تفاقمه إلى حدما فى موريتانيا انقلاب السادس من أغشت ، عندما قررت أغلب الهيئات المانحة تعليق نشاطاتها فى موريتانيا حتى تعود الشرعية الدستورية ، مايجعل أي مشروعات تنموية جديدة صعبة التنفيذ .
– حصول قائد المشروع(عزيز) على تزكية غالبية الشعب الموريتاني له فى الإنتخابات القادمة ، وهو ما يراه اولئك المحللون صعب التحقيق لثلاثة أسباب :
1- إن الإنتخابات فى موريتانيا لم تعد تجري كما كانت فى التسعينات من القرن الماضي فى عهد ولد الطايع حيث بامكان الحكومة ان تتلاعب بالنتائج كما تريد ، لقد استفاد الموريتانيون كثيرا من المدرسة الإنتخابية وحصل لدا الجميع وعي ضمني يستحيل معه تقبلهم أو مشاركتهم فى أي شكل من أشكال التزوير الصارخ .
2- تخلى ولد عبد العزيز عن مراكز التحكم التقليدية فى البلاد من خلال إقدامه على سجن شخصيات ذات وزن قبلي واجتماعي فاعل ومؤثر فى أية انتخابات تجري فى المستقبل المنظور ، تلى ذلك فصل العديد من الشخصيات ذات الوزن الثقيل فى مناطق الجنوب والتى لا زال الإطار القبلي والجهوي يلعب دورا رئيسا فى ترجيح كفة هذا الطرف أو ذاك ، وتعويضهم بشخصيات اورستقراطية قد لا يكون لهم حضور يذكر فى الإنتخابات .
3- وجود تكتل سياسي قوي معارض لانقلاب السادس من أغشت يضم إلى جانب الإسلاميين الذين ظهروا كقوة ناخبة متميزة فى الإنتخابات البلدية والبرلمانية الأخيرة ، حزب التحالف الذي يتزعمه ولد بولخير الذي لولا أصوات ناخبيه ماوصل ولد الشيخ عبد الله إلى السلطة رغم دعم العسكريين له أنذاك ، وإذا قرر ت الجبهة بهذه القوة التخلي عن مقاطعة الإنتخابات نتيجة اتفاق سياسي لنزع فتيل الأزمة السياسية أو وفق خطة استراتيجية تقوم على التكتيك ، دعم زعيم المعارضة السابق السيد أحمد ولد داداه وهو ما أصبح راجحا بعد الإقتراب الحاصل بين الطرفين مؤخرا ، فإن ولد عبد العزيز فى إطار محيطه السياسي الحالي يبقي مكشوفا ومسألة فوزه فى الإنتخابات تبقي شبه مستحيلة ، ومسألة فرض نجاحه بالقوة تعنى إعلان حرب أهلية لا أحد يستطيع التحكم فى نتائجها ، التجربة الكينية غير بعيدة .
وفى سياق التحليل السابق يرى بعض المتابعين للشأن السياسي الموريتاني أن تركيز ولد عبد العزيز على الديماغوجيا السياسية من خلال تهجمه الدائم على خصومه السياسيين ونعتهم بالمفسدين ، واعتقاد أنصاره أن من معه السلطة و”المخزن” حتما سيفوز فى الإنتخابات ، هو أخطر ما سيوقع بالجنرال وجماعته ، وحسب اولئك فإن المعادلات والتوازنات لايمكن لأي خطاب مهما كان حماس المتلقين له ان يؤثر فى نفوذها وتحكمها .



