مقالات

يوم لم يرق …الخليل النحوي قطرة حبر.. بقلم : بوننا سيدي أعثيمين.

عندما تشعر بجيشان عواطف الشيوخ حيال الكلام عن الهم العام…وعندما تقرأ لهم مقالا تفوح منه رائحة الانحياز لأحلك فترات الانتهازية السياسية معتبرين إياها عصرا ذهبيا ونموذجا يحتذى … وعندما تجدهم يستحسنون مقيتا مقرفا ويصطادون كل مبرر متهالك لتسويقه وإضفاء لبوس خلقي عليه دون أدنى تردد أو تحفظ فكن على ثقة كبيرة بأن صلة الوصل قد تقطعت بين قديم تآكلت أسباب ومبررات وجوده وحديث واعد بغد مشرق يضرب بأركانه على أسس قوية مكينة متينة .

ولاشك أن شروطا موضوعية ترجح الخليل النحوي إلى التعالي على عواطفه التي نثرها مشتتة على صفحات العديد من المواقع الالكترونية في مقال تحت عنوان : “حتى لا يؤكل الثور الأسود…” مجنبا إياها المرور بناظم أو ضابط عقلي يؤمن لها نزرا ولو يسيرا من القبول لا يجوز أن يغيب على أمثال الخليل وأجناسه من الناس .

أنالا أريد ـــ وأعوذ بالله من أنا ــ أن أنبه الشيخ الخليل إلى ما فاته لبلوغه سن اليأس في ذ لك ،ولا أرمي لأن يراجع خطأ ارتكبه لإصراره على مرامي ومقاصد طرحه واحتفائه بمضامين مقاله الذي استهله بأن “للمشفقين أن يدقوا ناقوس الخطر، وهم يتملـّوْنَ المشاهد المصورة الحية للمعاملة الخشنة التي حُظي بها المنافحون عن الديمقراطية في محاولاتهم الأخيرة، ومحاولات سبقتها، للتعبير بغضب راشد وتصميم حليم، عن موقفهم مما يجري في وطنهم..”وهو يقصد بالمشفقين المنافحين عن الديمقراطية الشيوعيين الماويين المفسدين، والإسلامويين، والناصريين الجدد ، وجماعة رموز الفساد، والرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله، وكأنه يبيح غيبة هؤلاء بمنحهم ألقابا لم تدعيها مرجعياتهم لهم ولا تاريخهم السياسي مع فتح باب التساؤل عن متى أخذت هؤلاء رحمة أو شفقة بهذا الشعب ؟ ومتى كان من بينهم منافح عن الديمقراطية أو محتف بها ؟!

ثم أردف استهلاله بسلسلة من التساؤلات أتيحت له فرص كثيرة قبل اليوم لفض النزاع بين استنكارها واستفهامها وتعجبها فرغب عن ذلك وضرب عنه صفحا رغم أنها تساؤلات عاشت في كنف سلطات الأمر الواقع منذ ولد الخليل وحتى وضب الشيب عذاره وعاشت في ضيافتها أيام كان هو من يفترض أن يشير على سيدي ولد الشيخ عبد الله بالاعتذار إلى الشعب الموريتاني الذي خرج أطفالا وشيوخا ونساء في مسيرة منددة بالجوع والعطش وارتفاع الأسعار ليواجه بالذخيرة الحية رصاصا تلقفته صدور عارية كان الأجدر أن تنعم بمجرد الوعود بأبسط حقوقها ،والأغرب إن الخليل يهول ويطنب ويسهب في وصفه لدخان وغبار مسيلات الدموع التي أطلقت على شرذمة لم تحترم قوانين البلد حين توعدت أن تثير البلبلة والشغب والرعب في صفوف المواطنين الآمنين الناعمين بخفض الأسعار وتشييد المستشفيات والطرق وتوفير المياه وعودة الأمل بغد أفضل،وصف الخليل عمامة مسعود وعارضة جميل منصور والكمامات المبللة بالمياه ،لكنه لم يرق قطرة حبر حين كان مستشارا في وصف دماء ذلك الطفل الذي سقط غدر الرصاص مضمخا بدمائه بعد أن بات على الطوى وحلم أن ينال به كريم المأكل الذي استولى عليه من نعتهم الخليل بالنبلاء والشرفاء من أمثال يحيى ولد وقف ومن لف لفه…والأدهى والأمر أن الخليل يعرف الحقيقة حق معرفتها لكنه لا يكتفي بالسكوت عنها فقط بل يتجاوز ذلك إلى البوح بعكسها “كأنما الأرض فرت من ثوانيها” الأمر الذي يجعل التساؤل عن حد قول الحق عند “أهل بلخ “أكثر وجاهة و إلحاحا من التساؤل عن حد الزهد عندهم ؟!

