مقالات

شكرا للنفر الثلاثة ! elvadel@forislam.com

بقلم : محمد الأمين ولد الفاظل

مرة أخري أجدني أمام سلسلة من المقالات المنشورة في بعض المواقع والصحف الوطنية والتي جمعت من عبارات السب والشتم والذم والقدح شيئا كثيرا ، لدرجة أنه لو سحبت كل الكلمات البذيئة من أي واحد من هذه المقالات لتحول ـ تقريبا ـ إلي صفحة بيضاء ، مقالات خلت من أي فكرة جادة تستحق أن تقارع بفكرة جادة ، مقالات لم تحترم عقل القارئ ولم تقدم له شيئا مفيدا ، مقالات لا أدري كيف تجرأ أصحابها ونشروها بأسمائهم وصفاتهم المهنية .
وأنا لست هنا للرد علي هؤلاء لأني لا أريد أن أدخل في معركة غير متكافئة يملك فيها “خصمي ” من الأسلحة الطائشة والعبارات المبتذلة والأوصاف المسيئة ما لا أملك ربع عشره ولا خمس عشره ولا حتى سدس عشره.
كل ما في الأمر هو أني أردت من خلال هذا المقال أن أشكر الكتاب الثلاثة لأنهم أثاروا ثلاثة مواضيع تستحق مني ثلاثة إيضاحات أي بمعدل إيضاح لكل كاتب.
الإيضاح الأول أقدمه للكاتب سيدي محمد أبه الذي كتب مقالا تحت عنوان ” ولد الفاظل … أوجه في وجه ” والذي بدأه ببطاقة تعريفية أعدها عني وكان فيها أني أرأس مركزا ” وهميا ” للتنمية الذاتية .
والإيضاح الذي أريد أن أقدمه هنا هو أن هذا المركز ” الوهمي ” قد قدم حزمة من البرامج والإنجازات “الثورية” والتي يمكن أن أذكر منها :
ـ في مجال محاربة الفقر : قدم هذا المركز في إطار أنشطته للتثقيف الحرفي والمهني دورات مجانية ومتكاملة في محاربة الفقر تحت عنوان ” مشاريع من المنزل ” وشملت كل دورة :
1ـ تدريب ميداني لمدة شهر بمعدل ثلاث ساعات يوميا علي واحدة من تلك الحرف التي لم يزل يحتكرها الأجانب .
2ـ تكوين موازي علي تسيير المشاريع الصغيرة وفق أحدث البرامج التدريبية المعتمدة في البلد.
3 ـ تدريب علي أدوات بسيطة يمكن للمتدرب أن يوفرها بعد تخرجه وبأسعار زهيدة لأنه من أسباب فشل التكوين المهني في هذا البلد تكوين المتدرب علي آلات معقدة وباهظة الكلفة مما يقلل من أهمية ومردودية التكوين .
وفي هذا الإطار قدم المركز دورتين مجانيتين في صناعة الحلويات استفاد منها 30 رب وربة أسرة فقيرة تم اختيارهم بشكل شفاف ، دربهم كبير مصنعي الحلويات في واحد من أشهر فنادق العاصمة وعلي أفران صالحة للاستخدام التجاري الواسع ، ذات جودة عالية و مصنعة تقليديا ومتوفرة بأسعار زهيدة .
في مجال التعليم :
1ـ دورة مجانية في الفرنسية لصالح 15 حامل شهادة في الاقتصاد دامت ثلاثة أشهر .
2ـ تقديم دروس تقوية مجانية ولمدة سنة كاملة لصالح 200 فتاة مع تدريب ميداني علي العمل التطوعي والمدني بما في ذلك البرنامج الرائد المعروف بسلة الطالبات .
3ـ تقديم دورات مجانية في الإسعافات الأولية حيث تم ولأول مرة في موريتانيا تخريج عشرات المسعفات بشهادة ” منقذ أولي ” المعترف بها عالميا وهن الآن جاهزات لتقديم الإسعافات الأولية للمحتاجين وهذا مهم جدا خاصة في بلد كبلدنا له بنية صحية متواضعة جدا .
4ـ دورة نسائية مجانية في حفظ وتجويد القرآن دامت سنة كاملة .
5ـ دورة مجانية في التوعية الصحية لصالح 30 طالبة .
6 ـ محاضرة أسبوعية مفتوحة وعامة .
7ـ تصميم برامج لمحو الأمية (الكتاب المسموع ، التعلم أثناء العمل) .
