مقالات

المكيافيلية الموريتانية/ محمد ولد بابـاه ولد ديداه ـ اسبانيا/mohamedoulddeidah@yahoo.es

عندما تسخر اموال الشعب لشراء ذمته … ويظهر المفسد على أنه المصلح , وتغتصب الديمقراطية وهي بنت الثلاثة عشر شهرا , وتستنزف احتياطات البنك المركزى من العملة الصعبة , الضمانة الوحيدة لقيمة العملة الوطنية , وتسحب ودائع صندوق الأجيال القادمة , وتوضع سيادة الدولة فى المزاد العلنى , وتنتهك حرمات اصحاب الضمير, وتتأخر رواتب الموظفين , ويفرض الحصارعلى السلطة والشعب , ويعمل على إفلاس الدولة , وتعاد القبلية والجهوية بالترغيب والترهيب .

كل ذالك لأجل الإحتفاظ بالحكم !!!.

فهل يعد ذالك تطبيقا للقاعدة المكيافيلية الغاية تبرر الوسيلة ؟ وهل قرأ الجنرال كتاب “الأمير” لنيقولا ميكيافيللى كما قرأه غيره من جبابرة وطغاة العصر الحديث ؟ امثال “موسيلينى” الذى اختاره موضوعا لرسالة دكتوراه ايام الدراسة , كما أن “هتلر” كان يضعه قرب سريره ويقرأه كل ليلة قبل أن ينام , و يحكى أن “لينين واستالين ” قد تتلمذا ايضا على مكيافيللى .
فماهو ميكيافيللى موريتانيا ؟ وماهي مكيافيليته ؟.
منذ خمسامائة عام ونيف كتب نيقولا ميكيافيللي كتابه (الأمير) على هيئة قواعد للسلوك يجب أن يتبعها الأمير أو الحاكم المستبد، حتى يديم سيطرته على البلاد والعباد

وبعد قراءة الكتاب بتمعن ومراجعة دقيقة لسياسة الجنرال يتضح جليا ان صاحبنا قد طبق بعض فقرات الكتاب بالحرف الواحد سواء فى سياسه الداخلية أو فى سياسته الخارجية كما أوصى ميكيافيللى أميره بذالك .
حيث يقول ” إن على الأمير أن يكون ثعلبا واسدا فى ذات الوقت لأنه إذا كان مجرد ثعلب عجز عن التعامل مع الذئاب والغابة الدولية مليئة بالذئاب , وإن كان مجرد أسدا عجر أن يتبين ما ينصب له من فخاخ والغابة الدولية مليئة بالفخاخ .
عليك أن تبدأ بأسلوب الثعلب فإن لم يفلح اسلوب الثعلب فى قطف عنقود العنب فاليسمع زئير الأسد أي ان لم تجد الدبلوماسية فلتدق طبول الحرب ” .

هذا ما نراه تماما عند الجنرال المكيافيللى الذى بدأ بسياسة الثعلب المكر والخداع فى أول خطاباته حيث رفع راية مكافحة الفساد وحل مشاكل الموطينين , وشن حربا اعلامية معكوسة على الفساد والمفسدين لأجل تثبيت حكمه , وعندما رأى الغابة الدولية مليئة بالفخاخ ـ حيب رأي ميكيافيللى ـ كشر عن أنيابه متبعا بذالك اسلوب الأسد القائم على القوة والعنف والبطش , مستعينا برموز الفساد الحقيقيين الذين افلسوا شركات ونهبوا بنوكا واستحللوا المال العام واعاثوا فى الأرض فسادا .

ويتابع صاحبنا فى قراءة الكتاب ـ أو يتابع من يقرأ عليه الكتاب ـ بتطبيق القواعد الميكيافيلية التى يمكن أن تساعد فى تثبيت حكمه المهتز . ومن أهمها فى رأي مكيافيللى , البطش بالمعارضين والذى نفذه البليس السياسى للجنرال , نيابة عنه بحق قادة الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية مع أن اغلبهم برلمانيون منتخبون لم تشفع لهم حصانتهم البرلمانية, ولا تقدمهم بعضهم فى السن , ولا سلميتهم فى التحرك تجنب الغازات المسيلة للدموع , ولم تسلم الصحافة هي الأخرى من أن تطالها يد الظلم تلك , ولا أن تسلم من زيارة السجون رغم أن هناك اقلاما جنرالية مسلطة على كل من نبس قلمه بكلمة حق .
ولكن لم لا ؟ والجنرال تعود على دهس الدستور بحذائه ولم يسلم منه رئيس الجمهورية المنتخب .

ويضيف مكيافيللى فى فقرة أخرى ” أنا لا ألوم الحاكم الرومانى روميلوس الذى قتل أخاه وشريكه فى الحكم لينفرد بالسلطة ويوطد سلطانه, ولا ألوم الرومانى الآخر بروتس الذى حكم على أولاده الخمس بالموت لكي يستمر عرشه , فإذا كانت الواقعة أي القتل تتهمه فإن الغاية النبيلة أي دوام سلطانه تبرؤه”.

وقد تكون هذه الفقرة من الكتاب هي ما اعتمد عليه الجنرال واعوانه فى محاكمة السيدة الأولى منت البخارى ومن طالتهم ايادى الظلم تلك , لكن ليس عليهم سوى الحمد عندما لم يطبق فيهم الجنرال حكم “بروتس” فى أولاده الخمس .
وبعد أن عاد السيد احمد ولد داداه الى صوابه واكتشف زيف الوعود العسكرية لا شك أنه سينال جزاءه من العقاب ولو لحين , ولكننى اقول للسيد احمد ليس العيب فى أن يخطئ المرء ويصحح خطأه , ولكن العيب فى أن تخطئ وتتمادى فى الخطإ.

وفى الختام سيدى الجنرال اختم بقول ميكيافيلى فى نفس الكتاب:” لا ريب أن هذه التجربه بالغة الخطورة ، إذ انها لا تقع للأمير إلا مرة واحدة (يفقد بعدها منصبه وربما رأسه). ولذا فأن الأمير العاقل سيبحث عن السبل التي سيشعر بواسطتها المواطنون ، في كل حين ، وفي جميع الأوضاع الممكنة، بالحاجة الى قيادة الامير لهم فيخلصون في الولاء له ” .

مواضيع مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button