وفي جانب يسير من الحقيقة التي يسكت عنها الخليل أن هؤلاء الذين ينافح عنهم كانوا يربئون بأنوفهم عن رائحة مسيلات الدموع إذا تعلق الأمر بارتفاع الأسعار ونهب المال العام وتجويع الشعب ،لكنها أنوف تصبح ذات شمم واستعداد لاستنشاق آلاف مسيلات الدموع عندما يتم المساس بمسيلات اللعاب من مصالحهم الشخصية وكراسيهم وامتيازاتهم التي تعودوا بناءها على أنقاض هذا الشعب ومن أسلابه ،وقد بلغت بهم الوقاحة حد مطالبة هذا الشعب بالنزول معهم إلى شوارع قتلوه فيها بالرصاص الحي حين نزل مطالبا بأبسط حقوقه وعمروها قصورا وخزائن مما سرقوا من دماء شرايينه وعرق جبينه ،فيا للمفارقة !!

ويرمي الخليل إلى”صحوة ضمير”مفاجئة لا يراها غيره حين يقول: “أن يسبح رجال شرفاء آخرون ضد تيار جارف من ترغيب السلطة وترهيبها ومن ضغوط القبيلة والمجتمع المحلي والمصالح الآنية..”ولنا أن نتساءل عن هؤلاء الشرفاء هل هم الماركسيون الماويون الذين ديدنهم التماهي مع كل نظام عرفته البلاد مقابل أن يخولهم سلطة التصرف في البلد تصرف المالك في ملكه ؟،وهل هم الاسلامويون الانتهازيون الذين قبلوا الجلوس مع الصهاينة على نفس القصعة ومشاركة رموز الفساد ذات الوليمة مقابل حقيبة وزارية يتيمة ودورة تدريبية لأطرهم على يد الشيوعيين ورموز الفساد في فنون أكل المال العام والتحايل على مصالح الشعب ؟ ،وهل هم حركة الحر التي أبدع وزيرها عثمان ولد يالي في التحول بين عشية وضحاها من ضواحي مقاطعة الميناء إلى أفياء قصور تفرغ زينة دون سابق تدريب وإنما اعتمادا على مجرد الموهبة والبديهة في نهب المال العام ؟

هؤلاء هم من يضفي عليهم الخليل صفة الشرفاء الرافضين لترغيب السلطة وضغوط القبلية والمجتمع!!

ونحن لانعدم نقطة اتفاق مع الخليل النحوي في أننا “..أفرطنا في التفاؤل يوم حسبنا وحسب العالم معنا أن موريتانيا جديدة قد ولدت في انتخابات مارس 2007. ثم لم نلبث أن أدركنا أن المخاض انتهى بإجهاض، أو أن المولودة وئدت، وهي بعدُ في المهد” ذلك أننا وضعنا الثقة في غير محلها في يد من وهبها رخيصة لطغمة المفسدين وحثالة المفلسين على صعيدي السياسة والتسيير الاقتصادي ضاربا عرض الحائط بأصوات أغلبيته ومصما أذنيه عن أنات شعبه المكلوم ومغمضا عينيه عن مبررات ودواعي وجوده في السلطة ومنشغلا برحلات سياحية أشير عليه بها كلفت خزينة الدولة مالا طاقة لها به ،ذلك هو المخاض وتلك هي المولودة ،فمن المسئول عن الإجهاض ؟

ويختم الشيخ الخليل مقاله بالتحريض أوالتحذير ــ لا أدري ــ من بعاث، وبسوس، ودا حس وغبراء، ونحن نطمئنه أن ينام قرير العين لأن الجنرال محمد ولد عبد العزيز، الذي يسميه الثور الأسود، يحتفظ للموريتانيين بالكثير من الإنجازات ،كما يحتفظ للمرجفين بالمزيد من خراطيم المياه المثلجة والزهور الكفيلة بجعل نار حقدهم لا تجد ما تأكله سوى صدورهم .

بوننا سيدي أعثيمين.

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button