8 ـ تقديم محاضرات ودورات في تطوير الذات حيث تم ولأول مرة في موريتانيا تقديم دورات مجانية في التنمية البشرية .
ومن المهم هنا القول بأن هذه الحزمة من البرامج الإبداعية قد تم تنفيذها بدون أي مساعدة لا خارجية ولا داخلية لا من سفارة ولا من إدارة حكومية ولا من حزب سياسي ولا حتى من رجل أعمال ، أقول هذا الكلام لأن الكثير ممن اطلع وبشكل مباشر علي أنشطة المركز الوهمي ـ حسب الكاتب طبعا ـ لا يصدق بأن هذا المركز هو ثمرة لمبادرة شخصية ، فبعضهم كان يقول بأن المركز يتبع لهيئة “خت “الخيرية والبعض الآخر كان يعتبره واحدا من المراكز التابعة للمؤسسة القطرية للتنمية الاجتماعية .
والحقيقة أن هذا المركز هو نتاج قرض قدره 1800000 أوقية لم تتكفل الدولة بتسديد ولا قسط واحد من أقساطه.
المؤلم حقا أن هذه الفكرة الرائدة والجريئة لم تتم تغطيتها من الإعلام الرسمي رغم اعتقادنا بأن ما كان يقدم داخل هذا المركز من دورات ومحاضرات كان يمكن أن يشكل مادة لبرامج رائدة قد تقلل من رتابة وبؤس إعلامنا الرسمي ، والمؤلم أكثر أن هذه الأنشطة تم تجاهلها من طرف الصحافة المستقلة خاصة من طرف الكاتب سيدي محمد أبه الذي كان يمر يوميا في طريقه اليومي قرب المركز ولمدة عام ونصف ومع ذلك لم يكلف نفسه بزيارة هذا المركز لمعرفة ما إن كان مركزا وهميا أو مركزا رائدا ومتميزا في مجاله .
لقد زار هذا المركز ” الوهمي ” مدير الشؤون الاجتماعية في المفوضية وأعد عنه تقريرا إيجابيا جدا وزاره مدير التكوين بالوكالة وأعد عنه تقريرا مماثلا وزارته مديرة الأسرة أيضا وأعدت عنه تقريرا لا يقل إيجابية وزارته العمدة المساعدة لبلدية عرفات وزاره غيرهم .
وهنا أقول للكاتب بأن المركز “الوهمي ” الذي هو فكرة موريتانية خالصة من حيث التصور والتنفيذ قد نجح في خطوته الأولي عندما قدم ميدانيا للوزارات المعنية فكرة رائدة وإبداعية لمحاربة الفقر والأمية في هذا البلد الذي تنتشر فيه الأمية والفقر .
ومع أن ردة الفعل الرسمية ـ رغم تلك التقارير ـ كانت سلبية بكاملهاإلا أن ذلك لن يمنعنا من مواصلة هذا الجهد الطموح رغم العثرات التي يواجهها الآن ورغم التحديات التي قد تواجهه في المستقبل .
أما الإيضاح الثاني فهو موجه للمدير الناشر ليومية البديل الثالث والذي نشر مقالا تحت عنوان “عن أي خط أحمر تتحدث يا ولد الفاظل؟ ” حطم فيه الرقم القياسي من حيث كم العبارات الوقحة المنشورة في مقال واحد .
كاتب هذا المقال قدم اكتشافا ” عبقريا ” مفاده أن رسائلي المفتوحة بلا فائدة لأنها عجزت عن تحسين المستوي المعيشي لكاتبها وهنا لا بد من تقديم الإيضاح الثاني .
بداية أقول للكاتب بأني لا أخجل من الاعتراف ـ علنا ـ بأني أناضل يوميا ـ مثلي مثل غالبية أبناء هذا الوطن ـ من أجل توفير وجبة طعام أو شربة ماء أو قرص دواء أو تذكرة باص .
كما أقول لهذا الكاتب بأني لا أكتب من أجل تحقيق مكاسب مادية شخصية لذلك فليطمئن تماما بأني لن أنافسه في التصفيق للسلاطين ولا في التسكع أمام السفارات ولا في ترغيب وترهيب كبار الموظفين ، ذلك طريق فيه زحمة كثيرة وهو طريق لن أسلكه حتى ولو عجزت ـ تماما ـ عن توفير قطعة من الخبز الحافي .
أما فيما يخص الرسائل المفتوحة فقد حققت ما يلي :
1ـ لقد كتبت هذه الرسائل من أجل أن أسمع أنين المستضعفين ـ كما هوـ لأعلي سلطة في هذا البلد وأعتقد أني ـ ولله الحمد ـ أسمعت شيئا من هذا الأنين لأربعة من رؤساء هذا البلد .
2 ـ لقد قدمت هذه الرسائل أسلوبا جديدا في كتابة الرسائل المفتوحة حيث شملت مواضيع لا تهم كاتبها بشكل مباشر عكس الرسائل المفتوحة التقليدية التي كانت تقتصر علي هم شخصي أو جماعي يتحدث عنه شخص أو جماعة في رسالة مفتوحة موجهة لسلطة عليا .
3ـ لقد تحدثت هذه الرسائل عن مواضيع خاصة بها ولقد استطاعت بمفردها أن تحقق بعض الإنجازات التي يمكن أن نقدم منها بعض الأمثلة ، وسأكتفي هنا بالمرحلة الانتقالية وببعض الرسائل التي كان الكاتب سيدي محمد أبه شاهدا عليها في فترة عمله بيومية ” السفير ” .
لقد نشرت في تلك الفترة رسائل مصورة كانت كل واحدة منها تقدم صورة لمركز صحي تم نهب تمويله منذ سنوات ولقد كانت نتيجة تلك الرسائل التي نشرت في العديد من الصحف الوطنية أن تدخل التعاون الألماني الممول لتلك المراكز كما تم استدعاء المقاول المكلف ببناء تلك المراكز من طرف رئيس المجلس العسكري الشيء الذي أدي في المحصلة النهائية إلي تشييد ستة عشر مركزا صحيا في قري متناثرة في الحوضين ولعصابة .
وفي نفس الفترة نشرت وزارة التوجيه الإسلامي ردا إيجابيا علي واحدة من رسائلي المفتوحة وفي يومية “السفير” نفسها تلتزم فيه ببناء مسجد في الوزارة بعد أن كنت قد استغربت في رسالة مفتوحة خلو الوزارة المكلفة بالمساجد من مسجد يصلي فيه عمالها .
أيضا استطاعت هذه الرسائل وبمفردها ومن خلال ندائها اليومي الذي منحته لها ” السفير ” ـ وشكرا للسفير ـ أن تجبر وزارة الصحة علي فتح مركز صحي في مدينة لعيون ظل مغلقا لسنوات ثلاث مما جعل بعض الأهالي يستخدمه لبيع الخضروات واللحوم !
ليعلم المدير الناشر للبديل بأني لا أكتب تلك الرسائل للغاية التي يكتب هو من أجلها ، وليعلم كذلك أني في المرة اليتيمة التي قابلت فيها الرئيس المخلوع لم أتحدث معه عن همومي الشخصية وإن كان يشرع لي ذلك بل حدثته عن موضوع بكر يهم الجميع ، وليعلم أخيرا بأني أجد سعادة كبيرة لا تقدر بمال كلما شاركت ـ ولو بكلمة ـ في التخفيف من هموم الآخرين .
أما الإيضاح الثالث فهو موجه للكاتب سيدي محمد ولد محفوظ الذي نشر مقالا تحت عنوان ” نكران الجميل ” يتهمني فيه بأني أنتمي لدوائر مشبوهة ويصنفني في مقاله لحزب معين كان يحج في الماضي إلي جهة معينة قبل أن يتنكر لها اليوم.
لن أبرئ نفسي من تهم يوزعها أصحابها ذات اليمين وذات الشمال ,بل علي العكس من ذلك فإني سأفترض جدلا بأني أنتمي لجهة سياسية ما وذلك لأطرح السؤال التالي : كيف نتصرف إذا تعارض ولاؤنا السياسي مع ولائنا الوطني ؟ من مصائب هذا الوطن أن الموريتاني يولد ناصريا أو بعثيا أو كادحا أو ثوريا أو إسلاميا أو إفريقيا ويموت قبل أن يكون موريتانيا ، لذلك فإنه تثور ثائرة الكثير من سكان هذا البلد عندما ينتقد مفكر أو مرشد أو أخ أو رفيق أو زعيم ولا تثور ثائرة أحدهم عندما يسخر ببلد بكامله وبملايينه الثلاثة .
وللحديث بقية ، وأشكر مرة أخري النفر الثلاثة .

محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز ” الخطوة الأولي ” للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
elvadel@forislam.com
www.autodev.org

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button